الحكومة الاردنية : لؤم دائم!!

 

 

محمد حسن الموسوي

 

 

المقصود بالاردن هنا النظام السياسي واجهزته القمائة وليس الشعب، وان كانت تلك الاجهزة وذاك النظام يديره افراد من الشعب ولكن من غير المنصف وصف شعب بأكمله باللؤم رغم كثرة الحكايات والقصص والطرائف المتداولة عن خساسة بعض الامم ولؤم ونذالة بعض الشعوب .

ومن تلك الطرائف واللطائف واحدة تقول ان الاردني حينما تلده امه لايبكي كما يفعل بقية خلق الله بل يصرخ (مصاري مصاري مصاري) اي فلوس فلوس فلوس هذا هو اول ما ينطق به الاردني على حد تعبير تلك النكة. ويقينا انها نكتة غير حقيقة لكنها ذات دلالات ومعاني كثيرة لاتخفى على كل ذي لب.

ومن تلك المعاني تعلق الاردنيون بالمادة، وحبهم الشديد للمال، ولهذا التعلق الشديد اسبابه التي قد تكون مفهومة ومقبولة، ولكن ما لايمكن قبوله هو اللؤم الذي يتسم به النظام الاردني ومحاولته المتاجرة بكل القضايا والاستفادة من كل التغييرات التي تحدث في المنطقة حتى بات الاردن كالمنشار (صاعد واكل،نازل واكل) على حساب مصائب الاخرين ومن دون مراعاة لشعورهم .

يكاد يتفرد الاردن بميزة عن كل دول المنطقة وهي تأقلمه السريع مع كل المستجدات، واستفادته من كل التطورات التي تحدث حوله او في الدول الجارة له حتى قال عنه أحد مسؤوليه الكبار (اننا بلد يعيش على مصائب الاخرين). ورغم فقر هذا البلد، وعدم توفره على اي مصادر للدخل او ثروات الا انه استطاع البقاء على قيد الحياة، ليس بسبب حكمة من يقوده كما قد يُتصور بل للؤم السياسة الاردنية وانتهازيتها. وافضل مثل يمكن ان يوصف به ساسة الاردن هو الذبابة، فعلماء الحشرات يؤكدون ان الذبابة انظف حشرة رغم نقلها للميكروبات والسبب في ذلك ليس لانها تحب النظافة بل لانها تلق بقاذوراتها على الاخرين وفي نفس الوقت تعيش على غذائهم  وساسة الاردن ذباب بمعنى الكلمة. فهم وفي الوقت الذي يرسلون لنا بقاذورات الشعب الاردني  من مجرمين وقتلة كالارهابي رائد البنا ليفجر نفسه بالعراقيين الابرياء في الحلة وغيرها من المدن، تراهم يعيشون على النفط العراقي والمال الخليجي ويبنون بلدهم الذي وصفه الرحالة بالقول (بلد بحره ميت وميناءه عقبة).

وتعالوا معي لنستقرء المواقف الاردنية التي تثبت ما زعمناه. وهنا سوف لن اتحدث عن الكيفية التي نشأت وتكونت فيها ما بات يعرف بالمملكة الهاشمية الاردنية، ولن انفض التراب عن المواقف الاردنية من القضية الفلسطينية والدور الاردني القذر في ضياعها، وكذلك لن اتحدث عن ما قام به اجداد الملك الحالي حتى لايقال عني ( يدور دفاتر عتك) على حد تعبير العراقيين بل سوف اتحدث  وباختصار عن المواقف الاردنية ابتداءاً من اندلاع الحرب العراقية الايرانية والى موقف الاردنيين من قضية اللاجئين العراقيين لديها الان .

ماذا كان موقف الاردن من حرب الثمان سنوات التي أكلت الاخضر واليابس في العراق وايران؟ اظن ان الجميع يتذكر انتهازية الملك الاردني الراحل وصبه الزيت على نار الحرب المشتعلة  بين البلدين الجارين.

الكل يتذكر كيف اطلق  الملك حسين بن طلال قذيفة مدفع تجاه الايرانيين ايذانا منه (بوقوفه)  مع الشقيق (العربي) في حربه ضد العدو (الفارسي المجوسي). اتعلمون ماذا كان ثمن هذه الاطلاقة؟ كان ثمنها مائة الف برميل من النفط العراقي المجاني للاردن يوميا، ومثلها باسعار تفضيلية.

وماذا ايضا؟ بناء ميناء العقبة وتوسعته بالاموال العراقية من اجل ان يستوعب السفن المحملة بالعتاد والاسلحة القاتلة لمد الجيش العراقي في حربه الضروس دفاعا عن البوابة الشرقية!

وماذا بعد؟ منح الاردن مساحة من الاراضي العراقية الغنية بالفوسفات من جهة الانبار ومن يركز في الخارطة العراقية سيكتشف ذلك ومن دون عناء يذكر. وماذا ايضا ؟ تخويل الاردن وشركاته استيراد المواد المطلوبة لادامة سعير تلك الحرب بالنيابة عن العراق مقابل مبالغ هائلة كعمولات ( كوميشن) متورط فيها الملك الاردني الحالي بحسب وثائق المخابرات العراقية السابقة والتي عثر عليها العراقيون بعد سقوط نظام صدام والقائمة تطول .

هذا فقط ثمن اطلاقة ماكرة عبرت عن موقف انتهازي ولئيم من حكام الاردن. وحينما عوتب الملك حسين على فعلته الشنيعة تلك بررها بالقول ( ان صدام خدعه وقال له سنذهب لحضور مناورة بالسلاح الحي وطلب مني_ والكلام للملك حسين_ ان اطلق قذيفة واتضح بعد ذلك اننا كنا في الجبهة العراقية الايرانية).

من يصدق ذلك، صدام يخدع الملك حسين؟ يبدو ان  السنوات التي قضاها الملك في دراسة  العلوم العسكرية  في ارقى الجامعات البريطانية  لم تسعفه في التمييز بين المناورة بالسلاح الحي وبين التواجد في  جبهة القتال! ولا ادري هل هو خلل الجامعات البريطانية العسكرية العريقة التي خرجت العظماء من امثال مونتغمري وتشرشل، أم خلل الملك الاردني الذي لم يستوعب دروس تلك الجامعات جيدا!

ودعونا نطوي صفحة الحرب الايرانية العراقية ومآسيها وننتقل لما بعدها . اتعلمون كيف استفادة الاردن وحلب العراق من جديد؟ لقد شجع العراق وتشجع في تأسيس ما سُميَّ بـ (الاتحاد العربي) الذي ضم بالاضافة الى الاردن والعراق، دولتين عربيتين في غاية الفقر والبؤس هما مصر بلد الكنانة واليمن السعيد بالقات.

وتحت يافطة هذا الاتحاد ابرمت الاردن العديد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية مع العراق. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو مالذي يمكن ان تصدره الاردن للعراق؟ هل لديها النفط؟ كلا. هل لديها صناعات ثقيلة كي تصدر للعراق فائض انتاجها؟ كلا . اذن مالذي ستقدمه الاردن بتلك الاتفاقيات؟

الحقيقة ووفقا لمحاضر تلك الاتفاقيات اتضح ان ظاهرها التعاون التجاري والاقتصادي وباطنها امني اي يدفع النظام العراقي المقبور ما يسرقه من اموال شعبه للاردن مقابل خدمات امنية يقدمها النظام الاردني اليه، وايضا مقابل مواقف اعلامية وسياسية داعمة له وهذا ما يفسر وقوف الاردن مع النظام البائد في احتلاله للجارة الشقيقة الكويت.

وماذا حصل بعد سيناريو احتلال الكويت وهزيمة صدام وجيشه الجرار وتدمير العراق واقرار الحصار عليه؟ الذي حصل هو تأقلم الاردن مع الوضع الجديد واستفادته من ذلك الحصار الغاشم عبر تسهيله عمليات تهريب وبيع الاسلحة للنظام البائد وتشديده الحصار على الشعب العراقي  المسكين وكذلك تحوله - اي الاردن - الى (الرئة ) التي يتنفس منها النظام البعثي البائد، واستفادته الى اقصى الحدود من برنامج (النفط مقابل الغذاء) وكذلك مشاركته بعمليات غسل اموال ازلام النظام، فضلا عن تورط بعض اركان النظام الاردني بصفقات بيع اسلحة وصفقات مشبوهة  وتورط الكتاب والصحفيين الاردنيين بفضيحة كابونات النفط..

وبعد سنوات من الحصار العجاف، وبعد ان بدأت علامات انهيار النظام وافول نجمه تظهر في سماء المنطقة، خلع الاردن جلده الموالي للنظام البائد وبدأ ينسق مع المخابرات الامريكية في تسهيل عملية الاطاحة بنظام صدام فكان استقباله لصهري الديكتاتور صدام وهما كل من الاخوين حسين وصدام كامل بداية نهاية الزواج السياسي النفعي بين الاردن والنظام البائد، وأيذانٌ اردنياً بركوب موجة الاطاحة بصدام، فكان نتيجة هذا الموقف الاردني الانتهازي واللئيم هو ان فتحت البنوك الاردنية ابوابها وحساباتها للاموال العراقية المسروقة والتي حملها  صهري صدام في رحلة الهروب، والتي بلغت ثمانية عشر مليار دولار الامر الذي كان فوق طاقة البنك المركزي الاردني، وفوق طاقة الاردن الذي دخلته سيولة نقدية ماكان ليحلم بها.

وبعد ذلك حدث ماحدث وعاد صهري صدام الى بغداد ليقتلا بعد ساعات من عودتهما وتركا خلفهما الاموال التي سرقاها في المصارف الاردنية حيث لم يكن بوسع النظام المطالبة بها.

ونصل الى مرحلة ما بعد تحرير العراق وسقوط نظام صدام فكيف كان الموقف الاردني من ذلك؟

كانت الاردن اول الدول المستفيدة من التغيير. فقد شاءت الظروف ان تكون القاعدة الخلفية لاعداد وتدريب قوى الجيش والشرطة العراقية الجديدة مقابل ملايين من الدولات عن ذلك التدريب الفاشل والاعداد البائس، بالاضافة الى انها باتت المعبر الرئيسي من والى العراق حيث جنت وتجني المليارات كضرائب .

واكثر من ذلك الاستفادة من الهجرة المليونية للعراقيين بسبب الارهاب التي ساهمت هي في تصديره الى العراق عبر أثارت ملكها الحالي لفتنة ماأسماه بـ (الهلال الشيعي) والمبني على تصورات واوهام لاصحة لها على الواقع،فكانت هذه الفتنة السبب في تشجيع مواطنها الزرقاوي وبقية الارهابيين التكفيريين على الذهاب للعراق لقتال (الشيعة الروافض) وذلك لمنع تأسيس (الهلال الشيعي ) مما ادى بدوره الى الهجرة المليونية، وهروب رؤوس الاموال العراقية واستقرارها في الاردن، فضلا عن الاموال المهربة اصلا بواسطة البعثيين وازلام النظام البائد وعائلة الطاغية النافق والذين فتحت لهم الاردن ذراعيها واحتضنتهم لاحبا بهم بل طمعا بما عندهم من الاموال من ناحية، ولإستغلالهم كورقة سياسية لأبتزاز العراق من ناحية أخرى، وهو ما تفعله اليوم برفضها تسليم المطلوبين للعدالة العراقية ومنهم ابنة صدام والتي صدرت بحقها  أخيراً مذكرة اعتقال من الانتربول الدولي.

لكن كيف قابل الاردن هجرة العراقيين اليه؟

قابلها بمواقف اقل ما يقال عنها لئيمة، حيث راح يتاجر بمأساة اللاجئين العراقيين، وبدلا من ان يعمل النظام الاردني على الترحيب بهم وتكريمهم والتعامل معهم وفقا للأتفاقيات الدولية وهم الذين وفروا له مليارات الدولارات، فأنه راح يعاملهم بلؤم وخسة ونذالة من خلال التضييق عليهم، والتلويح بطردهم، وعدم توفير الحماية القانونية لهم حيث يتعرض العراقيون في الاردن يوميا الى عمليات استغلال وابتزاز مستمرة من الاردنيين سواء على المستوى الشعبي او الرسمي، وبطرق مختلفة ومواقف متنوعة، وآخر تلك المواقف اللئيمة هي افشال النظام الاردني  المتعمد  لمؤتمر دعم اللاجئين العراقين الذي اقيم قبل ايام على اراضيه، وذلك لانه ُطلب منه ان يقوم بواجبه الانساني والاخلاقي والقومي والديني و(الصخام والزفت) تجاه محنة (اشقاءه) اللاجئين العراقيين لكنه اصر على موقفه اللئيم، ورفضه القيام بأي  من تلك الواجبات بلاثمن رغم انه بُني من خيرات العراق وكرم العراقيين. وصدق من قال :

وان انت اكرمت الكريم ملكته   وان انت اكرمت اللئيم تمردا.

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا و دون تعليق.

المصدر: المثقف السياسي-21-8-2007