الإمام الشهيد فكر وجهاد

 

 

شخصية الشهيد أشهر من أن تعرف في أي وسط من أوساط الطبقة المثقفة سواء منها الأدبية والعلمية أو الدينية الجهادية أو السياسية فالأوساط عرفته أديباً يحمل في ضلوعه آلام شعبه وجراح أمته، ليصوغها شعراً تارة، ونثراً تارة أخرى، ويأتي شعره دائماً صوراً حارة من لهيب قلبه، ليشعل في قلوب الجماهير لهيباً مقدساً يصنع الأحداث. وإلى جانب ذلك كان كاتباً غزير المادة، صافي المعدن، جميل التصوير إذا تكلم عن الطغاة، ألهب ظهورهم بسياط من نار الفكر والروح، وصب على رؤوسهم الوبال والعذاب حتى وكأنك ترى انهيار عروشهم على رؤوسهم، وتمزق أوصالهم تحت وطأة الغضب الشعبي وليس كتاب الأدب الموجه، وكتابه العملاق (العمل الأدبي)، إلا صورة مصغرة عن خيرة أدبه الإنساني، هذا مع وجود النتاجات الكثيرة التي أوجدت له المكانة الموقرة في عالم الأدب والتأليف أما الأوساط السياسية والجهادية فقد عرفت الشهيد الشيرازي عالماً مفكراً ومصلحاً اجتماعياً.

حيث كانت حياته (رضوان الله تعالى عليه) حافلة بالجهاد والكفاح ضد الظالمين والمستعمرين وكل أنظمة البغي والطغيان طوال ربع قرن من الزمن، ومن جراء ذلك وفي سبيل العقيدة والمبدأ تحمل أنواعاً من الأذى والاضطهاد، ولاقى من السجن والتعذيب والنفي فصولاً في غاية المرارة والمعاناة الميدان العلمي والاجتماعي شهد بفخر عظمة الأنشطة والإنجازات التي حققها العلامة المجاهد الشهيد في ظل الجملة الكبيرة من النشاطات التربوية والعلمية والخدمات الاجتماعية الواسعة التي كان يقوم بها الفقيد الشيرازي فقد أسس السيد الشهيد لجنة أدبية لتعليم الكتابة الأدبية لطلاب العلوم الدينية، وترأس اللجنة بنفسه، لأنه كان (رحمه الله)، أديباً بارعاً، ومعلماً وكاتباً قديراً يملك القلم والبيان. وتخرج من هذه اللجنة كبار من الصفوة الإسلامية، بينهم خطباء ومبلغين، ومنهم كتاباً ومؤلفين.

وفي ظله ازدهرت حركة الوعي والنشر الإسلامي، إذ تأسست الصحف والمجلات الدينية الكثيرة، كان من جملتها مجلة الأخلاق، مجلة الآداب، مجلة صوت المبلغين، مجلة أجوبة المسائل الدينية، مجلة نداء الإسلام، مجلة منابع الثقافة الإسلامية، مجلة مبادئ الإسلام، مجلة صوت الإسلام، مجلة أعلام الشيعة وغيرها. و بسبب هذا التحرك الواسع الذي أرعب سلطة النظام الحاكم في العراق ، أودع القائد المجاهد الشيرازي في السجن، ولاقى أشد أنواع التعذيب، ومع ذلك ظل بطلاً صامداً مقاوماً كل أشكال الضغوط والابتزاز والتهديد، ولن يخضع للمساومة والمهادنة، حتى فرج الله تعالى عنه، ليواصل مسيرته الجهادية في بلدان المنفى والمهجر ولغاية استشهاده.