حل الميليشيات، لماذا؟

 

 

حسين القطبي

 

ماذا لو استسلمت الميليشيات الان وحلت نفسها، وكبادرة حسن نية وافقت قوات بدر وسرحت مقاتليها و بخرت القيادات الكوردستانية ما يربو على المئة الف بيشمركه من سفوح كوردستان، ولاشت المجموعات الصغيرة الاخرى نفسها في الشوارع كموجات تتجاذب في بحر العاطلين عن العمل، اي ماذا لو صغرت هذه القوى لأهم قرار شغل بال السيد المالكي، حيث تسارع في اصداره شفويا في اليوم الاول لتكليفه، اي في المؤتمر الصحفي الذي اعقب الجلسه البرلمانية.

ماذا سيحدث في هذه البرهة التي هي احوج ما يكون فيها العراق الى قوات مسلحه تتعاون مع الحكومه من اجل التعويض عن الفراغ الذي تركه الجيش العراقي المنحل.

قد تصدق النظرية على الورق، فعراق خال من الميليشيات هو اجمل بكثير، ولكن ما يزهو على الصفحات قد لا يكون سوى فخا على الارض، فهل هنالك ثمة قوة اخرى مؤهلة عمليا، في عراق "خال من الميليشيات" لوقف زحف السيارات المفخخة التي ستدب دون تردد نحو محافظات الجنوب، شبه الامنة، وتهيم نحو بلدات وقرى كوردستان، و هل هنالك من يوقف سيل الطامعين بالجنة من الانتحاريين المراهقين المهووسين بعناق الحوريات الشقر على ضفاف انهار اللبن؟

اليس من الاجدر تدارس القرارات والاراء قبل اصدارها، والبدء بتأسيس جيش مقتدر، ومساعدته في حفظ الامن، ومن ثم العمل على استقطاب المهارات القتالية الفردية المنخرطة في تلك الميليشيات الى صفوفه بدلا من ترك فراغ امني مفاجئ وخطير، ام ان السيد المالكي يدعوها الى حل نفسها بشرط ان لا تحل نفسها؟

السيد المالكي، واقطاب الكتل البرلمانية عليهم ابعاد الملف الامني عن التجاذبات البرلمانية والصراع حول الحصص، لانه اكثر حساسية من مجرد مكاسب وتجاذبات برلمانية طارئة.

الدعاة الحقيقيون لحل الفصائل الشعبية المسلحة هذه الايام هم المجموعات التكفيرية لأنها لا تحيا الا في مناطق الاضطراب الامني، ولا تنتعش الا في الوسط الملوث بالنزعات الطائفية وهي تعلن نوايا شريرة جل ما فيها هو القتل والخطف والذبح بسبب انتماء الفرد المذهبي والقومي. واما من يظهر حماسا زائدا هذه الايام في الدعوة لعراق بلا جيش ولا قوى شعبية فانه اما ان يضمر اهدافا غير نزيهة عن دراية، او من المتصيدين في لغة الشعارات، المتملقين للاعلام، وراكبي الموجات المتمنطقة الخاوية، اي المنساقين دون درايه.

وسواء عدت قوات البيشمركه ضمن قائمة الميليشيات كما ينحي التكفيريون ام قوات جيش نظامية كما يصفها الكورد، وسواء فرض على بدر والمهدي الانصياع لبيت الطاعة فان الدعوة الانجع هي برفع رواتب المتطوعين، الى اكثر ما تقدمه تلك الفصائل حينها سيبان الخيط الابيض من الخيط الاسود، وستذوب الميليشيات على الارصفة وتبقى القوى النظامية العقائدية التي يجب ان لا تحل في هذه الفترة الانتقالية اساسا.

املنا ان لا تستمر الحكومة الجديدة في انتهاج عقلية العسكر، السابقة، فتفرض الحلول الفوقية والقسرية، لانها ليست الاقرب الى الهدف دائما، بل قد يكون القرار الاداري بعد التفكير هو الوسيلة الافضل.

وكل ذلك بحسب راي حسين القطبي في المصدر المذكور .

المصدر : البديل الديموقراطي – 4-5-2006