نجاد
والولاية الثانية
محمد
خلفان الصوافي
يبدو أن سيناريو إعادة
انتخاب نجاد، هو الأقرب إلى التحقق، خاصة في ظل عدم وجود مرشح إصلاحي
قوي قادر على هزيمة نجاد انتخابياً بعد انسحاب الرئيس السابق محمد
خاتمي، ومحدودية فرص مير حسين موسوي المرشح الأبرز للتيار الإصلاحي.
المؤشرات السياسية
القادمة من إيران أغلبها تصب في اختيار الشعب الإيراني نجاد لولاية
رئاسية ثانية، كما أن نجاد نفسه عاقد العزم وبقوة على أن يستمر في حكم
إيران لمدة أربعة أعوام أخرى قادمة؛ فهو يطرح نفسه كمرشح قوي في
الانتخابات التي ستجرى في يونيو القادم ويتمتع نجاد بتأييد قاعدة عريضة
من الرأي العام الإيراني الذي يبدو أنه راغب في أن يكون نجاد هو الرئيس
الإيراني القادم بعد نجاحه في "مداعبة" طموحات الإيرانيين وإحياء
القومية الفارسية بطموحاتها وأحلامها المتطلعة إلى ما وراء الحدود منذ
انسحاب خاتمي، المرشح الإصلاحي وصاحب نظرية حوار الحضارات، تراجع صوت
المعتدلين عن إمكانية منافسة نجاد في الانتخابات الرئاسية، رغم وجود
شخصيات أخرى لكنها ليست بقوة نجاد أو خاتمي، بل إن الحديث بدأ الآن
يتركز ليس في ما يهم الشعب الإيراني داخلياً من أزمات اقتصادية وتضخم
وبطالة، بقدر ما هو منصب على الأدوار الإقليمية والدولية لإيران، وهو
نهج نجاد في تعامله مع الخارج.
القول الفصل في أي قرار
سياسي إيراني داخلي أو خارجي بيد المرشد الأعلى للثورة. وإذا كان
المرشد قد طلب من نجاد أن يحكم إيران وكأنه رئيس لخمس سنوات قادمة، لا
لسنة واحدة، فقد بدأ شعور ينتشر في إيران بأنه لا يوجد من ينافس نجاد
في الانتخابات المقبلة، ولعل هذا ما دفع بخاتمي للانسحاب من
الانتخابات؛ فمن جانب لا يزال نجاد يحقق أرقاماً قياسية في تأييد الرأي
العام له، ومن جانب آخر هناك تأييد من المرشد نفسه، وهذان أهم عاملين
في تسيير دفة الانتخابات.نجاد يمتلك سمتين تجعلانه الشخص المرغوب فيه
إيرانياً وترجحان كفته مقابل المنافسين الآخرين؛ الأولى أنه مازال
يخاطب بسطاء الإيرانيين رغم فشله في تحقيق وعوده بتحسين أحوالهم
المعيشية التي ازدادت سوءاً في ظل رئاسته للبلاد. أما السمة الثانية
فإن خطابه المتشدد تجاه الغرب وإسرائيل يلقى هوى لدى التيار المتشدد
الذي وإن كان لا يمثل القاعدة العريضة في البلاد فإنه يمتلك مفاتيح
الحل والربط، ويستطيع إقصاء منافسي نجاد من الانتخابات في ظل الآليات
الفريدة التي تمنح بعض مؤسسات النظام سلطة إقصاء مرشح أو آخر بدعوى
"حماية مصلحة النظام" ويبدو أن نجاد يدخل سباق الانتخابات بسجل مليء
بالإيجابيات التي حققها خلال الأعوام الأربعة الماضية، وهي نتائج
حقيقية مهما اختلف حولها الآخرون معه، فهي ترضي القاعدة العريضة من
الشعب الإيراني وبعد تجربة الشعب الإيراني ولايتين لخاتمي، ثبت أنه لم
يستطع تغيير الوضع الاقتصادي الداخلي لصالح الشعب الإيراني رغم أنه كان
قد تمتع بتأييد كبير من الشعب، كما أنه لم يحقق نتائج سياسية خارجية في
مواجهة الضغوط الخارجية؛ لذا فإن الرهان على تراجع الوضع الاقتصادي
الداخلي من خلال زيادة البطالة وارتفاع معدل التضخم وتراجع أسعار
النفط...
لهزيمة نجاد في
الانتخابات القادمة، أمر مشكوك فيه، باعتبار أن الشعب الإيراني أصبح
مقتنعاً بأن أي رئيس آخر لا يمكنه أن يحقق له وعوداً اقتصادية، فالكل
-محافظاً كان أم إصلاحياً- عاجز عن ذلك، ويبقى نجاد واحداً من الطبقة
الدنيا يعيش همومها.صحيح أن كثيراً من الإيرانيين يشعرون بالانزعاج من
تفاقم البطالة والتضخم، واللذين زادتهما الأزمة المالية، لكن كل ذلك في
الواقع لا يمكن ترجمته إلى مكاسب انتخابية ضد نجاد سواء من المرشحين
المحافظين أو الإصلاحيين؛ فأرقام استطلاعات الرأي تؤكد اقتناع الرأي
العام الإيراني به، وتطربه مواقفه السياسية الدولية والإقليمية.حظوظ أي
رئيس في إيران ليست في اللعبة الانتخابية، وإنما تكمن في الطبيعة
الدستورية للنظام الذي يحكمه الآن المحافظون، وكلها ترتبط بالمرشد
الأعلى للثورة الإيرانية؛ لهذا نجد أن نجاد هو صاحب الموقف الأقوى في
انتخابات إيران الرئاسية المقبلة، وهذا مؤشر على أن تأثير العامل
الاقتصادي لن يكون ضد نجاد.
وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون
تعليق.
المصدر:alitiihaad-29-4-2009
|