لماذا بعد ثلاثين عاماً نجتمع لنتحدث عن آية الله السيد حسن الشيرازي ونسمع عنه ؟ *

 

 

نص كلمة الحوزة العلمية الزينبية في الحفل التأبيني الكبير الذي أقامته الحوزة العلمية الزينبية في الجمهورية العربية السورية بمناسبة الذكرى الثلاثين لإستشهاد المفكر آية الله السيد حسن الحسيني الشيرازي والتي ألقاها الأستاذ الشيخ نجاح النويني :

 

آية الله السيد حسن الشيرازي الأسوة والقدوة

 

قال رسول الله صلى الله عليه وآله :( العلماء ورثة الأنبياء ).

( الكافي : 1ج  - ص 329)

التعريف بالمتميزين ، وتبجيل العظماء هو من منهج القرأن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، ويمليه العقل والإجماع ، بل وعليه إجماع الأمم المتعلمة الواعية المتحضرة المتقدمة الناهضة .

أ- وقد يكون ذلك التعريف أوالتبجيل قبل ولادة العظيم كما في قوله تبارك وتعالى :

(( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ))

(سورة آل عمران - الأية : 45)

((وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين)).

( سورة الصف  - الأية 6)

ب- أو بعد ولادة ذلك العظيم ، وهو صبي في المهد كما في قوله : (( فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ، قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ، وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ، وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا ، والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ، ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ))

( سورة مريم - الأية : 29-34)

ت- وقد يكون ذلك التعريف أوالتبجيل في حياة ذلك العظيم كما في قوله :

(( أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض )).

(سورة الحجرات - الأية : 2)

((وإنك لعلى خلق عظيم ))

(سورة القلم - الأية : 4)

ث- وقد يكون ذلك نفسياً أوغيريّاً أونفسياً وغيريّاً كما في :

الأحاديث النبوية الشريفة : (( أدبني ربي فأحسن تأديبي )).

( بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 16 - ص 210)

(( أنا أديب الله ، وعلي أديبي )).

( بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 16 - ص 231)

وقوله صلى الله عليه وآله لعلي ( عليه السلام ) :  (( يا علي أنا مدينه العلم ، وأنت بابها فمن أتى من الباب وصل ، يا علي ! أنت بابي الذي أوتي منه وأنا باب الله فمن أتاني من سواك لم يصل إلي ، ومن أتى الله من سواي لم يصل إلى الله )).

( وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 27 - ص 76)

وهو حديث متواتر بين الأمة .

ج- وقد يكون التعريف أوالتبجيل جمعياً أوفردياً ... جمعياً كما في قوله تعالى : (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ))

( القرآن الكريم - سورة الأحزاب - الأية : 33)

أوفردياً كما في قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : (( إنما سميت ابنتي فاطمة لان الله ( عز وجل ) فطمها وفطم من أحبها من النار.)).

( الأمالي - الشيخ الطوسي - ص 294)

(( يا سلمان أنت منا أهل البيت  )).

( جامع أحاديث الشيعة - السيد البروجردي - ج 7 - ص 372)

وقوله صلى الله عليه وآله : (( ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر.))

(علل الشرائع - الشيخ الصدوق - ج 1 - ص 177 - 178)

ح- وقد يكون التعريف والتبجيل بعد رحيل العظيم بقرون وقرون ... أي تخليد على مدى الأجيال كما في قوله تعالى :

(( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)).

(القرآن الكريم - سورة آل عمران - الأية : 33-34)

(( واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا )).

( القرآن الكريم - سورة مريم - الأية : 54)

خ- وقد يكون ذلك التعريف والتبجيل والتعظيم لمكان معين كالكعبة ، أولشئ ٍمعين كالقرآن الكريم ، أولعموم كعموم المؤمن :

كما في الكافي عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام ) قال : (( لله عز وجل في بلاده خمس حرم : حرمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وحرمة آل الرسول ، وحرمة كتاب الله عز وجل ، وحرمة كعبة الله ، وحرمة المؤمن )) والمروي : (( أن حرمة المؤمن أعظم من حرمة الكعبة )).

( مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي الشاهرودي - ج 2 - ص 271)

(( وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا )).

(سورة الأحزاب آية 47)

(( وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم )).

(سورة يونس آية2)

د- وقد يكون موضوع التعريف والتبجيل والتعظيم فعلاً معيناً كالنظر الى وجه العالم وإكرام الفقيه مثلاً :

قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (( النظر إلى وجه العالم عبادة )).

( الفقيه :ج 2 - ص205 ، الحديث 2144 )

(( منْ أكرمَ فقيهاً مسلماً لقي اللهَ يومَ القيامة وهو عنه راض )).

 ( بحار الأنوار :ج 2 - ص 44)

( العلماء ورثة الأنبياء ).

( الكافي : 1ج  - ص 329)

النصوص المقدسة السابقة أجابت على السؤال الإفتراضي الذي تقدم في بداية البحث ... لماذا بعد ثلاثين عاماً نجتمع لنتحدث عنه ونسمع عنه ؟ وماهي الغاية ؟ نعود الى القرآن الكريم :

حيث يقول الله تبارك وتعالى : (( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ،  وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم ، ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين ، وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين ، وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ، ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ، ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ، أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين ، أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين .))

( القرآن الكريم - سورة الأنعام - الأيات : 82-90 )

نعم لأن منْ أجتمعنا لأجله من أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ...أنه القدوة والأسوة الشهيد العالم الفقيه المجاهد أية الله السيد حسن الحسيني الشيرازي الذي نذر نفسه لتأسيس هذا الصرح العلمي الشامخ الذي كان ومايزال جامعة وجامعاً  يجمع أبناء الأمة ، وتوحد كلمتها ، وتعلمهم مكارم الأخلاق حيث يدرس فيها ، ودون تمييزالأسود والأبيض و من مختلف اللغات واللهجات والجنسيات والإتجاهات والفئات وفي صفوف واحدة ، وغرف سكنية واحدة في الأقسام الداخلية فيتدربون على التعايش والتسامح والتعاون وإذا تفقهوا في الدين رجعوا إلى بلادهم ليكونوا شعبياً حلقة وصل بين أوطانهم وسوريا الأبية المضيافة التي درسوا فيها ، ولينذروا قومهم ، و يدعوهم الى سبيل الرب الرؤوف الرحيم بالحكمة والموعظة الحسنة لتكريس فهم أحسن للدين يضمن الحياة الأفضل في الدنيا والأخرة ، وذلك إمتثالاً لقوله تعالى :

( فلولا نفر - من كل فرقة منهم - طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون )

(سورة التوبة - آية 122)

( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) .

(سورة النحل - آية 125)

.........................................................................................

* الكلمة مقتطفة من دراسة  للمهندس فؤاد الصادق حول تبجيل العظماء