خطوة
أوروبا التحذيرية
روبرت ماركواند
قدم الاتحاد الأوروبي
دعمه لأوكرانيا هذا الأسبوع، باعتبارها دولة مستقلة ذات أقلية روسية
كبيرة، طالما نظرت موسكو إليها لهذا السبب على أنها جزء لا يتجزأ من
الهوية الروسية؛ وبسبب تصاعد الهواجس الأوروبية جراء الاجتياح الروسي
الأخير لجورجيا، بادر الاتحاد الأوروبي بمنح ''كييف'' الخطوة الأولى
نحو الالتحاق بعضويته، فيما يشبه تحذير موسكو بأن أوكرانيا أصبحت جزءاً
من أوروبا عملياً. وقد جاءت هذه الخطوة في أجواء نقاش داخلي محتدم حول
أسرع الخطوات التي يمكن اتخاذها لتمديد حدود الاتحاد الأوروبي إلى
المناطق المتاخمة لروسيا؛ ففي حين تدفع دول أوروبا الشرقية باتجاه
الإسراع بضم أوكرانيا إلى عضوية الاتحاد، هناك شعور قوي بين دول
الاتحاد الأخرى، بضرورة التريث قليلاً حتى تتوصل كل من روسيا وأوكرانيا
إلى تسوية لنزاعاتهما الحالية؛ وبالطبع تعد هذه عقبة أمام أوكرانيا
التي تمكنت ثورتها البرتقالية من إعلان استقلالها عن موسكو
ووفقاً لبيان صدر من باريس مؤخراً، فقد تم الاعتراف رسمياً
بأوكرانيا باعتبارها دولة أوروبية ذات قيم وتاريخ مشتركين مع بقية دول
الاتحاد الأوروبي الأخرى. وأكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بقوة على
هذا العرض الأوروبي، واصفاً الخطوة هذه بأنها المرة الأولى التي يعبر
فيها الاتحاد بكل هذا الوضوح عن المصير الأوروبي لأوكرانيا؛ أما على
الصعيد الأوكراني الداخلي، فلم يبد المسؤولون ترحيباً يذكر بهذا
الإعلان، لأنهم كانوا يرجون من الاتحاد أن يمضي خطوة أبعد من هذا
الإعلان الشكلي؛ ويخشى الإصلاحيون السياسيون الأوكرانيون من ذوي الولاء
للغرب، من أن تتعثر عملية انضمام بلادهم رسمياً إلى عضوية الاتحاد
الأوروبي أو أن يصيبها البطء جراء العقبات التي تضعها أمامها موسكو،
وهي المشكلة الرئيسية التي تجعل الاتحاد الأوروبي يتردد في الإسراع
بقبول أوكرانيا في عضويته، بسبب النزاع الذي تثيره معها روسيا وما ينتج
عنه من انعدام استقرار سياسي في أوكرانيا.
فقد انهار الائتلاف
الحزبي الحاكم في ''كييف''، وفي ظل ظروف كهذه، فإن علينا أن نفترض أن
الرئيس الأوكراني قد حصل على أقصى ما يستطيع الحصول عليه من صلاحيات
رئاسية؛ غير أن هذه النتيجة تعد مخيبة للآمال جداً، على حد تعبير
''ألكسي كولومايتس'' -رئيس مركز الدراسات الأوروبية والأطلسية المستقل
في كييف- الذي يقول: ''لا أشك مطلقاً في أن الأزمات السياسية التي
تشهدها أوكرانيا داخلياً يتم طبخها وتدبيرها خارجياً، وأن الفريق الذي
يقوم بهذه المهام المعادية لاستقرار أوكرانيا يباشر مهامه من داخل
الكريملن في موسكو' وعلى إثر الاجتياح
الروسي الأخير لجورجيا، قرر الاتحاد الأوروبي تعزيز علاقات تبادله
الاقتصادي مع كل من أوكرانيا وجورجيا، وتقديم المساعدات اللازمة لهما؛
وعلى سبيل المثال فقد تم إحياء المبادرة البولندية-السويدية الرامية
إلى بلورة سياسة لتمتين علاقات الجوار والتعاون مع دول أوروبا الشرقية؛
وتتضمن هذه المبادرة خطة ترى أن السبيل الأمثل لمواجهة موسكو وردعها،
هو تقديم المساعدات اللازمة لأوكرانيا بما يمكنها من تطوير قدراتها؛
هذا وتجري جهود ومبادرات مماثلة بين كل من بولندا ودول البلطيق والسويد
بدعم بريطاني فرنسي ومن ناحيتها تعتقد ''آن
دو تنجوي'' -خبيرة العلاقات الروسية الأوكرانية بمركز العلوم السياسية
في باريس- أن الاجتياح الروسي الأخير لجورجيا، جاء بمثابة تأكيد قاطع
على أن موسكو لم تعد تنظر إلى نفسها باعتبارها دولة ذات نظام سياسي
انتقالي، قابل للاندماج في النظم السياسية الغربية وقيمها؛ وعلى النقيض
من ذلك تنظر أوكرانيا إلى نفسها على أنها دولة انتقالية وتبدي رغبة
كبيرة في الاندماج في النظم والقيم الغربية بأسرع ما يمكن؛ مضيفة
قولها: وعليه فإن الواجب القيام به الآن، ليس مواجهة روسيا وتهديدها
باستخدام القوة العسكرية ضدها في حال تكرار ما فعلته في جورجيا، وإنما
تمتين العلاقات مع كل من جورجيا وأوكرانيا؛ مستطردة قولها: ومن رأيي
الشخصي أن هذه الأخيرة دولة أوروبية، وأنها سوف تكتسب عضوية الاتحاد
الأوروبي في نهاية الأمر، وإن تم ذلك على نحو بطيء ومتعثر كما نرى
الآن.
وكل ذلك
بحسب رأي الكاتب نصاً ودون تعليق.
المصدر:alitthad.ae
|