متى تقول إيران نعم؟

 

عبد الرحمن الراشد

 

لن نسمع من الحكومة الايرانية موافقة على إيقاف مشروعها النووي عندما تعتقد ان هذا آخر طريق المساومة. ايران اليوم هي تاجر السجاد الشاطر الذي يريد أقصى ثمن مقابل بيع سجادته، وما العرض الأخير من المجموعة الدولية بمساعدات مختلفة لقاء التوقف عن التخصيب إلا سعرٌ آخر. سلة الحلوى، والحلوى هي كلمة الجانب الإيراني قبل التفاوض، لم تلب بعد حاجة الايرانيين، فهم يريدون المزيد. مع انها عمليا أنهت المقاطعة الاميركية المفروضة عليها منذ بدايات الثورة الاسلامية. الاوروبيون ضمنوا للإيرانيين انهم سيعينونهم على تحسين تقنيتهم النفطية التي ستعني المزيد من الطاقة البترولية التي تعفيهم من الطاقة النووية البديلة، وستعطيهم دخلا ماليا كبيرا ايضا في وقت هم في حاجة الى كل دولار إضافي.

لسبب ما لا اتصور ان الحكومة الايرانية لو خيرت بين التخصيب او مكافأة مجزية فإنها ستأخذ الثانية. ولا اعتقد ان طهران بالفعل ترفض إيقاف التخصيب بل تنتظر أقصى ما عند الغربيين من حلوى لقاء الامتناع عن مشروع هو أصلا مكلف ماليا، وخطير عليها عسكريا. نحن أمام مساومة ذكية من طهران ولن تتوقف إلا في حالتين عندما ترى ان المدافع اقتربت من الساحل او ان الاغراءات كافية للتوقيع.

والسؤال، ما المغري الذي يمكن ان يرضي الايرانيين ومنعهم من التخصيب؟

هل نحن امام حالة صدام ايام المطالبة بالسماح بالتفتيش وكان يرفض، ثم عندما تلتهب الأزمة يتراجع ويوافق؟ ام انها خطة مرتبة بشكل جيد وذكي تحاول طهران ان تستفيد كما استفادت ليبيا من قضية السلاح النووي؟ فالحكومة الليبية تطوعت واعترفت بانها اشترت تجهيزات خاصة بالسلاح النووي وانها مستعدة للتخلي عنها لقاء صفقة سياسية، وتم لها ما أرادت وظهر الرئيس الأميركي حينها يشكر طرابلس على ما فعلته.

لطهران حاجات مختلفة وطموحة كبيرة ولا تريد ثناء من الرئيس جورج بوش بل تتطلع الى ثمن كبير اقتصادي وتقني وسياسي. فهي تقول ان مشروعها النووي ضرورة أمنية غير قابلة للمساومة، وفي نفس الوقت تساوم، وترفض كل عرض يقدم على انه لا يمثل السعر المناسب. ولكن الحكومة الاميركية تتعامل هذه المرة مع الأزمة الايرانية بذكاء أفضل مما فعلته مع عراق صدام عندما اهملت الرأي العام الدولي وتحديدا الأوروبي والروسي. الآن استطاعت كسب المواقف الاوروبية، وحتى روسيا فإن موقفها الى حد كبير مشابه للأوروبي، والخلاف قد يكون على اعطاء ايران المزيد من الوقت للمساومة والمزيد من التنازلات، لكنهم جميعا على اتفاق بمنع التخصيب الايراني. وروسيا نفسها، رغم دعمها التقني للمشروع النووي الايراني، لا تريد دولة نووية في طهران. فلديها نفس المحاذير التي عند الاوروبيين انما لن تتردد ان تبرم الصفقة النووية مع طهران كما فعلت قديما فرنسا عندما باعت وبنت مفاعل تموز لصدام حسين، ثم ساهمت لاحقا في قصفه.

و كل ذلك بحسب راي عبد الرحمن الراشد في المصدر المذكور .

المصدر : الشرق الاوسط – 7-6-2006