الفساد العربي

 

محمد صادق دياب

 

تعرف منظمة الشفافية الدولية الفساد بأنه «سوء استغلال السلطة لتحقيق مكاسب شخصية»، ولذلك يمكن تصور حجم الإحباط لدى المواطن العربي، حينما يعرف أن حجم الفساد في الدول العربية يبلغ 300 مليار دولار، أي ما يعادل 30% من نسبة مبالغ الفساد في العالم ككل، وذلك وفقا لتقرير هذه المنظمة التي تمتلك فروعا في أكثر من 100 دولة، وتسعى إلى مكافحة الفساد باعتباره أكبر عائق أمام التطور الاقتصادي والديمقراطي، وخاصة في دول العالم الثالث.. فإذا كنا كعرب لا نشكل تعدادا ولا مساحة إلا جزءا يسيرا من هذا العالم، فما الذي يجعل حصتنا من الفساد على هذا القدر من الضخامة السوداء؟!

في العالم العربي اعتدنا أن نعلم الصغار معلومة أن الاستعمار ينهب خيرات الأمة، ويرحل الاستعمار، ويكبر الصغار، فلا يجدون سوى الفقر وقبض الريح، وهذا لا يعني أن الاستعمار لم يكن ينهب خيرات الأمة، لكنه يعني أن النهب بعد مرحلة الاستعمار ـ في ظل الفساد ـ أكثر وأضخم، والقادم أسوأ، فعلى ذمة خبير عربي اقتصادي أن عدد العاطلين عن العمل في العالم العربي، سيصل إلى 60 مليون عاطل بحلول عام 2016، وأن نسبة البطالة في العالم العربي بلغت 20% وتتجه إلى الارتفاع المطرد!!

والطريف أن الصحافة العربية من الخليج إلى المحيط متخمة بالكتابات الاقتصادية التي لم تحاول أن تعلق الجرس، أو لعلها حاولت ولكننا ظنناه مجرد كلام جرائد، فنام الاقتصاديون معنا في عسل الأمنيات العذاب.. ولست أدري متى قرأت ولا أين أن على الجامعة العربية أن تهتم بقضايا الاقتصاد العربي، بعد عقود طويلة من الاشتغال بالشأن السياسي من دون جدوى، وفي هذا السياق لعل دعوة توجهها الجامعة لقمة عربية تستهدف محاربة الفساد، تكون أمرا مرغوبا فيه من قبل المواطن العربي، باعتبار الفساد المولد الحقيقي لشتى أنواع المعاناة العربية، والمسبب لويلاتها الاقتصادية والسياسية والتربوية، والمعوق لكل برامجها التنموية، وهو الخطر الحقيقي الذي يهدد الأمة أكثر مما تهددها كوارث السياسة.

فدعونا نقول للمفسدين: كفاية.. ولو من أجل عيون أجيال ستأتي إلى الدنيا فتكتشف أننا الجراد الذي أكل الأخضر واليابس، ولم يبق لها سوى المجاعة والشقاء والعار.

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور.

المصدر: الشرق الأوسط اللندنية-7-6-2006