إيران بين السلم والحرب
فادي
محمود صيدم
من الواضح
تماماً أن قضية الملف النووي الإيراني إستهلك كثيراً من المتابعة
والجهد من قبل المجتمع الدولي ومؤسساته،ولاسيما بأن الأغلبية العظمى
أجمعت على عدم الموافقة لإيران على إمتلاك الطاقة النووية,وهذا معروف
لأنه إذا ما إمتلكت إيران النووي فهذا سيؤثر بشكل مباشر على المصالح
الجيوإستراتيجية للدول الكبرى في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً الولايات
المتحدة الأمريكية فالأخيرة هي المحرك الرئيس للممانعة الدولية ضد
المشروع النووي الإيراني,ولا يفوتنا ذكر إسرائيل في هذه القضية التي
تعتبرها تحظى على أعلى درجات الخطر ضد وجودها في المنطقة.فهذه القضية
تشكل تهديداً لأمنها القومي،وأطماعها السياسية والإقتصادية بالمنطقة،فإمتلاك
إيران للطاقة النووية سيغير الخارطة الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هكذا قضية هل الخلاف بين إيران وأمريكا
وإسرائيل هو إمتلاك الأولى الطاقة النووية أم الخوف مما سوف ينتج عن
ذلك ؟
إن الأطراف
سالفة الذكر يوجد فيما بينها إلتقاء كبير في نقاط عديدة, وهذا الذي
يدفع بأمريكا وإسرائيل لحشد الدعم الدولي ضد هذا المشروع, وهناك سبب
أخر ألا وهو ليس الخوف من إمتلاك الطاقة النووية لكن الخوف الأكبر من إمتلاك المعرفة والدراية الكاملة في عملية إنشاء هذه الطاقة فهذا يشكل
عامل قلق كبير لأمريكا وحلفائها،بسبب التقارب الجغرافي بين إيران
وباكستان التي كان لها الدور الرئيسي في نقل المعرفة النووية لإيران,
وهذا مما يشير أنه في المستقبل من الممكن أن يصبح هناك تحالف بين هاتين
الدولتين الإسلاميتين والذي بدوره سيغير موازين القوى في العالم
وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط وإذا ماأردنا أن نعود ونذكر بعض
النقاط التي تلتقي ولكن لم يتم الإتفاق حولها بين إيران وأمريكا
وإسرائيل،والتي اعتبرها خطوط رئيسية لهذا الصراع القائم هي:
-
السيطرة على
ثروات المنطقة وتحديداً النفط الخليجي.
-
مد النفوذ
وحشد الرآي العام بالمنطقة لصالح أحد الأطراف وعلى حساب الأخر.
-
التأكيد على
لعب دور أساسي سياسي وإقتصادي وأمني في منطقة الشرق الأوسط.
-
الصراع
الجيبولتيكي بين إيران ودول الجوار لها كالعراق والبحرين والإمارات
الذي يسبب قلق على المصالح الجيو إستراتيجية لأمريكا وإسرائيل في تلك
المنطقة.
-
الأحداث
الأخيرة في باكستان وإستقالة مشرف من منصب الرئاسة والخوف من إنتخاب
رئيس لباكستان يكون موالي للسياسة الإيرانية.
إن أحادية
القطبية للسياسة الدولية المتمثل بأمريكا وتحديداً بعد إنهيار الإتحاد
السوفيتي سمح للأولى للتمادي,وفرض نفسها لتكون بمثابة الشرطي الحامي
لمنطقة الشرق الأوسط والخليج العربي خاصة.وهذا دفع منطقة الخليج العربي
لتكون بمثابة المسرح للصراع السياسي بين الأطراف المعنية به, والتي
تسعى من خلاله للتحكم والسيطرة عليه مما يسبب قلق أمني دائم لهذه
المنطقة،مما يجعل إمتلاك هذه الدول للنفط هو بمثابة نقمة وليس نعمة.
إن الشرق
الأوسط كان ومازال على قائمة الإستهداف للدول الغربية, وشهد وسيشهد
سيناريوهات عديدة سياسية وإقتصادية وأمنيه, والذي سيدفع الثمن بطبيعة
الحال الشعوب المقيمة في هذه المنطقة.فأمريكا وإسرائيل تلوحا دائما
بإستخدام القوة على ارض ليست ملكهما وليس لديهما الحق بالتصرف في أي
شيء يخص منطقة الشرق الأوسط, وتحديداً الدول العربية وفي المقابل إيران
تهدد بحلفائها من التنظيمات المقاومة والمنتشرة بالقرب من إسرائيل,
كحزب الله وحركة حماس والجهاد الإسلامي وحركات أخرى. ولاسيما بأن هذه
الحركات حققت قلقاً أمنياً لإسرائيل وتحديداً بعد حرب لبنان عام
2006م.
خلاصة القول :
إن الولايات
المتحدة الأمريكية تتعامل مع هذا الملف من خلال إستراتيجيتين الأولى
:إستراتيجية الإحتواء لإيران، والإستراتيجية الثانية : هي إستراتيجية
الخيار العسكري ضد إيران وهو أمر خطير هذا في حال أن الخيار الأول لم
ينجح فلهذه اللحظة إن السياسة الأمريكية إتجاه هذا الملف يدور في فلك
الإستراتيجية الأولى،وتبلور ذلك من خلال رزمة الحوافز التي قدمت لإيران
من خلال الإتحاد الأوروبي مؤخراً،والذي قوبل بالرفض الإيراني له
ومازالت الوساطات والمفاوضات قائمة حولها, وإذا تم الوصول لطريق مسدود
في هذا الخيار فدون أدني شك أنه سيتم إستخدام الإستراتيجية الثانية
: المتمثلة بالحسم العسكري والذي سيكون السيناريو له بدفع إسرائيل لضرب
إيران بحكم تواجدها بالمنطقة، وعند الرد الإيراني ضد إسرائيل يعطي
المبرر للتدخل الأمريكي وحلفائها, للوقوف مع إسرائيل ضد إيران وسوف
تستهدف إيران من خلال ضربات جوية وليست برية, مما سيسبب لإيران خسائر
فادحة وكبيرة غير متوقعة،وإن نتائج هذه الحرب إذا ماقامت لاسمح الله
سوف تتغير الخارطة الجيو سياسية للشرق الأوسط دون أدنى شك،والذي سيدفع
ضريبة ذلك بطبيعة الحال دول المنطقة وشعوبها المغلوب على أمرهم.
شبكة النبأ المعلوماتية
|