الروح الجماعية...هذا ما تحتاجه الولايات المتحدة لإدارة أزمتها في
العراق
لي كوان يو
التوازن الإقليمي... ومخاطر الانسحاب المتعجِّل من العراق
اليوم فقد
استمرت المواجهة العسكرية الأميركية مع حركة التمرد في العراق لتكمل
عامها الخامس بحلول صيف العام الحالي. وعلى رغم صحة قرار الإطاحة
بالرئيس العراقي السابق صدام حسين، إلا أن أخطاء الحرب جاءت تالية
للغزو، ومعها جاءت الضريبة باهظة للغاية. وهذا ما جعل من العراق قضية
رئيسية في حملة الانتخابات الرئاسية الحالية الجارية في أميركا. ولا
يزال على الأميركيين التقرير بشأن استمرار بقائهم في العراق أو
انسحابهم منه. غير أن الافتراض الوحيد العام والمتفق عليه تقريباً، هو
مسألة توقيت وكيفية انسحاب هذه القوات في نهاية الأمر. فمما لاشك فيه
أن تكلفة الانسحاب من عراق مضطرب وأبعد ما يكون عن الاستقرار، ستكون
باهظة جداً. أقول هذا وقد التقيتُ بعدد من قادة دول المنطقة الذين
أعربوا لي عن قلقهم ومخاوفهم من أن يؤدي انسحاب أميركي متعجل من
العراق، إلى إلحاق ضرر بالغ بأمنهم الداخلي والإقليمي. ويقيناً فإن أي
انسحاب أميركي متعجل من هناك، سيحمل قادة الكثير من الدول، على استنتاج
عدم قدرة أميركا على احتمال مصرع ما يقارب الـ4000 جندي من جنودها، إلى
جانب عجز الحكومة الأميركية عن استقطاب الدعم الشعبي اللازم لهذه الحرب
الاستنزافية الممتدة، بكل ما تستتبعه معها من معاناة وآلام لابد أن
يتحملهما الشعب الأميركي بالضرورة. وتظل هذه المعاناة والآلام قائمة
على رغم تطبيق استراتيجية زيادة عدد القوات بنحو 30 ألف جندي، التي
طبقها الجنرال ديفيد بترايوس وأثمرت نتائج لا بأس بها في تحسين الوضع
الأمني في العراق.
ومهما تكن
سياسات المرشحين الرئاسيين في الحملة الانتخابية الرئاسية الجارية الآن
في الولايات المتحدة إزاء العراق، فإنه ليس في مقدوري أن أتصور مطلقاً
أن يدعو أحدهم إلى مغادرة العراق دون أدنى اعتبارات أو ترتيبات، ما
يلحق الضرر بصورة أميركا ونفوذها الدوليين، إضافة إلى المخاطرة
بالضمانات الأمنية الأميركية نفسها.
واعتماداً
على القناعة نفسها، فإنه ليس للولايات المتحدة أن تواصل بقاءها منفردة
في العراق، وهي في أشد ما تكون الحاجة إلى حلفاء لها هناك. ولكي يتحقق
لها هذا، فهي بحاجة ماسة إلى المزيد من الروح الجماعية، التي تتطلب
بدورها الشفافية والوضوح التامين، فضلاً عن التقدير الدقيق للمخاطر
الاستراتيجية التي يواجهها المجتمع الدولي كله. ويقيناً فإن للحوار
القومي العام الدائر في أميركا حول العراق، تأثيراته الكبيرة على الرأي
العام العالمي، ومن ثم تأثيراته اللاحقة على بقاء واستدامة أي تحالف
دولي متعدد الجنسيات في العراق.
وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون
تعليق.
المصدر:alittihad-9-3-2008 |