الرؤساء الأمريكيين أن يتواصلوا مع خارج واشنطن إذا أرادوا النجاح فيها

 

تشارلز بيترز

 

ما ينبغي لأوباما معرفته

كان أمرا جيدا أن نسمع باراك أوباما يقول للمذيعة التلفزيونية باربرا وولترز أخيرا إنه يريد الاحتفاظ بجهاز البلاكبيري الخاص به لكي يتواصل مع خارج البيت الأبيض الواقع على 1600 بنسلفانيا أفنيو في العاصمة واشنطن، من أجل الحصول على المعلومات والمشورة. واضح أنه يعرف الأخطار الكامنة في أن يصبح رئيسا معزولا في فقاعة البيت الأبيض. ولكن ما يقلقني هو ما إذا كان يفهم أخطار فقاعة واشنطن الأكبر، الأخطار الواردة من الكونغرس، المستويات العليا للوكالات الحكومية والفيلق الصحافي في واشنطن.النصيحة المثلى التي سمعتها تُعطى لأوباما عن كيفية تجنب هذه الأخطار جاءت من السيناتور جاك ريد وهو عضو سابق في فرقة القوات الخاصة "الرينجر" التابعة للجيش الأمريكي، حين زار الرجلان العراق في الصيف الماضي. فقد نصح ريد أوباما بأن يحاول التواصل مع المستويات الدنيا، والخارجية، لسلسلة القيادة للاطلاع على الحقائق على الأرض من صغار الضباط والمراسلين الصحافيين الذين يغطون الحرب.

أعظم رئيس أمريكي في القرن الماضي، فرانكلين روزفلت، غاص بعمق في ثقافة الفرع التنفيذي (الرئاسة) للحكومة الأمريكية قبل أن يصبح رئيسا» فعلى مدى ثماني سنوات كان قد خدم مساعدا لوزير البحرية، وهو المنصب الذي يتقاطع فيه صانعو السياسة مع الموظفين المحترفين في الوزارة. ونتيجة لذلك، وبوصفه رئيسا فإن روزفلت دأب بصورة منتظمة على السعي إلى الحصول على المعلومات من خارج السلسلة المباشرة للقيادة. فقد كان بواسطة ذلك يتمكن من الاستماع إلى تعليقات متنافسين سياسيين مثل هارولد آيكس وهاري هوبكنز كل على اقتراحات الآخر، بل واستعمل مصادر غير رسمية مثل زوجته وصديقتها لورينا هيكوك لمعرفة ما كان يحصل فعلا في الميدان بالنسبة إلى برامج مثل إدارة تقدم العمل التي كان استحدثها لإنعاش الاقتصاد.

جون كنيدي تعلم حكمة نهجه بعد أن تجرع التطمينات من كبار مسؤولي الـ سي آي أيه (وكالة الاستخبارات المركزية) بأن عملية خليج الخنازير [في كوبا] ستكون عملية في غاية السهولة. وقد فهم كنيدي حينئذ أن الرئيس لا يستطيع دائما الثقة بالمشورة القادمة إليه من القادة العسكريين وكبار المسؤولين في الدوائر الحكومية. ففي غالب الأحيان يكون هؤلاء مهووسين بخططهم ومصممين جدا على حماية ميزانيات وكالاتهم بحيث لا يستطيعون رؤية أي مثالب في أفكارهم أو وكالاتهم، أو إذا تبينوا تلك المثالب، فإنهم لا يستطيعون الاعتراف بوجودها. (بحلول الوقت الذي حدثت فيه أزمة الصواريخ الكوبية كان شقيق جون كنيدي، روبرت، من بين أولئك الذين هم من خارج سلسلة القيادة الذين يقدمون المشورة الحكيمة له). وفي عام 1986، حذر المهندسون بمعمل ثيوكول من أن الأحزمة البلاستيكية المركبة على صواريخ الدفع التي حملت المركبة الفضائية تشالنجر إلى الفضاء ستتجمد في درجات الحرارة المنخفضة جدا، ولكن كبار المسؤولين في إدارة ناسا حينئذ هددوا أولئك المهندسين بفقدان عقودهم الفيدرالية ما لم يتوقفوا عن الحديث عن هذه المخاطر. الرئيس جورج دبليو بوش ونائبه ديك تشيني كان بمقدورهما تبين الآراء المعارضة في المستويات المتوسطة في الـ سي آي أيه بالنسبة إلى الحكمة من الاعتماد على مصدر معلومات بالنسبة إلى العراق كان يدعى "كيرفبول" وبمقدور أوباما أن يتعلم درسا آخر من الجنرالات البريطانيين الذين رفضوا عام 1944 بعناد الاعتراف بوجود أدلة على أن خططهم للاستيلاء على آرنهيم لن تنجح: وهذا الدرس هو ألا يصبح أوباما ملتزما ببرامجه إلى حد لا يسمح له بالاستماع إلى ما قد تنطوي عليه من أخطاء. عليك أن تسمع إلى ما لا تريد الاستماع إليه لأن ذلك تحديدا هو ما لا يريد مرؤوسوك إطلاعك عليه. فهم ينزعون عادة إلى إغلاق تدفق الأنباء السيئة إليك لأنهم يعرفون أن قادتهم لا يريدون سماع الأنباء السيئة، ويريدون الاستماع فقط إلى أن الأنباء الجيدة هي أفضل مما عليه فعلا.في البيت الأبيض، لا يريد الرئيس ومساعدوه فقط عدم الاستماع إلى ماهية الأخطاء التي تكتنف برامجهم، بل هم أيضا عادة يتجاهلون أو لا يقومون بالسعي للحصول على المعلومات بشأن ما تقوم به حكومتهم. في عام 1994 وكذلك عام 1998، سألت مسؤولا كبيرا في البيت الأبيض في عهد بيل كلنتون عما إذا كان أحد في البيت الأبيض قد اطلع على تقارير مكتب المحاسبة العام التي توفر المعلومات المفيدة عن البرامج الناجحة والفاشلة للوكالات الحكومية، والتي لدى غالبيتها حاجة حقيقية لتحسين أدائها.

الرئيس ومساعدوه عادة ما يكونون ميالين إلى الافتراض (بصورة خاطئة) أنه مهما تقرر في واشنطن فإنه يتم تنفيذه بصورة مثالية على أرض الواقع. في عام 2005 أبلغت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أن سياسة قواتنا المسلحة في العراق هي "تطهير منطقة معينة، والسيطرة طويلة الأمد عليها، والبناء فيها". وحسب الصحافي بوب وودورد في كتابه The War Within (الحرب من الداخل)، فحين قرأ الجنرال جورج كيسي، القائد العسكري للقوات الأمريكية في العراق حينئذ نص شهادتها أمام تلك اللجنة، اتصل برئيسه في قيادة المنطقة الوسطى الأمريكية الجنرال جون أبي زيد، متسائلا: "ما هذا بحق السماء"؟ فرد أبي زيد قائلا: "لا أعرف". فسأل كيسي: "هل وافقت على هذا القول"؟ فأجاب: "لا، لم أوافق على هذا" من أجل أن ينجح الرئيس الأمريكي في اختراق الفقاعة الواشنطونية من حوله، فإن عليه أن يتأكد أن جميع جنوده، العسكريون منهم والمدنيون، يفهمون بوضوح تام مهماتهم، وليس كبار المسؤولين فقط. وعليه أن يفهم أن التأكد من أن سياسة ما يتم تطبيقها بصورة سليمة هو بأهمية التأكد من أن تلك السياسة هي السياسة المناسبة في الأصل. ولكن يتعين عليه من أجل ذلك أن تكون لديه صفة هي غائبة بصورة واضحة جدا عن الرئيس الحالي: الفضول. ينبغي أن تكون رغبته في التعلم نهمة تقريبا، وإن من المعين له أن تتوفر لديه غريزة توجيه الأسئلة المناسبة.

هل يبدو ذلك كما لو كنا نتحدث عن باراك أوباما؟ أحد المؤشرات على أن ذلك صحيح يأتي من صديقي جيمس فالوز، الذي وجد نفسه قبل سنتين واقفا خلف أوباما في صف من الشخصيات التي كانت تنتظر منحها درجات جامعية فخرية. أوباما كان يعرف عن تغطية فالوز للحرب في العراق والبنتاغون، وهو لذلك لم يضع أي وقت في الحديث العرضي معه. فبدلا من ذلك، اندفع أوباما في توجيه سلسلة من الأسئلة حول وضع جيشنا بالنسبة إلى تدريب الجيش العراقي الجديد، موجها من بين أسئلة أخرى السؤال التالي: "هل يعرض نظام الحوافز في الجيش الأمريكي مكافآت كافية للنجاح في تدريب القوات العراقية"؟ إنني أجد أن هذا يدعو للتفاؤل والتشجيع .بيترز، أحد المحررين المؤسسين لمطبوعة واشنطن منثلي، هو رئيس منظمة غير ربحية تدعى "أندرستاندينغ غفرنمنت" تسعى إلى حكومة أفضل عبر صحافة أفضل.

وكل ذلك حسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصاً ودون تعليق .

المصدر: Newsweek