مقالات و محاضرات

 

 

اتهامات لأفواج حماية النفط بقيادة فرق الموت

 

ترجمة: مرتضى صلاح

 

قال مسؤولون عراقيون أن بعض افواج حماية أنابيب النفط متهمة بكونها إحدى خطوط فرق الموت وأنها متعاونة مع القوى الإرهابية وتقوم بقتل موظفي الدولة نيابة عن تلك القوى التي تحارب القوات العراقية وموظفي الدوائر الرسمية المدنية . وقال مدير قوة حماية المنشآت النفطية في وزارة النفط في تصريح لصحيفة نيويورك تايمز أن هذه الأفواج تقوم بقتل المواطنين الأبرياء الذين يعملون في دوائر الدولة .

وقالت الصحيفة في إطار تغطيتها لموضوع محارية  الفساد الذي تعاني منه القوات الأمنية في العراق  أن 42 منتسبا لأحد افواج حماية النفط الموجود في منطقة الدورة جنوب بغداد قد تم القبض عليهم بتهم تتعلق بالقتل والخطف حسب تصريح مسؤولين في وزارة الداخلية .

وقال مسؤولون في الداخلية أن بعض المتهمين اعترفوا بقتل قائدهم العقيد محسن مجدي عندما كشف إرتباطهم بعمليات القتل والجرائم الأخرى . وأضاف المسؤولون ان بعض المتهمين كان مكلفا بحماية أنابيب النفط في الوقت الذي كان يقوم فيه بجرائم أخرى . وفي الوقت الذي يوجه الكثير من السنة أصابع الإتهام الى وزارة الداخلية بإدارتها لفرق الموت يظهر الفوج 16 من حماية النفط متهما بنفس العمليات ليقوم بقتل المواطنين ، والفوج 16 هو أحد الأفواج التي لاعلاقة لوزارة الدفاع أو الداخلية  بإدارتها أو رواتبها . ويعد الفوج 16 نموذجاً لتعدد الجهات التي تحمل السلاح في بلد متعدد القوى وينتشر العنف في مدنه في وقت تتعدى صلاحية استخدام السلاح وزارة الداخلية الى جميع الوزارات والمؤسسات لدرجة يسهل معها إدعاء أي طرف بأنه جزء من السلطة لتضيع بعدها الحقيقة ويصعب على المواطن اختبار هوية الجهة التي تحمل السلاح وتتجول في الطرقات حيث يكون خيط التمييز بين الميليشيات والحراس والمسلحين والشرطة في بعض الحالات واهيا جدا .

وتقول الصحيفة أنه رغم كون الفوج المذكور يضم السنة فإن قوة حماية المنشآت التي يزيد عدد أفرادها على 145 ألف عنصر تضم جميع العراقيين الذين فيهم من يرتبط بميليشيات شيعية ومن يرتبط بجهات سنية وعادة ما يجاهر هؤلاء بولائهم لأحزابهم المتناحرة .

وتعد عمليات القتل والعثور على الجثث المجهولة الهوية يوميا عنصر توتر وضغط على الحكومة العراقية والقوات الأميركية لما تحمله من مخاطر الدفع باتجاه الحرب الطائفية في الوقت الذي يحاول فيه العراقيون والأميركيون تجاوز تلك المخاطر والتركيز على هزيمة الإرهاب والقوى المتمردة المتحالفة معه. ويرى مسؤول أميركي رفض ذكر إسمه إن وراء عمليات القتل اليومي إرادة سياسية خفية .

 أما السنة فيلقون بالتهمة على وزارة الداخلية . ولدى سؤاله عن الطرف المتهم في أعمال الخطف والقتل والتعذيب التي يتعرض لها  الناس على يد ذوي البزة الرسمية قال عمر الجبوري ، العضو القيادي في الحزب الإسلامي العراقي ، أنها وزارة  الداخلية . ثم سرد العديد من قصص الشكاوى المتشابهة التي ينقلها له الناس عن فرق الموت لكونه مسؤول لجنة حقوق الإنسان في حزبه . اما طارق الهاشمي نائب رئيس الحزب ، وهو النائب الجديد لرئيس الجمهورية ، فقد قال أن من المفروض إجراء تطهير شامل لوزارة الداخلية بسبب وجود الآف الضباط الفاسدين القساة في الوزارة ممن ينبغي طردهم إذا كانت الحكومة تبغي كسب ثقة السنة الذين لايثقون بها حسب قوله .

ومع ملاحظة عدم نفيها ، فإن قادة الأحزاب الشيعية يقولون ان هناك حملة للمبالغة في ترويج قصص فرق الموت لأغراض سياسية في محاولات للسيطرة على وزارة الداخلية . وهم يرون أن فكرة تطهير وزارة الداخلية ، أو إعادة الضباط والأفراد المفصولين منها بعد سقوط الديكتاتور ، سوف تأتي في خدمة النشاط الإرهابي على كلا الحالين . ويلخص الدكتور عادل عبد المهدي المشكلة بأن كل الضجة التي تدور حول وزارة الداخلية سببها هو أن أجهزة هذه الوزراة تقوم بواجباتها على الوجه الصحيح تجاه حفظ أمن البلاد ، لأن البلد في حالة حرب مع الإرهاب .

وتقول الصحيفة أن واقع فرق الموت هي حقيقة القتل الذي يصيب السنة والشيعة على حد سواء ، لأن الطائفة الأخيرة تعاني بشكل واسع جدا من هجمات البعثيين والتكفيريين عبر الاغتيال والتفجير المفخخ والإنتحاري .

ويقول السيد عبد العزيز الحكيم رئيس قائمة الإئتلاف العراقي الموحد أن حقيقة المشكلة هي وجود البعثيين الصداميين والتكفيريين الذين يمارسون حرب الإبادة الجماعية ضد الشيعة .

ويؤكد وزير الداخلية السابق باقر جبر الزبيدي زيف الإتهامات التي تطلق ضد منتسبي وزارته ويصفها بأنها إشاعات . ولكنه مع هذا يقول بأنه قام بفصل أكثر من 170 منتسباً تم تعيينهم في زمن الحكومات السابقة .

ولكن الأميركيين ينتقدون الزبيدي لسماحه لأفراد من جيش المهدي بالعمل في الشرطة وربما كان مرد هذا الإنتقاد ما وقع من اشتباكات سابقة معهم .

من جهة أخرى يقول الوزير السابق أن قوات الداخلية تتولى السيطرة على ربع مساحة العاصمة وتتولى القوات الأميركية والجيش العراقي المساحة الباقية .

وتقول الصحيفة أن الجيش العراقي يصل الى حوالي 120 ألف جندي مدرب بالإضافة الى وجود 50 ألف من حراس الشركات الأمنية الخاصة و 145 ألف عنصر من قوة حماية المنشآت وغيرهم من أفواج حماية النفط وجميعهم مسلحون ومدربون على القتل ويجوبون شوارع بغداد لمختلف الأسباب .

وتنقل الصحيفة عن الوزير الزبيدي قوله أن وزارته ألقت القبض على مجموعة حماية لمسؤول كبير في الدولة متورطة بعمليات خطف وقتل لمصلحة فرق الموت مستغلة تجهيزاتها وما تحمل من هويات رسمية في تنفيذ جرائمها . وهو يقول أن المسؤول الكبير لم يكن على علم بنشاط فريق حمايته الذين إعترفوا بأنهم كانوا يقومون بجرائمهم بعد إنتهاء واجباتهم وعودة المسؤول الى منزله . وكانت سيدة من حي أور في بغداد قد إلتقت بالصحيفة وأخبرتها بأنها شاهدت مجموعة مؤلفة من ثمانية أشخاص في سيارتين أحداهما بيضاء والأخرى غامقة اللون وهم يرتدون ملابس عسكرية ويتحركون بإتجاه منزل قريب منها في شارع خدمي ليركنوا السيارتين ويخرجوا رجلا موثقا ومعصوب العينين من صندوق السيارة البيضاء حشروه في صندوق السيارة الأخرى ثم خلعوا ملابسهم بسرعة ورموها في السيارة الغامقة اللون وانطلقوا بعيدا عن المكان . وأكدت المرأة التي تم حجب إسمها حفاظا على حياتها بأنها لم تر الرجال الثمانية من قبل . وقال مسؤول عراقي أن بعض الوزارات تمتلك حوالي 15 ألف عنصر حماية بكامل التجهيزات والهوية من دون علم الوزارات الأمنية وسيطرتها ، وغالبا مايكون الإشراف عليهم من قبل وزاراتهم . وتضم وزارة النفط حوالي 20 الف عنصرحماية لا تتوفر معلومات تفصيلية عن ملفاتهم الأمنية وكانت الشركة البريطانية المسؤولة عن الوزارة هي التي أشرفت على تعيينهم ثم أحالت مهمة تدريب الحراس الى شركة أميركية لم تكن تنفق على تدريبهم سوى بضع طلقات تقل عن أصابع اليد الواحدة لكل فرد منهم بسبب قلة التخصيصات المقدمة للشركة . ولكن المفتش العام للبرامج الأميركية في العراق وجد أن مصروفات برنامج تدريب قوة حماية المنشآت يصل الى 147 مليون دولار . وذكر تقرير المفتش العام أن المعلومات المتوفرة لديه لا تورد تفاصيلاً حول عدد العراقيين والأميركيين العاملين في البرنامج بالإضافة الى إغفال حجم التجهيزات المقدمة للمتدربين ، كما كانت يشوب التفاصيل المقدمة للتقرير غمـوض كثيف .

وقد تمكن التقرير من حصر بيانات بسيطة ولكنها مهمة ، مثل حجم العناصر المتدربة ، فقال أن عدد العناصر المتدربة في قوة حماية منشآت النفط البالغة 21 ألف عنصر هم 11 ألف فقط ، وأن من أصل حوالي 9800 رشاشة كلانشكوف تم شراؤها لغرض تسليح القوة المذكورة لن تتمكن اللجنة التفتيشية من حصر اكثر من 3000 رشاشة فقط بدون معرفة مصير حوالي سبعة آلاف بندقية .

ويقول مدير قوة حماية المنشآت النفطية ، الذي يكتفي بشؤون إدارة القوة ولايتمتع بصلاحيات قيادتها ، أنه بالإضافة الى الفوج 16 هناك الأفواج 9 و 10 و11 التابعة لقوة حماية خطوط النفط ولديها هويات وزارة الدفاع وقد طالها إتهام التورط مع الإرهابيين وتدمير خطـوط النفط .

ويتهم اللواء مهدي الغراوي من وزارة الداخلية معظم أفراد قوة حماية المنشآت النفطية بالفساد وعدم الفائدة من عملها مهنياً . وتتهم الأوساط السنية ميليشيات شيعية تعمل ضمن وزارة الداخلية بالقيام بتصفيات ضدهم فيما يتابع المسؤولون قضية تورط بعض منتسبي الأجهزة الحكومية مع الإرهابيين في قتل العراقيين وبقضايا الفساد الواسعة في المؤسسات الحكومية .

وكانت حكومة الجعفري السابقة قد بدأت العمل بخطة أكملتها حكومة المالكي الحالية تتضمن توحيد ملابس قوات الأمن في زي واحد لايمكن تزويره كخطوة في طريق تمييز قوات الأمن عن غيرها ممن يحملون السلاح . وقد حصل المالكي على رعاية المرجع الديني السيد علي السيستاني لمشروعه في حل الميليشيات وسيطرة الدولة وإحتكارها للسلاح نظرا للتأثير الأخلاقي للمرجع الديني على المجتمع العراقي رغم وجود مخاوف من عدم الإمتثال لمطالب السيد السيستاني بخصوص تسليم السلاح وحل الميليشيات.

ويدافع البعض عن فكرة حملهم للسلاح بالقول ان الحكومة لم تعد قادرة على حمايتهم ومن الصعب عليهم التخلي عن السلاح في ظل الظروف الهشة الحالية .

أما القوات الأميركية فهي تخشى من مواجهة وشيكة مع جيش المهدي قد تعيد البلاد الى مرحلة آب 2004 وقد تزيد من سوء الأوضاع الإنسانية في البلاد ، وهو أمريستبعده معظم الساسة العراقيين . ويرى قادة أميركيون أن العراقيين في ظل حكومتهم الجديدة يجب أن يلتقطوا أنفاسهم لوهلة قبل التأهب للشروع في خطوات نزع أسلحة الميليشيات.

و كل ذلك بحسب المصدر المذكور.

المصدر: جريدة الصباح نقلاً عن صحيفة نيويورك تايمز -12-6-2006