صانع ومقدم أشهر برنامج تلفزيوني في أميركا يتقاعد.. تاركا المجال للطاقات الشابة

 

 

 

مايك والاس يترك «60 دقيقة» بعد أن احتضنه 38 سنة

برنامج «60 دقيقة» (60 minutes) التلفزيوني بدون مايك والاس؟ الأمر يشبه بالضبط برنامج «اوبرا» بدون مقدمته اوبرا وينفري. لكن والاس، 87 سنة، أكد أن هذا الموسم سيكون آخر موسم له في البرنامج الذي يعد من أشهر البرامج الإخبارية التلفزيونية في الولايات المتحدة وتبثه شبكة «سي. بي. اس».

وقال والاس من شقته في نيويورك انه يريد التقاعد طبقا لإرادته. وأكد انه سيبقى مع الشبكة لتقديم موضوعات إخبارية بين الحين والآخر. إلا أن شائعات انتشرت في شبكة «سي بي اس» وفي اوساط التلفزيون تشير الى ان فكرة التقاعد، ليست فكرته، وان رحيله جزء من عملية إبعاد للشخصيات الكبيرة في السن بهدف السماح للوجوه الشابة لأخذ فرصتها. لكن والاس يرد على هذه الشائعات بقوله: «يا الهي، لا». وقال في بيان مكتوب ان «سي بي اس لا تحاول التخلص مني». وأوضح أن الأمر الوحيد الذي يستطيع قوله انه عقد اجتماعا مطولا مع رئيس الاخبار في الشبكة شون ماكانوس «واتخذت قراري».

وقال انه سيستمر في الحضور الى المكتب، وان كان مكتبا مختلفا عن الذي شغله لعدة عقود من الزمن. وأفاد بان لديه العديد من الموضوعات في مرحلة الاعداد و«سيذيعها في الخريف المقبل».

ويجسد والاس، أكثر من أي شخص آخر، برنامج «60 دقيقة» بتقاليده الطويلة الامد. فمظهره، بالرغم من التجاعيد، لا يزل يبدو شابا ومتحمسا حول العينين، وصوته القوي، لا يزال واحداً من الاصوات المميزة في تاريخ الاذاعة.

وفي كتابه «بينك وبيني» قال والاس: «لدي ميزة سعيدة في انني المراسل الوحيد الذي عملت في برنامج 60 دقيقة في كل عام منذ تأسيسه». ويشار الى ان والاس كان، مع وهاري ريسونر كبير المراسلين في الشبكة، بدآ تقديم البرنامج منذ انطلاقه عام 1968. وفي جزء آخر من الكتاب، وفيما يصفه والاس بأنه «كلمة أخيرة من رجل عجوز» لا يبدو انه على استعداد للرحيل، قال إنه مستمر في العمل «لأنني لا اعرف ماذا سأفعل» في حال ترك البرنامج.

الا ان قطاع التلفزيون الاميركي يشهد منذ فترة جهدا كبيرا للتخلص من الشخصيات القديمة الأكبر سنا وإبدالها بشخصيات شابة، وهي تحركات تهدف الى جذب المشاهدين الشبان. ومن بين الشخصيات الشابة في برنامج «60 دقيقة» لارا لوغان وهي شابة جذابة من مواليد استراليا وكانت تعمل في مكتب الشبكة في لندن وانتقلت الى المقر الرئيسي للبرنامج في نيويورك. كما ان منتج البرنامج الآن هو جيف فاغر الذي لا يزيد عمره عن 50 سنة. وقال فاغر في بيان ان «مايك والاس كان قلب وروح البرنامج» منذ بداية بثه، وكان ملايين من الاميركيين يقبلون على البرنامج لمشاهدته ومعرفة الاسئلة التي سيطرحها كل أسبوع».

ويعتقد أن كل شيء في شبكة تلفزيون «سي بي اس»، وضع في حالة استعداد لكاتي كوريس مقدمة برنامج «اليوم» في شبكة تلفزيون «ان بي سي» المتوقع ان تقدم «نشرة اخبار سي بي اس» بعد انتهاء عقدها مع «ان بي سي».

ويتذكر والاس أوقاته المفضلة في تقديم برنامج «60 دقيقة» قائلا ان اللحظة التي لا ينساها هي التي ظهر فيها، على الهواء وبالصوت فقط، مع هيويت وريسونار، عام 1968 في العاشرة من مساء الثلاثاء بعد فيلم في «ام بي سي» و«ماركوس ويلبي» على «أي بي سي». لم يشاهد كثيرون العرض ونتيجة لذلك ظلوا يحاولون على مدى خمس سنوات «معرفة من نحن وماذا نريد ان نفعل»، على حد قول والاس. وهيويت هو دن هيويت المنتج التنفيذي للعرض الاصلي والزميل السابق للإعلامي البارز ادوارد مورو بشبكة «سي بي اس» 

وتحويل العرض الى السادسة من مساء الأحد كان ضربة حظ، اذ ان هذا الوقت هو الذي حددته لجنة الاتصالات الفيدرالية ليكون مخصصا لبرامج الأخبار او عروض الأطفال. وفي نهاية الأمر جرى تحويل برنامج «60 دقيقة» الى الساعة السابعة مساء، وهو الوقت الذي ظل يعرضه خلاله منذ ذلك الوقت حتى الآن. ويقول والاس ان البرنامج اصبح في صدارة قائمة البرامج الاكثر مشاهدة خلال فترة نقص الوقود في الولايات المتحدة لأن «الناس كانوا يفضلون البقاء في منازلهم لمشاهدة التلفزيون مساء الأحد لأنهم لا يملكون وقودا كافيا يسمح لهم بالخروج».

ويقول والاس ان الفضل يعود الى رئيس شبكة «سي بي اس نيوز»، ريتشارد سالانت، ويضيف قائلا انه كان هناك الكثير من التشكيك في شخصه لأنه فعل أشياء لم يكن يفترض في مراسلي «سي بي اس» ان يفعلوها. فقد كانت الجهة الراعية للبرنامج شركة منتجة للسجائر وكانت تعرض بعد نهاية البرنامج إعلانات تجارية لشركات تنتج السجائر.

للمفارقة اصبح التدخين قضية كبرى لوالاس بعد أن ثبت أقدامه في برنامج «60 دقيقة». ونجح محامو الشركة في حمل برنامج «60 دقيقة» على مراجعة تقرير تضمن اتهامات لشركات تبغ بوضع مواد كيماوية في السجائر لكي يدمنها المدخنون. وأورد والاس في كتابه أنه فقد احترامه لهيويت عندما اتخذ قرارا بالمضي قدما في تطبيق الرقابة على التقرير. وأضاف في نفس السياق: «لم أعد انظر اليه بنفس الاحترام العميق السابق».

خلال السنوات الاخيرة لم يكن والاس من وجوه المقدمة في مناسبة شارك فيها في برنامج مع دان راثر، الذي كان يقدم في السابق «سي بي اس ايفينينغ نيوز» وعمل مراسلا لـ «60 دقيقة». ولم يعبر راثر من جانبه عن أي شعور بالمرارة. وقال راثر الذي يطلق على والاس وصف «الرجل الصعب صاحب المقابلات الصعبة» ان مايك كان منذ البداية في «60 دقيقة» ومغادرته تعد بمثابة تسليم للراية لجيل جديد في مجال البرامج والاتجاهات الجديدة لـ «سي بي اس نيوز». وردا على سؤال حول ماهية هذا الاتجاهات، قال راثر: يجب ان ننتظر لمعرفة الإجابة.

المصدر:الشرق الأوسط»- 16-3-2006خدمة «واشنطن بوست»