مقالات و محاضرات

 

 

خامنئي يطلق إشارة للتصالح مع الغرب بإنشاء مجلس للقضايا الخارجية

 

كارل فيك

 

القادة الإيرانيون يخططون للانضمام إلى منظمة التجارة بحزمة من الإصلاحات

مع استمرار المناورات الدبلوماسية حول برنامج إيران النووي لوح رجل الدين الذي له الكلمة الفصل مرتين خلال الأيام الأخيرة الى أن إيران تنوي التفاوض مع المجتمع الدولي الذي ظلت تنأى عنه لفترة طويلة.

جاء ذلك في إعلان آية الله علي خامنئي، مرشد إيران الأعلى، عن تشكيل مجلس جديد كي يستشيره في القضايا الخارجية وبخصوص برنامج الخصخصة الجديد الذي يهدف إلى إعداد إيران كي تنضم إلى منظمة التجارة الدولية. وعلى الرغم من أن أيا من هاتين المبادرتين لا علاقة لهما بالجدل الدائر حول برنامج إيران النووي، فإن المحللين يرون أن إعلان خامنئي يهدف الى تعزيز الافتراض السائد لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من أن إيران تريد أن تصبح أكثر تكاملا ضمن العالم.

واعتمادا على هذه الفرضية قدم خافيير سولانا، مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية في الشهر الماضي مجموعة من الحوافز إلى إيران بما فيها وعود بتقديم استشارات اقتصادية وتقنية لها. وعلق داود هرميداس بافاند، استاذ القانون الدولي في جامعة الدفاع القومي بطهران، على إعلان خامنئي «بما يخص إخراج إيران من العزلة والانتماء إلى منظمة دولية فإنها خطوة إيجابية».

ويأتي تشكيل لجنة استشارية للعلاقات الخارجية كتعبير عن عدم الراحة مع أداء الرئيس محمود أحمدي نجاد في ما يتعلق بالسياسة الخارجية. وعين خامنئي لمنصب رئيس اللجنة كمال خرازي الذي سبق للرئيس احمدي نجاد أن أقصاه كوزير للخارجية بعد بدء فترة رئاسته السنة الماضية. وقال دبلوماسي أوروبي في طهران طلب عدم الكشف عن اسمه «أظن أن ذلك أمر مهم. شخصيا أظن أنها مبادرة لوضع قيود لسلطة الرئيس».

ويتضمن مجلس العلاقات الخارجية أيضا وزير خارجية سابقا هو ادميرال سابق في فيلق حرس الثورة الإسلامية وكان مسؤولا سابقا في وزارة التجارة وهو رجل دين متشدد سبق له أن عمل سفيرا لبلاده لدى الصين. وستقدم اللجنة توصياتها مباشرة إلى خامنئي الذي تلمس «وجود نقص» كما سماه خرازي للإعلام الإيراني.

وقال بيل سميع الذي يتابع شؤون إيران الخارجية لراديو «أوروبا الحرة» وراديو «الحرية» إن اسلوب احمدي نجاد التصادمي يعكس وجهات نظر المتشددين الذين قاتلوا في حرب الثمانية أعوام مع العراق وآنذاك شعرت إيران بمرارة لدعم الغرب والدول العربية لنظام صدام حسين العلماني.

وقال سامي ان احمدي نجاد ومساعديه روجوا لخطاب محدد تجاه العالم الثالث وحركة عدم الانحياز في ما يتعلق بالقضية النووية، فضلا عن أن ايران تعلمت من تجربة حربها مع العراق أهمية الاكتفاء الذاتي. إلا ان القيادة والمسؤولين يدركون انه من غير الممكن أن تمضي في هذا الطريق لوحدها. وقال أيضا إن خامنئي يبحث عن سبيل لكي تصبح إيران جزءا من السياسة الدولية والاقتصاد الكوني من دون ان ينظر اليها كونها استسلمت للضغوط الغربية. وإيران تقليديا تضع نفسها في موقع مناوئ للغرب، وتتهمها القوى الغربية الآن بإنتاج أسلحة نووية سرا. ويقول سامي ان «ايران ظلت معزولة وهذا بالنسبة لها أمر غير مستساغ». توقفت عملية الإصلاحات التي كانت من المحتمل ان تؤدي الى قبول ايران في المجتمع الدولي. فالحكومة الإيرانية تسيطر على حوالي 80 في المائة من الاقتصاد، ولا يعرف من أين سيأتي المواطنون الإيرانيون العاديون بالمبالغ اللازمة لشراء أسهم لهم في مؤسسات الدولية التي قال خامنئي ان الحكومة تعتزم بيعها. ولا يزال القلق يساور المستثمرين الأجانب تجاه نظام اعلن في يونيو (حزيران) الماضي انه سيمنح عقدا لشركة تابعة للحرب الثوري بقيمة 2.3 مليار دولار لتطوير حقل للغاز الطبيعي. رغم ذلك ظلت عضوية منظمة التجارة العالمية هدفا معلنا لإيران على مدى سنوات. الولايات المتحدة ظلت تتخذ من جانبها سياسة قائمة على قفل الطريق أمام محاولات ايران في هذا الاتجاه، علما بأن العلاقات الدولية بين الدولتين انقطعت قبل ربع قرن تقريبا اثر ازمة رهائن السفارة الأميركية في طهران. إلا ان إدارة الرئيس بوش أشارت العام الماضي الى انها من المحتمل ان تتغاضى عن اعتراضها على دخول ايران منظمة التجارة العالمية كجزء من محاولة لاستمالة ايران بغرض وقف برنامجها النووي. وفي إطار عرض يدرسه الآن عدد من المسؤولين الإيرانيين انضمت الولايات المتحدة الى كل من روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا في تقديم مجموعة من المساعدات شريطة التأكيد على ان برنامج ايران النووي ذو اهداف سلمية، حسبما تدعي طهران. وقال دبلوماسي أوروبي إن سولانا سيضغط المفاوض الإيراني الرئيسي في مسألة البرنامج النووي، علي لاريجاني، بغرض حمله على الاستجابة الى العرض قبل 12 يوليو (تموز) الجاري، وهو الموعد المقرر أن يلتقي فيه بباريس رؤساء خارجية الدول الست، إلا أن طهران قالت من جانبها إنها لن يكون لديها رد رسمي قبل أغسطس (آب) المقبل.

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور.

المصدر: الشرق الأوسط اللندنية-* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط» -7-6-2006