هل تخطط السعودية لإعادة رسم خارطة الجنوب العراقي؟!!

 

 

محمد الطائي

 

 

اغتيال المحافظين و الدور السعودي إلى أين ؟

بات من اللامنطق تفسير المواقف والاتجاهات الحادة التي تعصف بمفاصل العملية السياسية في العراق على أنها اختلافات في وجهات النظر أو على أساس نوايا طيبة هدفها خدمة العملية السياسية ولكن من زوايا متعددة .

أن المتتبع للعديد من التصريحات السياسية و التي تنطلق من دول الجوار العراقي المنقسمه على المشروع السياسي و المتوحدة بالأساليب الدموية يكتشف سريعا أن هناك أهداف لا يمكن غض الطرف عنها تتصارع في سباق مع الزمن من اجل تحقيق نصرا ما أو أظهار نفوذ في هذه المنطق أو تلك الغرض منه إفهام الطرف الآخر وهي دولة جوار أخرى أنها فشلت في مشروعها مقابل جهود تلك الدولة الأخرى وكل هذه يجري تحت الضوء فلا شيء يغيب في حسابات هذه المعركة إلا مصير العراق وشعبه فقد أكدت تلك الدول الساعية لتعزيز نفوذها على أن العراق سقط من حساباتها و ما يجري من أحداث لا ترمي إلا إلى تعزيز مواقف دولة جوار ضد دولة جوار أخرى .

تسارع وتيرة الإحداث السياسية في العراق في الآونة الأخير و قرأت تلك الدول لهذه المنعطفات التي تمر بها العملية السياسية حسب أجنداتها المتعارضة فقد تباينت تلك القراءة بين من يقرأها على أنها حكومة مترنحة وهزيلة تعاني توقفات على كل الصعد و الأماكن و دولة أخرى ترى أنها حكومة صامدة مصره على السير قدما في مشوارها الذي ابتدأته دون تراجع و في المقابل كثفت تلك الدول من ممارساتها بالشكل الذي يخدم أهدافها ويصب في مصالحها و بالأسلوب الذي توحدت فيه كل الإطراف المجاورة.

فمنذ عام 2003 واغلب الدول العربية والإسلامية تقف بالضد تماما من رغبة العراقيين وقد عبرت هذه الدول و لاسيما دول الجوار بمناسبة و بغيرها عن مواقفها و امتعاضها بالشكل الذي لا يترك مجالا للشك في ذلك وقد تناقلت وكالات الإنباء تصريحات رسميه و غير رسمية عن تلك المواقف و السياسات التي ترمي إلى إفشال العملية السياسية الجارية في العراق وقد تجرأت أحيانا بالمطالبة بإعادة الأمور إلى ما كانت علية ولعل أكثر تلك التصريحات استغرابا وقوة ما كانت الدبلوماسية السعودية حريصة على إظهاره في غير مره و دون تردد .

أن الدور السعودي كبير و مؤثر في مجريات الإحداث في العراق كما وان للسعودية مواقف أخرى أكسبتها شهرة وخبرة في المنطقة ولعل من أوضحها ما قامت به السعودية في لبنان و فلسطين طيلة الفترة الماضية عزز من ظهورها كدولة متحكمة وقائدة في نفس الوقت فالدور السعودي في تلك الدول ومواقفها من تلك القضايا و ما آلت إليه نتائج تلك الأدوار يجعل من العبث القول أن ليس للسعودية رؤية و استراتيجية تنسج خيوطها بمهارة وخبث شديدين تنبأ عن مخاطر جسيمة.

من المعروف أن السعودية أكبر دول منطقة الخليج وقد اشتكت دول الخليج مثل الكويت و قطر وغيرها من الدول الخليجية الأخرى وحتى اليمن في السابق من تطلعات السعودية وسياساتها التوسعية في المنطقة وتذمر تلك الدول من هذه السياسية السعودية لم يتوقف إلا بعد إجراءات و تحالفات سياسية مع دول كبرى من خارج المنطقة فالتحالف الكويتي الأمريكي و القطري الأمريكي وغيرها من الاتفاقات مع دول الخليج الأخرى وقد أخذت هذه التحالفات أشكالا مختلفه فمنن دفاع وحماية لعقد من الزمن إلى استضافة قواعد عسكرية دائمة في أراضيها وليس هناك ما يبرر تلك التحالفات التي استمرت حتى بعد سقوط نظام صدام إلا مخاوفها القديمة من النفوذ و الهيمنه السعودية في المنطقة و تطلعاتها التوسعية في الماضي والتي أدت إلى رسم حدودها مع اليمن والذي سبقت تلك الجان الحدودية اشتباكات عسكرية و دعم وتدخل بالساسة الداخلية فاليمن عانى كثيرا من هذه الجارة الجائرة و المسثتمره لكل انقساماته الجغرافية و السياسية و الاجتماعية.

الدور السعودي في جنوب العراق

لم ينحصر دور السعودية في العراق في مواقف الحكومة السعودية من عدم القبول بما انتهت إليه الحرب في العراق أو في رفضها استقبال رئيس الوزراء نوري المالكي و توجيه الاتهام له بالعمالة لإيران وإبرازها لوثائق تدين المالكي بالتجسس لصالح إيران للأمريكان الذين قالوا عنها أنها وثائق مزورة وقبولها ودعمها لشخصيات دون أخرى و تبنيها واحتضانها لمؤتمرات طائفية وشخصيات من خارج العملية السياسية أو من داخلها تعمل ليل نهار في صب الزيت على النار.

ولم يقتصر فقط على تصريحات المسؤولين السعوديين ناهيك عن مواقف رجال الدين والفتاوى المحرضه و المشرعة للإرهاب في العراق بل مارست جانب كبير ومهم آخر في دعم مالي ولوجستي يتأتى من السعودية و من خلال قنوات مختلفة و بشكل يثير الدهشة و الفزع فقد كشفت الكثير من الصحف العالمية و المحلية الكم الكبير من الانتحاريين السعوديين وان السعودية ستتدخل في العراق وأنها ستستخدم الاموار أو الأسلحة أو قوتها النفطية في دعم مجموعات سنية كما صرح ذات مرة احد السعوديون وقد علل ذلك من أن عواقب عدم التدخل أسوء بكثير من قيام حرب إقليميه في المنطقة كل هذا يأتي من دولة قامت بصياغة ( وثقة مكة ) و فتح سفارة مؤخرا كان ينظر لها على أنها جارة و حريصة على أمن و استقرار المنطقة.

اغتيال المحافظين في الجنوب

لماذا الجنوب سؤال يلح علينا كل مرة الجنوب أمن من الذي أوقف فيه حركة الأعمار الجنوب كتلة متجانسة لماذا تتخلله إعمال الإرهاب الجنوب مركز الثروة لماذا تبدد ثرواته وتنهبه عصابات التهريب والى غير ذلك مما يثيره الجنوب في كل تفاصيل نشرة اخبر .

الجنوب بؤرة توتر هكذا تريده السعودية أو تنوي فعله في الجنوب تواتر التقارير الرسمية و الصحفية في كل مره على أن هناك أيادي خفية تريد النيل من هذه الجنوب أو تستحوذ عليه تشير التقارير التي ملئت بالدماء العراقية من الجنوب و عدد القذائف التي تسقط على المدنيين و عدد لا بأس به من العبوات الناسفة و أخبار التهريب و التزوير و المتاجرة بالمخدرات و غيرها مما تناقلته وكالات الإنباء و التي زودتنا أخير بمسلسل قتل المحافظين في الجنوب في الدوانية و السماوه كما حدث بالأمس وفي اعتقادي لن يتوقف هذه المسلسل إلا بعد أن تكتمل الظروف التي تهيئا السعودية و التي ترمي إلى زعزعة أمن المنطقة من خلال حرب إقليمه في الجنوب و الذي تعول عليه السعودية كثيرا و تخطط له من زمن ففي قراءة سياسية سريعة لما يجري في العراق تتضح ملامح الفكرة التي تدور خلف الكواليس السعودية أو بوضوح في غرفة العمليات التي أعلن عنها ذات مرة لمتابعة التطورات في العراق و مفاد هذه الفكرة أن التقارب الحذر بين إيران و أمريكا يربك القيادة السعودية و التي فقدت قوتها وهيمنتها حتى على بعض الدول الصغير في الخليج و يعيد للأذهان سباق الهيمنة على الخليج ( شطي الخليج ) كما وان التدخل السوري في لبنان كان المثال الناضج في عقلية صانع القرار السعودي فالتجربة السورية و اللبنانية و التي كلفت السعودية الكثير من الوقت و المال للتخلص من هذه الهيمنة دفع بصانع القرار السعودي أن يعيد حساباته في تدخله بالشكل الاستباقي في المنطقة فالعراق كما تراه العقلية السعودية مشروع حرب أهلية و يأتي قرار الأمم المتحدة الأخير خطوة مسرعة للمشروع السعودي فالأمم المتحدة و آلية عملها في فض النزاعات ستلجأ بالتأكيد إلى قوات متعددة الجنسية و كمراقب سياسي يجد المرء هذه المرة أن هناك أشارات واضحه من امكانة دخول قوات من دول إسلامية وكما بين قرار الأمم المتحدة آلية العمل في إعادة رسم حدود للمحافظات و أجراء تغييرات دستورية و شدد على أهمية أجراء مصالحة وطنية وقد حرصت الأمم المتحدة على أهمية التوافق مع مواقف الدول العربية التي لم تخفي مطالباتها المستمره على ضرورة أدراج حزب البعث و أهميته في العملية السياسية وغيرها من المواقف العربية المعرقلة لسير العمل منذ أن انطلقت إرادة الشعب العراقي تجاه ما يحقق له أمنه و استقراره . تأتي هذه الإحداث المتتالية و المتناسقة في خضم التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة عموما فقد لعبت السعودية ادوار مستفزه لإطراف عديدة يأتي في مقدمتها سياستها تجاه لبنان وإصرارها المتواصل في كسر شوكة المقاومة هناك مع العلم أنها تدعم مقاومة أخرى كما في فلسطين و العراق مثلا و تذمر الدبلوماسية الامريكه مؤخرا من الدور السعودي في قضية المفاوضات بين حماس و فتح . وقبولها بالجلوس و التحاور المباشر مع حكومة إسرائيل في مصر وغير من تراشق الصحف والتصريحات المتبادلة بين السعودية و سوريا هذا وغيره يعزز من مقولة أن وراء ما يجري من اغتيالات للمحافظين في جنوب العراق تقف خلفه أيادي سعودية تتقاطع محوريا في صراعات تريد الهيمنة على الجنوب وكسر الطوق الإيراني السوري في المنطقة لأنها أي السعودية ترى نفسها مقيدة بهذا التحالف العسير و الذي يعمل كنظام الكابح الآلي لحركتها و أن أي تخلخل بالضغط يكون من شأنه إفشال نضام الكبح الذي قيد كثيرا من حركة السعودية في المنطقة السعودية غارقة بالدم العراق وهي لا تدخر جهدا في ذلك و تشير أكثر التقارير في مواصلة السعودية لممارسة الضغط على العديد من دول الخليج الأخرى في بذل كل ما يمكن فعل في هذا الاتجاه الذي لا يرد للعراق الأمن و الاستقرار و باختصار تتلخص أهداف السعودية في نقطتين الأولى تمكنها من دخول الجنوب عسكريا كخيار دول يعززه قرار الأمم المتحدة ويدعمه موقف الجامعة العربية و الثاني يعطي مثلا ملموسا على فشل القيادات السياسية الحالية في السيطرة على الأمور حتى داخل معاقلها و مناطق نفوذها سعيا من السعودية لاستمالة الرأي الآخر الأمريكي في تغيير إستراتجية الحكومة الأمريكية تجاه المالكي المدعوم علنا من حكومة بوش الحالية .

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا و دون تعليق.

المصدر:الأخبار العراقية-21-8-2007