وفقدنا شمعة

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

 

و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين أبي الزهراء محمد و آل بيته الطيبين الطاهرين و اللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

عظم الله لكِ الأجرَ مولاتي فاطمة - عليكِ و على أبيك أفضل الصلاة و السلام -

عظم الله لكَ الأجر مولاي صاحب الزمان - عجل الله تعالى فرجك الشريف -

عظم الله لكم الأجر معشر العلماء و عظم الله لكم الأجر أيها العالم المؤمن

في لحظات لا أعلم كيف هي، ما هذا الحزن الذي ازداد في الأرض حزناً، لماذا الآن عم السواد في كل لحظة من لحظات الحياة ؟!.. لماذا الآن إفتقدت حقاً أمراً مهماً.. ! ما الذي حصل في هذا الصباح الغامض !.. هاتفي [ يرن ].. و إذا بأخي العزيز يقول.. عظم الله لك الأجر !.. في لحظة ما شعرت بأن دمي توقف عن الدوران في دورته.. في من تعظيم الأجر و نحن على بعد أيام من ذكرى الفاطمية الأليمة.. ! أخبرني بأن السيد الجليل الخلوق العبقري آية الرب ذو الحنان الكبير محمد رضا الشيرازي قد إرتحل إلى بارئه الأعلى.. فصرت في تلك اللحظة كالمجنون.. هل حقاً رحل إلى ربنا.. هذا هو الشخص الذي أحببنا في كل لحظة من اللحظات هذا المنهل العذب الذي كان يروي أروع الحكايا و كان يتمتم بالصلوات دوماً لا نكل أو نمل من الإستماع إلى صوته الدافئ و كأنه نهرٌ يعبر مناطق الأذن ليصل إلى القلب بسرعة و بسلاسة و بمنطق.. آه كيف يرحل في هذا الوقت، و لماذا؟.

و للذكريات كلمة.. لست أنساه و هو يمشي ما بين المسجد و بيته المتواضع ليصلي صلاة الجماعة في مسجد الإمام الشيرازي في الكويت.. لست أنساه محاضراً في خطب الجمعة، وكان دوماً ما يلبّي نداء الزهراء.. و ها هو مجدداً يلبي هذا النداء و يرتحل إلى عرش عظيم تستقبله فيه أمه الزهراء ( ع ).

في آخر رحلة لنا [ شباب الرضوان ] إلى قم المقدسة كنّا نخطط و نحاول أن نجد وقتاً لنا في جدوله المزدحم بالمواعيد المختلفة لكي يلقي على مسامعنا كلمات بسيطة فيها رضا الرحمن وكان حديثه حول الأخلاق وإنه يمكن تغييرها وكيف إن في إجتماع المؤمنين قوة و عزة وهيبة و حول كيف إن النبي ( ص ) هو مرآه عاكسة لأخلاق الله. في تلك الرحلة أذكر جيداً سؤاله عن والدي.. كم أنت عظيم أيها الرضا.. لا ينسى التفاصيل الصغيرة التي تشعر كل إنسان بأهميته و كان يملك من الحنان من يكفي للعالم أجمع.. فقد كان يسامح كل من يخطئ في حقه.. حقاً وضع بصمة في هذه الحياة المليئة بالملوثات و كان طاهراً لا يحتمل أن تدنسه السيئات !، تواضعه وضعه في أعلى مراتب معشر الإنسان فهو إنسانٌ عرف بتواضعه الشديد وكي لا أنسى هو الزائر الدائم لنا في منزلنا في شهر رمضان المبارك وعلى وجه الخصوص في ذكرى سنوية جدي.. فآه آه على شهر رمضان.. في هذا الشهر العظيم لن نشاهد السيد الكريم مجدداً فقط هي روحه من تحضر معنا لا جسده.

تفاصيل كثيرة.. لا يمكن حصرها في كلمات، ثقتي الكبيرة به و نصائح الدائمة لي شخصياً جعلت منه شخصاً في نظري أب عطوف يعرف كيف ينصح ويضع لبنات الأساس لبناء شخصية الإنسان، و له الكثير الكثير من المحاضرات في شتّى المجالات.. وكان يختار كلماته بدقه كبيرة و يعرف كيف يضع المعلومة بين يدي المستمع بدقة شديدة وباحتراف.. لا يمكنني نسيان كلماته، [ هدئ من روعك حبيبي.. فالحياة فيها أنفاسٌ كثيرة ].. ولكن نفسك اليوم أيها الحبيب قد توقف..

الوداع أبا الحسن..، الوداع ابن الزهراء ( ع )

إنا في هذا الفراق، منكسوا أعلام القلوب.. ورافعي أشرعة السواد الحزينة و مسدلي الستار على حقبة من الزمن كان فيها إنساناً حياً.. يسمى (السيد محمد رضا الشيرازي).. الآن رحل السيد إلى الرب الكريم العظيم.. أحياناً يكون اليتم في فقد من نحب، هو حي لم يمت.. في فكره في خلقه في حبه في عشقه في شعوره.. رحلت أعضاءه لتكون بين التراب و لكنه بقي معنا بين الأضلع لكنه ليس بحبيس.. بل حر طليق يخاطبنا جميعاً يخطب فينا.. يضع لنا نقاطاً كثيرة و حروفاً بديعة جميلة..

و إنطفأت شمعة السيد محمد رضا الشيرازي للأبد..

و لكن نورها وهاجُ سيبقى للأبد..