الخسارة محتملة في أفغانستان ما لم يغير الغرب نهجه

 

بادي أشداون

 

 

المفكر الاستراتيجي العسكري الكبير، صن تزو، الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد كتب يقول: "استراتيجية بدون تكتيك هي الطريق الأكثر بطئاً نحو النصر وتكتيك بدون استراتيجية هو الزوبعة التي تسبق الهزيمة" ومع دخول القتال في أفغانستان الآن عامه السابع، وفي ظل عدم وجود استراتيجية دولية متفق عليها، وتصدع الدعم الشعبي في كلا جانبي الأطلسي. وفي ظل التشويش السائد في الناتو، واتساع انعدام الأمن في أفغانستان، أصبحت الهزيمة احتمالا حقيقيا الآن وستكون النتائج المترتبة على ذلك، على كل من أفغانستان وحلفائها، مثيرة للأسى والحزن: الإرهاب الدولي سيستعيد ملاذه القديم والملاذ الجديد الذي أنشأه على الحدود مع باكستان التي تم إنهاكها على نحو كبير جداً؛ و سيزداد التهديد لأمننا المحلي زيادة خطيرة، وسيضاف عدم استقرار جديد إلى هذه المنطقة التي تعتبر الأكثر عدم استقرار في العالم .ديفيد ميليباند، وزير الخارجية البريطاني، كان محقاً – في ظل هذه النتائج ـ حين قال إن الانسحاب ليس خياراً لكن لا شيء يستمر كما نريد. لذا ماذا سنفعل؟

البعض يقول بإرسال المزيد من القوات ـ والحاجة لهم أكيدة. والبعض يقول إن أعضاء الناتو الذين لم يشاركوا في عبء القتال عليهم أن يشاركوا – ويجب عليهم ذلك. فالقوات التي أرسلناها إلى أفغانستان تساوي واحدا على 25 من القوات التي أرسلت إلى كوسوفو والبوسنة، والمعونة التي أرسلت إلى أفغانستان تساوي واحدا على 50 من المعونة التي أرسلت إلى كوسوفو والبوسنة، وذلك على أساس الفرد من السكان ومن الواضح أن زيادة الموارد في أفغانستان أمر ضروري، لكن ذلك لا يكفي. وحتى إذا كنا نريد توفير ما هو ضروري، وحتى إذا قام كل منا بأداء دوره كاملاً، سنجد مع ذلك أنه يصعب جداً أن نقلب التيار، الذي يجري الآن ضدنا بقوة وعلى نحو متزايد.ما ينقصنا فوق كل ذلك هو استراتيجية يسهم فيها الجميع (بما في ذلك، وهذ أمر مهم، الحكومة الأفغانية والقوات الدولية) ونحن ندرك تماماً ما الهدف - مساعدة حكومة الرئيس حامد كرزاي على ممارسة الحكم بحيث نتمكن من تسليمها المهام التي نقوم بها الآن، بما في ذلك مهمة القتال لكننا لم نحول هذا الهدف حتى الآن إلى خطة كما لم نتفق على شخص واحد يتولى الإشراف على الجهود الدولية المبعثرة، تكون لديه السلطة التي تمكنه من جمع القادة الدوليين للقيام بعمل جاد وتأمين الدعم الذي تحتاج إليه حكومة أفغانستان للفوز مرة أخرى وأطرح هنا خطة أعددتها خلال الأشهر الأربعة الماضية، حين فكرت ـ على مضض ـ فيما ينبغي أن أفعله لو أسندت لي هذه المهمة.

أولاً، يتعين علينا (المجتمع الدولي) أن نركز تماما على ما هو ضروري وألا ننشغل بالتفكير فيما هو أمر مرغوب فوجود عدد كبير جداً من الأولويات يعني عدم وجود أي منها وأنا أركز على ثلاث أولويات للفترة المقبلة.

الأولى، الأمن. علينا أن نقنع الأفغان العاديين بأن حكومتهم يمكن أن توفر لهم الأمن على نحو أفضل من طالبان ولا أعني هنا مجرد الأمن العسكري - وإنما الأمن الإنساني هو المهم. ويشمل ذلك الكهرباء وحكم القانون والحكم الرشيد وفرص العمل في اقتصاد نام والمطلوب لتنفيذ ذلك تعاون وثيق بين الجانبين العسكري والمدني. فليس من المجدي أن يكسب الجنود معركة مع طالبان، إذا كانت الأعمال المدنية لإعادة التعمير تستغرق وقتاً أطول مما ينبغي لتبدأ في تحسين حياة الناس بعد ذلك ونحن البريطانيون نميل إلى الاعتداد بالنفس فيما يتعلق بمهاراتنا في هذا الصدد ونأخذ على حلفائنا الأمريكيين سوء تعاملهم وسوء استخدامهم للقوة. لكن من السخف أن نقلل من مقدرة القوات الأمريكية على تعلم الدروس بسرعة، مثلما فعلت بعد فيتنام. إن ما تقوم به الولايات المتحدة من التصدي للتمرد هو الآن على مايرام وأفضل من أي شيء آخر عندما يأتي الأمر إلى إرسال المدنيين مباشرةً بعد الجيش (مذكرة وزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة) كما يتعين علينا أن نبدأ النظر إلى الأمن من زاوية سياسية فإحداث انشقاق في طالبان من خلال كسب المعتدلين يعد مسارا أفضل كثيراً من القصف وحصر عدد جثث القتلى وأولويتنا الثانية ينبغي أن تكون الحكم الراشد. وما لم نقم بتقوية آليات الحكومة الأفغانية، لن يتسنى لنا أن نطالبها بعمل المزيد: فهم لا يستطيعون تنفيذ ما يريده مواطنوهم ولا يستطيع أي منا أن يقنع الأفغان بأن حكومة كابول هي رهان أفضل لمستقبلهم من طالبان. علينا أن نجعل ترشيد الحكم الأولوية الأولى، والوحيدة إذا أمكن، لكل برامج المعونات المستقبلية.

لكن هنا نصطدم بعقبة. فأفغانستان حسب دستورها هي دولة مركزية. لكن على الأرض هي على أعلى درجات اللامركزية. فمن أي طرف من طرفي الخط نبدأ الترشيد؟ الإجابة، أن نبدأ من تحت ونعمل مع النظام القبلي الأفغاني.

الأولوية الثالثة، وهي ترتبط بالأولويتين الأوليين، وتتمثل في تقوية حكم القانون، من القضاء إلى الشرطة إلى أجهزة الأمن إلى قانون العقوبات. مع الوضع في الاعتبار أن الفساد دائماً ما يكون متفشياً في البلدان الخارجة من الحرب وأفغانستان ليست استثناءً ـ المخدرات تضرم جذوة المشكلة بدرجة كبيرة ومالم تتم إقامة حكم القانون، وإلى أن يتم ذلك، لن تكون هناك ديمقراطية سليمة، ولن تحظى الحكومة بالثقة، ولن يحقق الاقتصاد نجاحاً، ولن يتحقق الأمن للمواطنين العاديين.لم نخسر المعركة في أفغانستان. وفي واقع الأمر كلما نظرت أكثر إلى المشكلة، كلما رأيت أشياء إيجابية أكثر يمكن البناء عليها لكننا سنخسر إذا لم نبدأ في تغيير طريقتنا في العمل. ما نحتاج إليه هو استراتيجية، وليس مجموعة من التكتيكات التي لا رابط بينها ولا تنسيق. ولا ينبغي أن نحتاج إلى فيلسوف صيني عاش قبل 26 قرناً ليعلمنا ذلك.

وكل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر:aleqt