سلسلة
تفجيرات في العراق: هشاشة النسيج الاجتماعي والصراع السياسي
علي
الطالقاني
عندما يعيش الفرد في بلد
كله مخاوف تمنعه من الاندماج في الحياة العامة، فهذا يعني وجود الكثير
من الاسباب منها سياسية وأمنية وإجتماعية، فكيف اذا كان النسيج بين هذه
المكونات غير متماسك وأن رموزه غير قادرة على صيانة وحدة هذا البلد،
وبالتالي لن تكون هناك حماية لأبنائه من المخاطر...الاحداث الدموية
التي حصلت مؤخرا بعد أن ضربت العراق سلسلة تفجيرات انتحارية أسفرت عن
مقتل مائة وثمانين شخصا خلال يومين، تنم عن مخاطر كبيرة في وقت سارعت
القوات الامنية العراقية الى اعتبار هذه الاحداث ردة فعل يائسة من
تنظيم القاعدة على اعتقال زعيم دولة العراق الاسلامية ابو عمر البغدادي
الذي استمر الغموض يلف ظروف اعتقاله او تأكيد شخصيته الحقيقية، فيما
اتهم سياسيون القوى الامنية بأنها مخترقة من حزب البعث الذي وصل الى
مناصب أمنية حساسة. كما وجد محللون سياسيون ان التوتر الذي شاب العلاقة
بين الحكومة ومجالس الصحوة انعكس سلبا على ملف الامن.الاعمال الارهابية
التي حصلت تحت أي سبب كشفت عن حقائق تتعلق بمدى قصور الاجهزة الامنية
عن تأدية واجبها بشكل صحيح، فضلا عن حالة الاسترخاء التي تتمتع بها،
والحقيقة إن القضاء على المتطرفين فى العراق سيستغرق وقتا طويلا. وأن
المجاميع الارهابية مازالت تشكل تهديدا لأمن واستقرار العراق رغم تراجع
انشطتها.
التقدم الأمني الذي تحقق
خلال العامين الماضيين مازال هشا، ويمكن فقدان هذه المكاسب. وربما يكون
وراء الهجمات التي حدثت عناصر عادت إلى العراق خلال الشهور الماضية
للقتال، وهذا ما أكدته بعض تقارير البنتاغون، والدليل على ذلك القبض
على أحد الارهابيين الذين قاموا بتلك التفجيرات اما التوتر بين الاحزاب
السياسية والقضايا المتعلقة بالميزانية وغيرها من التحديات التي تواجه
العراق. كلها تشكل مخاوف قد تقوض ماتحقق من أمن. فقد انقسمت الكتل
البرلمانية الكبرى حول فكرة تمديد عمل البرلمان سنة اضافية، وجعل
الدورة الانتخابية الواحدة خمس سنوات بدلا من اربع إن مايحدث لم يعد
شيئا هينا بل يتطلب جهودا أخرى قد ترجعنا الى المربع الاول، فأن عمر
الاستقرار في العراق قصير وأن معظم العمليات كانت موجهة إلى المدنيين
العراقيين، في وقت أدرك فيه العراقيون أهمية الأمن مهما اختلفوا بينهم،
وأدركوا أيضا أن الفوضى تساهم ببقاء القوى الأجنبية على ألاراضي
العراقية أما ظاهرة الانتحاريين التي طفت على السطح مؤخرا يمكن الاشارة
اليها على أنها أستراتيجية مستمرة في التطور، عبر الاساليب والاستقطاب.
ويقول الخبراء إن الأبحاث تشير أيضا إلى أن كثيرين من الإرهابيين
الجدد يختارون الإرهاب والتطرف عادة بأنفسهم، ويتبعون أقارب لهم أو
أصدقاء للانضمام إلى المنظمات الإرهابية للقيام بالهجمات الإنتحارية
وتشير الدراسات التي أجرتها الباحثة بجامعة هارفارد جيسيكا ستيرن إلى
أن الكثيرين من الإرهابيين الشباب الذين قرروا أن يصبحوا مهاجمين
انتحاريين تطور لديهم تطرف متعمق نتيجة تعرضهم لإذلال متصور، وهو مفهوم
يدعمه سكوت أتران مدير أبحاث علم الإنسان أو الأنثروبولوجيا في مركز
الأبحاث العلمية الوطني الفرنسي (CNRS) وهو أستاذ بجامعة ميشيغان
ويقول أتران في مقال نشر في مجلة واشنطن كوارترلي إن الأفراد الذين
يختارون ارتكاب الهجمات التفجيرية الإرهابية كثيرا ما يتأثرون بالقيم
والانتماء للمجموعة أكثر من الاعتبارات الأخرى لمصلحتهم الشخصية وتقول
أودري كيرث كرونين، وهي متخصصة سابقة في الإرهاب كانت تعمل في خدمة
أبحاث الكونغرس، وهي جزء من مكتبة الكونغرس الأميركي، تقول إن الدوافع
للهجمات الإرهابية ليست مختلفة من نواح عديدة عن الأنواع الأخرى
للإرهاب، بما في ذلك لفت الانتباه لقضية، أو الشهرة الشخصية بارتكاب
عمل شر، أو الغضب، أوالانتقام والعقاب ضد ظلم متصور وقالت كرونين إن
هذه الاعمال بالنسبة لبعض المهاجمين الانتحاريين قد يتيح لهم فرصة لترك
أثر قوي في الآخرين أو يتيح فرصة لكي يتذكرهم الآخرون. وقالت إن
المهاجمين الإنتحاريين يكونون أحيانا نساء أرامل أو أخوة ثكالى يريدون
الانتقام لأحبائهم الذين ذهبوا ضحية العنف وقال بروس هوفمان، أستاذ
دراسات الأمن بكلية إدموند أ. والش للخدمة الخارجية بجامعة جورجتاون في
مقال بعنوان "منطق الإرهاب الإنتحاري" بمجلة أتلانتيك مونثلي بدت
التفجيرات الإنتحارية بادىء الأمر بأنها عمل يائس لأفراد وحيدين
منفردين، ولكن هذه العمليات لا تنفذ من قبل أفراد لوحدهم ومن اجل توفير
أجواء آمنة يسودها الأمن والأمان ولتمكين القوات الحكومية في دحر قوى
الإرهاب من خلال التوجه على عدة محاور.
1. الاعتماد على المعلومة
الصحيحة من خلال زرع عناصر استخباراتية قوية ومدربة.
2. تقسيم المناطق على شكل
مربعات أمنية مع تحديد مداخل ومخارج للمدن، وان توضع نقاط تفتيش كافية
من دون مضايقة المواطنين ووسائل النقل.
3. الاستعانة بالطاقات
الشابة في المناطق القريبة من زمر الإرهاب حيث يسعى الكثير من الشباب
إلى التطوع من الذين يحملون الروح الوطنية ويهدفون إلى تخليص مناطقهم
من هذه الزمر من خلال التعاون مع الأجهزة الأمنية في تقديم المعلومة
الصحيحة ولذلك يجب فسح المجال أمامهم ومنحهم الفرصة الكافية.
4. تمشيط وحصر المناطق
المذكورة بعد الحصول على معلومات كافية من خلال عمليات واسعة النطاق
ومدعومة بآليات حديثة.
5. التخلص من العناصر
المشبوهة داخل القوات الحكومية وذلك لإشاعتهم خبر العمليات قبل قيامها.
6. ملاحقة الشبكات
الإرهابية في المدن الأخرى عندما يتم تفكيكها.
A_alialtalkani@yahoo.com
|