اللوبي اليهودي الجديد في الولايات المتحدة
الأميركية
محمد كروان
يعارض
«الايباك» ويطالب بالحوار مع إيران وحماس اللوبي اليهودي الجديد في
واشنطن.. رؤية مغايرة لواقع نفوذ إسرائيل في واشنطن
على نحو غير معهود، استيقظت الدوائر
السياسية في البيت الأبيض على صوت لوبي يهودي جديد موال لإسرائيل ولكن
بمنظور مغاير، ويختلف إلى حد كبير عن توجهات اللوبي القديم "الايباك"،
فعلى الرغم مما هو معروف عن النمط السياسي ليهود الولايات المتحدة،
الرامي إلى ممارسة ضغوط مستميتة على الإدارة الأميركية لتنفيذ وصايا
الدولة العبرية في كثير من الإشكاليات الشرق أوسطية بما في ذلك الملف
الإيراني، وما ينطوي عليه من رغبات إسرائيلية تهدف إلى ضرورة استخدام
الخيار العسكري في التعامل مع برامج طهران النووية، إلا أن اللوبي
اليهودي الجديد رفض تلك الاستراتيجيات، ودعا في سابقة هي الأولى من
نوعها لفتح قنوات من الحوار المباشر بين الولايات المتحدة والدولة
الفارسية، وإنهاء النزاع بين البلدين من جهة، وبين تل أبيب وطهران من
جهة أخرى.
* لم يقف اللوبي الجديد المعروف باسم
الـ "J STREET” عند حد اتباع سياسة الانفراج مع
تلك القضايا والملفات الساخنة، وإنما وضع الأسباب والمبررات التي تلزم
واشنطن والحكومة الإسرائيلية بالجلوس مع حركة حماس والتفاوض معها،
فضلاً عن قناعة اللوبي الجديد بأن تصنيف حزب الله بمنظمة إرهابية كان
من أهم أسباب حرب لبنان الثانية. هذه المعطيات وغيرها باتت النواة
الرئيسية والحقيقية لقنوات الاتصال التي جرت في الآونة الأخيرة بين
واشنطن وطهران، وما انطوت عليه من تفاهمات سرية غير رسمية بين البلدين،
انعكست آثارها بشكل مباشر على أسعار النفط، الذي انخفض في فترة معينة
تزامنت مع هذه الاتصالات، كما شجع اللوبي اليهودي الجديد المفاوضات غير
المباشرة التي تجريها إسرائيل مع سوريا بوساطة تركية، الأمر الذي أزاح
الستار عن سر مباركة الولايات المتحدة غير المتوقع على تلك الخطوة، على
الرغم مما هو معروف عن سياسة البيت الأبيض التي فرضت عزلة سياسية
واقتصادية على دمشق.
إن الانطباع الذي تعكسه أهداف اللوبي
اليهودي الجديد يعطي مفهوماً سطحياً يوحي بأن يهود الولايات المتحدة قد
قرروا تغيير جلدهم والتخلي عن تأييد ودعم الدولة العبرية، إلا أنه من
خلال النظر بصورة أكثر تعمقاً وشمولية لرؤى الـ "J
STREET” يبدو المشهد أكثر وضوحاً، فالمعسكر اليهودي الجديد في
واشنطن بات على قناعة بضرورة تراجع قادة إسرائيل عن الاستراتيجيات
القديمة، خاصة أن التمسك بها سيزعزع استقرار تل أبيب الأمني والسياسي،
كما أنه على الولايات المتحدة التوقف عن التعاطي مع تطلعات صقور الدولة
العبرية، وبهذه الطريقة ستستطيع إسرائيل تفادي المواجهات العسكرية
والسياسية غير المبررة أحياناً مع عدد من الجبهات التقليدية وغير
التقليدية في منطقة الشرق الأوسط، وبحسب الملحق الأسبوعي لصحيفة
"معاريف" العبرية فإنه في الوقت الذي أعلن فيه اللوبي اليهودي الجديد
في واشنطن تأييده لإسرائيل، لم يستنكف انتقاد قادتها الذين أصروا على
سياسة التوسع الاستيطاني على حساب الأراضي الفلسطينية، ورفضوا فتح
قنوات الحوار المباشر مع حركة حماس. هجوم الـ "J
STREET” في واشنطن على القيادات السياسية في تل أبيب، جاء
متوازياً مع هجوم مماثل ضد المحافظين الجدد في البيت الأبيض، الذين
أصغوا السمع لكل ما يطلقه صقور إسرائيل من أفكار ورؤى تختلف إلى حد
كبير مع الواقع الجديد في منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن المحافظين الجدد
حملوا على عاتقهم إقناع إدارة بوش بمنح إسرائيل الضوء الأخضر للقيام
بحرب لبنان الثانية، وهي المعارك التي أسقطت قوة الردع الإسرائيلية،
وكان بوش ووزيرة خارجيته رايس يؤمنان بمنطق العمل المسلح، سعياً إلى
تصفية حزب الله إلى الأبد، بغض النظر عن الانعكاسات السلبية التي قد
تتحملها إسرائيل، بعد فشل الوصول إلى الهدف. هذه الأفكار وغيرها كانت
الإطار العام لمفهوم اللوبي اليهودي الأميركي الجديد وما يتعلق منها
بعلاقة واشنطن بتل أبيب، وبحسب "دانيال ليفي" أحد كبار الشخصيات
الأميركية اليهودية، التي تساند اللوبي اليهودي الجديد، فإن رئيس
الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت لم يكن على قناعة بأن الرئيس جورج بوش
سيطلق له العنان للعمل المسلح في لبنان بشكل حر، وإنما كان على يقين
بأن الإدارة الأميركية ستوقف زحفه العسكري في مختلف المدن اللبنانية،
بينما يرى "جرمي بن عامي" مؤسس ومدير الـ "J STREET”
أن الولايات المتحدة تعيش فراغاً سياسياً منذ فترة ليست بالقصيرة، وعلى
حد قوله فإن هناك العديد من الأصوات السياسية في الولايات المتحدة التي
لا تجد من يُصغي لها السمع، على الرغم من أنها تنطوي على منهج سياسي
واضح ربما يكون أفضل مما عليه الحال في الوقت الراهن، وتؤمن تلك
الأصوات بأنه من خلال الطرق السلمية يمكن ضمان قيام إسرائيل في منطقة
الشرق الأوسط إلى الأبد، ومن دون أن تكون هناك عراقيل من أية جهة عربية
تحول دون هذا الواقع، إلا أن المحافظين الجدد في البيت الأبيض يرفضون
تلك الاستراتيجية، بل إنهم كانوا من أهم الأسباب الداعمة للغزو
الأميركي للعراق، كما أنها الجهة ذاتها التي تحرض الإدارة الأميركية
على توجيه ضربة عسكرية لإيران.
الخروج من
عباءة الاعتماد على القوة العسكرية الأميركية
وبحسب تقارير عبرية نشرتها صحيفة
"ماكورريشون" الإسرائيلية يرى بن عامي وليفي، وهما من أهم الشخصيات
الأميركية في اللوبي اليهودي الجديد أن من أول أهداف منظمة الـ
"J STREET”، توعية المنظمات اليهودية الأميركية
الموالية لإسرائيل، بضرورة الخروج من عباءة الاعتماد على القوة
العسكرية الأميركية في تحقيق الأهداف السياسية لتل أبيب، فهذه المنظمات
لا تزال على يقين بأن خيار القوة هو الخيار الأمثل في الوصول إلى الهدف
على الرغم من فشل هذا المنظور عندما قرر الرئيس جورج بوش غزو العراق
وأفغانستان، وعندما شنت إسرائيل حروبها الشعواء على مختلف الجبهات
العربية منذ إعلان قيامها رسمياً عام 1948 وحتى الآن. ويُبحر بن عامي
المبادر الأول، والمدير الفعلي للوبي اليهودي الجديد بين التيارات
السياسية في العاصمة الأميركية واشنطن منذ سنوات طوال، فعلى الرغم من
أن أبويه إسرائيليان، وكان جده أحد مؤسسي مدينة تل أبيب، إلا أنه نشأ
في الولايات المتحدة ووصل خلال فترة وجيزة إلى مناصب سياسية متقدمة، من
بينها مستشار لكبار الدوائر السياسية في البيت الأبيض إبان إدارة
الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، كما لعب دوراً كبيراً في الحملة
الانتخابية لمرشح الرئاسة الأميركية "هاورد دين" عام 2004، وفي الفترة
ما بين عام 1988 وحتى عام 1990 عاش بن عامي في إسرائيل، ومازال جزء من
أسرته يقيم في إسرائيل حتى الآن. وبحسب ما نقلته عنه مجلة "نيوركر"
الأميركية، برر بن عامي أسباب تأسيسه للوبي اليهودي الجديد، بأنه لم
يقتنع بالسياسة التي ينتهجها الرئيس الأميركي جورج بوش، فعلى الرغم من
إيمانه المطلق بنفوذ وتأثير السياسة الأميركية، في مقابل المؤسسة
اليهودية الجديدة، إلا أنه في الوقت الذي تتعرض فيه سياسة الدولة
العبرية لأزمة غير مسبوقة، كان ينبغي على الرئيس الأميركي مساعدة تل
أبيب على الخروج من العثرة التي آلت إليها في الوقت الراهن، والضلوع
بدور أكثر حيوية وإيجابية في هذا الصدد. أما "دانيال ليفي" الضلع الآخر
في اللوبي اليهودي الأميركي الجديد، فهو من مواليد بريطانيا، كما أنه
والد "هبرون مايكل ليفي" أحد كبار الدوائر السياسية في لندن، وكان في
الماضي موفداً شخصياً لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير لمنطقة
الشرق الأوسط، وكان ليفي الابن الذي يقيم حالياً في إسرائيل من بين
الطاقم المعني بصياغة اتفاقية جنيف، كما شغل منصب مستشار في ديوان
رئاسة الوزراء الإسرائيلي إبان رئاسة أيهود باراك للحكومة، وكان أحد
أعضاء طاقم المفاوضات الإسرائيلي في محادثات طابا في العام 2001، وقبل
عامين تقريباً عاش فترة زمنية في الولايات المتحدة الأميركية، للعمل
باحثا رفيع المستوى في شعبة الشرق الأوسط في معهد "نيو أميركا"
للدراسات السياسية والاستراتيجية.
ممارسة ضغوط
سياسية واقتصادية على الفلسطينيين
ووفقاً لـ "بن عامي" فإن هناك العديد
من المفاهيم المغلوطة، التي هيمنت على صورة اليهودي الأميركي، وفي
مقدمتها علاقة اللوبي اليهودي بالانتخابات الاميركية، ومدى دعم مرشحي
الرئاسة الأميركية لإسرائيل للفوز باللقب في نهاية مطاف المعارك
الانتخابية، غير أن هذا الحديث بات التعويل عليه أمراً مبالغاً فيه،
فالناخب اليهودي يضع في حسبانه معطيات عدة تتعلق بسياسة الولايات
المتحدة الداخلية والخارجية عندما يقف أمام صندوق الانتخابات، وتلاحقه
العديد من القضايا التي تشغل انتباهه، وبناءً على قناعاته بقدرات
المرشح، يمنحه صوته دون تردد، كما أن الناخب يختار مرشحه في الولاية
التي يقيم فيها، ولابد من أن يتعهد المرشح بتقديم حلول كافية
للإشكاليات التي تواجه جمهور الناخبين في ولايتهم، ومنها على سبيل
المثال إشكاليات اجتماعية واقتصادية، وعندما نصل إلى استيعاب هذه
الحقيقة جيداً – كما يقول بن عامي - نفاجئ بأن معظم الناخبين اليهود في
الولايات المتحدة يمنحون أصواتهم لمرشحي الحزب الديمقراطي في
الانتخابات العامة، على الرغم من أن مرشحي هذا الحزب أقل ولاءً
وتأييداً لإسرائيل من مرشحي الحزب الجمهوري، ولعل ذلك هو ما حدث عام
2004 عندما أعطى 80 بالمائة من جمهور الناخبين اليهود أصواتهم للمرشح
"جون كيري"، وهو ما حدث أيضاً عام 2000 عندما كان "جو ليبرمان" أول
المرشحين لمنصب نائب الرئيس الأميركي، وعلى الرغم من إيمان بن عامي
بصحة نظرته التحليلية لوضع الناخب اليهودي في انتخابات الرئاسة
الأميركية، إلا أن نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة في الولايات المتحدة
الأميركية تخالف ذلك، وتشير إلى تأييد يهود مختلف الولايات الأميركية
الجارف لمرشح الرئاسة الجمهوري "جون ماكين"، ولكن اللوبي اليهودي
الجديد في الولايات المتحدة مازال مصراً على أن نظرة المرشح الأميركي
للناخب اليهودي تغيرت خلال الفترة الأخيرة، ولم تعد مرتبطة بدعم
إسرائيل بنفس الدرجة التي كانت عليها في الماضي، كما يرى أقطاب الـ
"J STREET” أن تأييد إسرائيل بين يهود الولايات
المتحدة لا يعني بالضرورة التصويت في مجلسي الشيوخ والنواب لصالح
إسرائيل على حساب الفلسطينيين، فما يعتقده اللوبي اليهودي القديم
"الايباك" من أن ذلك هو المفهوم الحقيقي لدعم الدولة العبرية غير صحيح،
فأعضاء الكونجرس الذين يحاولون إظهار مدى دعمهم للدولة العبرية يعتقدون
أن الطريق الأمثل لذلك هو ممارسة ضغوط سياسية واقتصادية على
الفلسطينيين، وإذا كان ذلك يعتبر من الآليات التي يمكن من خلالها
معاقبة أعداء إسرائيل، فإنه لا يساعد على بقائها في منطقة الشرق الأوسط
على المدى البعيد.
استراتيجيات
غير معهودة على يهود الولايات المتحدة
في إطار هذه المواقف توجه بن عامي
وليفي إلى أثرياء يهود الولايات المتحدة لتأسيس مقر اللوبي اليهودي
الجديد، وقبل ما يقرب من شهر تم بناء مقر الـ "J
STREET”، فحرف الـ J يقابل كلمة JEWISH
يهودي بالإنجليزية، أما كلمة STREET فتعني
بالإنجليزية أيضاً شارع، ليصبح اسم اللوبي اليهودي الجديد "شارع
اليهود" وبحسب القائمين على تلك المنظمة، فإن هذا الموقع الجديد يشجع
الأفكار والرؤى الليبرالية التي ترفض التعصب والعنصرية وتؤمن بالحرية،
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية فإن اللوبي اليهودي الجديد ليس
منظمة معارضة للوبي القديم "الايباك"، فكما يضم الأخير أعضاء من معسكر
الصقور يوجد به شخصيات يهودية ليبرالية، لا تختلف في فكرها العام عن
نفس الرؤى التي ينادي بها الـ "J STREET”،
وتنطوي أفكار اللوبي الجديد على العديد من الاستراتيجيات الجديدة غير
المعهودة على يهود الولايات المتحدة، يأتي في مقدمتها ضرورة التحاور مع
حركة حماس، على ألا يكون ذلك من خلال الرئيس الأميركي الأسبق "جيمي
كارتر"، الذي لا يصلح - طبقاً لرأي بن عامي ورفاقه - للقيام بهذا
الدور، ولم يحدد اللوبي الجديد الطريقة التي يتم بواسطتها فتح قنوات من
الحوار مع الحركة الحمساوية، غير أنه على قناعة بضرورة إدارة قنوات من
الحوار مع العدو، كما يرى الفريق اليهودي الأميركي الجديد أن تفعيل
خيار العمل المسلح ضد إيران ليس منطقياً، خاصة أن السياسة التي تتبناها
الولايات المتحدة حيال الدولة الفارسية فاشلة، فالعمل المسلح لا يعطي
دليلاً على إمكانية حل المشكلة، بالإضافة إلى أن الحلول الدبلوماسية لم
يتم استغلالها بالشكل اللائق، وفيما يتعلق ببناء التجمعات الاستيطانية
الإسرائيلية، يرى أقطاب اللوبي اليهودي الجديد، أنه ينبغي على الولايات
المتحدة حث إسرائيل على وقف هذه العملية التي تنعكس سلباً على إمكانية
التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، فضلاً عن تشجيع
مواصلة الحوار القائم بشكل غير مباشر بين دمشق وتل أبيب، والقيام بدور
محوري في رعاية تلك المفاوضات بدلاً من الاكتفاء بدور المشاهد فقط.
مقارنة غير
متكافئة بين "الايباك" و"الشارع اليهودي"
ويسعى أقطاب اللوبي اليهودي الأميركي
الجديد إلى تفعيل برنامج سياسي بسيط في مضمونه العام، ينص في البداية
على جمع أموال من المتبرعين اليهود في الولايات المتحدة، للمساهمة في
تدعيم نفوذ الـ "J STREET” وجمع عدد كبير من
اليهود حول نشاطه السياسي، إلا أن الطريق للوصول إلى هذا الهدف طويل
للغاية، على الرغم من ذلك يرى "دانيال ليفي" أن منظمته تثمن غالياً دعم
كافة مرشحي الرئاسة الأميركية للدولة العبرية، ولا ينبغي لأية جهة
يهودية في الولايات المتحدة أو خارجها الوقوف ضد هذا التوجه. ويرى
المراقبون السياسيون أن اللوبي اليهودي الأميركي الجديد سيواجه صعوبات
وعراقيل عديدة، خاصة أنه يوجد في مدينة واشنطن لوبي يهودي واحد يتمتع
بنفوذ وقوة سياسية واقتصادية واسعة النطاق تمتد لفترة طويلة من الزمان
مما يعطيه أولوية في التأثير في صنع القرارات الصادرة عن البيت الأبيض،
وفي بداية شهر يونيو من كل عام يقيم "الايباك" مؤتمره السنوي، الذي
يحضره بالضرورة رئيس الوزراء الإسرائيلي، وخلال هذا المؤتمر تعقد
العديد من الاجتماعات بين شخصيات قيادية إسرائيلية، وبين قيادات اللوبي
اليهودي، كما أن ما لا يقل عن نصف أعضاء الكونجرس الأميركي يحلون
ضيوفاً على المؤتمر، كما لا ينسى الرئيس الأميركي وأعضاء إدارته
المشاركة في حفل افتتاحه، ولعل هذه المعطيات هي ما تضيف للمؤتمر زخماً
وثقلاً يصعب على أية جهة يهودية داخل الولايات المتحدة أو خارجها بناؤه
في يوم وليلة، أو الخروج بأفكار جديدة تخالف الرؤى والأسس التي أرساها
الايباك منذ تأسيسه وحتى الآن، وفي الوقت الذي يضم فيه الايباك ما لا
يقل عن مائة ألف عضو، وميزانية تربو على عشرات ملايين الدولارات، يجد
الـ "J STREET” أو اللوبي اليهودي الجديد نفسه
في مكانة متواضعة بميزانية لا تتجاوز مليون دولار ونصف المليون، وعدد
قليل من المتبرعين على رأسهم "ألان سلومونت"، وهو أحد المتبرعين
البارزين في الحملة الانتخابية لمرشح الرئاسة الديمقراطي "باراك
أوباما"، بالإضافة إلى رجل الأعمال اليهودي الأميركي الكبير "فيكتور
كوبنر"، الذي كان من أهم المتبرعين في حملة مرشحة الرئاسة الأميركية
السابقة السيناتور "هيلاري كلينتون".
رؤى اللوبي
اليهودي الجديد والتفاهمات السرية مع إيران
على الرغم من تلك المعطيات، إلا أنه
يبدو أن توجه اللوبي اليهودي الليبرالي الجديد بدأ يلقى قبولاً لدى عدد
ليس بالقليل من الدوائر السياسية في واشنطن المشجعة لأفكاره ورؤاه،
ولعل ذلك هو ما كشفت عنه تقارير عبرية استخباراتية النقاب خلال الآونة
الأخيرة، عندما أشارت إلى أن الإدارة الأميركية التي فشلت في التعامل
مع أزمة ارتفاع أسعار النفط الخام لجأت إلى نهج اللوبي اليهودي الجديد،
غير أن ذلك جرى في نطاق بالغ من السرية، وبحسب ما نشره موقع "دبكا"
الإسرائيلي على شبكة الإنترنت أجرت عناصر سياسية في البيت الأبيض
اتصالات مباشرة مع الزعيم الروحي لإيران آية الله علي خامنئي، يتم
بموجبها تعاون واشنطن وطهران على العمل سوياً من أجل الحيلولة دون
استمرار ارتفاع أسعار النفط، بالإضافة إلى تباحث الطرفين على تهدئة
الأوضاع الأمنية في العراق، ولعل هذه الاتصالات كانت سبباً مباشراً في
انخفاض أسعار النفط غير المتوقع في الأسواق خلال فترة معينة، ووفقاً
للمعلومات الاستخباراتية العبرية فإن التفاهمات التي تم التوصل إليها
بين إيران والولايات المتحدة استهدفت تحقيق ثلاث نتائج، أولاها منع
المواجهة المسلحة المرتقبة بين واشنطن وطهران، ولعل ذلك كان من بين
أهداف اللوبي اليهودي الأميركي الجديد، غير أن المحادثات السرية بين
طهران وواشنطن عمدت إلى إرجاء تلك المواجهة للفترة التي تلي مغادرة
الرئيس بوش أبواب البيت الأبيض في يناير 2009، وجاء ذلك في الوقت الذي
لم تستطع فيه الإدارة الأميركية التعهد بالتزام إسرائيل بعدم القيام
بعمل مسلح ضد طهران خلال هذه المدة، أما النتيجة الثانية التي سعت
إليها الاتصالات بين الولايات المتحدة وطهران فهي تمكين الأولى من
العمل بحرية ضد العناصر العراقية المسلحة، من دون أن تكون هناك تدخلات
إيرانية داعمة لتلك العناصر، ثالثاً المساعدة في انتخاب المرشح
الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية "جون ماكين"، نظراً لما وصفته
الدوائر العبرية بأنه المرشح الأوفر حظاً بالنسبة لإيران .
وكل ذلك
حسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصاً ودون تعليق .
المصدر: al-majalla
|