غـــادروا العــــراق بالســـــرعة المعقولة
من الطبيعي أن يريد
العراقيون عودة بلدهم إلى سيادتهم، ويجب أن يستعيدوه عندما يكونون
مستعدين لذلك، هنالك اشارة جديدة تتطلب الثناء وهي أن يطالب رئيس
الوزراء العراقي نوري المالكي الآن بالتوصل إلى إتفاقية مع الولايات
المتحدة، والتي تتطلب أن تغادر كافة القوات الأميركية بلاده مع حلول
العام 2011، وهو وقت يعتبر متأخرا قليلا قياسا
مع اقتراح باراك أوباما الذي يدعو إلى إعادة القوات الأميركية إلى
الوطن مع حلول أيار 2010
وأبكر قليلا من اقتراحات جون ماكين الأكثر تقلباً، والداعية
لإنجاز الانسحاب مع حلول العام 2013، لكنها توحي
مع ذلك بأن طيف الاحتمالات الخطيرة بات يضيق
وهي تظهر أن العراقيين شرعوا بالإيمان بقدرتهم على الوقوف على أقدامهم،
كما تكشف عن ظهور ضوء في نهاية النفق العراقي الذي ظل مظلماً لزمن
طويل.
يبدو العراق مخيفاً إلى
حد أقل بكثير قياسا مع ما كان عليه قبل سنتين. ذلك أن زيادة عديد
القوات الأميركية، وتبني سلسلة من اتفاقيات وقف إطلاق النار، وعقد
صفقات مع قبائل سنية معادية في غرب البلاد، ومع المليشيات الشيعية،
وانهمار السيولة الإضافية على البلاد من صادرات النفط، كل ذلك أعطى
للبلد شكلاً جديداً من المعنويات لكن العراق
يظل مع ذلك غارقاً إلى حد ما في فوضى دموية، حيث هرب من البلاد نحو
أربعة ملايين شخص، أو أنهم ظلوا مهجرين داخل وطنهم وما تزال مئات
الأرواح تذهب في كل شهر. ويوجه الاتهام بذلك إلى حركة تمرد قوية، تنشط
خاصة في المقاطعات متداخلة الطوائف شمال بغداد وحول مدينة الموصل
وفي هذه الأثناء لايظهر في الأفق أي
حل للنزاع المتجذر حول مدينة كركوك ويترتب
على العراقيين بعد تقرير كيفية إدارة النفط وتوزيع عوائده
وفوق كل شيء، ينبغي على العرب الشيعة الذين يسيطرون الآن على
الوضع، أن يستوعبوا السنة المتألمين الذين كانوا قد حكموا العراق في ظل
صدام حسين، بل ومنذ نيل العراق الاستقلال قبل حوالي 80
سنة.إذن، يجب التخفيف من مدى تفاؤل السيد المالكي بحذر، ذلك أن إصراره
الجديد على وضع جدول زمني صارم يهدف في جزء منه إلى تلميع صورته
الوطنية أمام قادة شيعة آخرين. إلى ذلك، يعرف السيد المالكي أن الشيء
الذي يتفق عليه مع إدارة أميركية منصرفة قد يحتاج إلى التعديل لدى قدوم
إدارة جديدة وفي الأثناء، ستكون المواعيد
النهائية نفسها عرضة للتأثر بالظروف المتغيرة.
في كل الأحوال، يظل أمام
السيد المالكي الكثير لعمله حتى يجعل العراق يسير في الإتجاه الصحيح،
ويجب إعطاؤه فرصة للوفاء بموعد نهائي أكثر تحديداً للخروج الأميركي. من
جهة، يجب عليه أن يكافح بقوة وصلابة أكثر بكثير من أجل التوصل إلى وضع
بنية أمنية وطنية جديدة ومتطورة، والتي تضم مقاتلي السنة الذين يعرفون
باسم "أبناء العراق" والذين ما يزال الأميركيون يدفعون لهم نظير وضع حد
لمقاتلي القاعدة وغيرهم من المتمردين في الأماكن السنية من بغداد
كما وفي غربي العراق لكن هناك، على
العكس من ذلك، تقارير مزعجة تقول إن رجال السيد المالكي ما يزالون
يسعون لاعتقال عدة مئات من "الأبناء"، رافعين بذلك مستوى المخاطرة
بتشكل صدع وشقاق أعمق بين الطائفتين العراقيتين الرئيستين
ومن الضروري بمكان في هذا المقام أن يتغلب السيد المالكي على
نقاط الخلل الأخيرة حتى يضمن أن تجري الانتخابات الإقليمية المقرر
إجراؤها أواخر هذا العام أو أوائل العام المقبل بحيث تتم إعادة تأهيل
السنة الذين قاطعوها في السابق، كما يجب أن تجري الانتخابات البرلمانية
في نهاية السنة التالية ومن المؤكد بكل
المعايير أن السيد المالكي سيحتفظ بمنصبه كرئيس للوزراء.
لا
تحشروا أنفسكم في الصندوق
إضافة إلى ما تقدم، سوف
يحتاج أي زعيم عراقي إلى التحلي بقدر كبير من المرونة لتوجيه الدعوة
الى حلفاء أجانب لاستعراض عضلاتهم العسكرية
وعلى أن الجيش العراقي قد تحسن، إلا أنه لا يستطيع إلحاق الهزيمة
بالتمرد من تلقاء نفسه وإذا ما فاز السيد أوباما بالرئاسة في الولايات
المتحدة، فإنه ربما يثبت بقدر من الحكمة أنه كان أكثر مرونة في تسويغه
لفكرة الانسحاب الأميركي، بينما ما يزال السيد ماكين يرفض حتى أن يتم
حشره ضمن أطر زمانية ومواعيد محددة ومهما
كانت الحجج التي سوغت الحرب التي قادتها أميركا على العراق، فإن
الحقيقة تبقى أن أمر التوصل إلى مخرج محموم سيكون أمراً سيئا بالنسبة
للجميع، وخاصة العراقيين.
وكل ذلك
بحسب رأي الكاتب نصاً ودون تعليق.
المصدر:مجلة
الايكونوميست - الترجمة : الاتحــا د-
alitthad.com
|