اللاعنف في دفاع الإمام الحسين (ع)

 

حسن الغسرة

 

 

أن مجرد الحديث عن الإمام الحسين (عليه السلام) وما سمعناه عنه في يوم عاشوراء من توجيهات وإرشاد، ونصح وخطب لأنصاره، ما هو إلا دليل على أن الحسين (عليه السلام) كان مسالماً بل هو السلم كله، حتى إن أصحابه ارادوا البدء بالقتال ولكنه (عليه السلام) منعهم حيث يقول : (إني أكره أن أبدأهم بالقتال) (1)، وقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) : (من ركب العنف ندم) (2).

فواقعه كربلاء فاجعة حقيقة تحكي لنا مظلومية الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته  وما حل بهم من مصائب ومآسي، مع هذا كله كان الأمام يتمتع بأعظم الأخلاق والقيم  الإسلامية، ويبحث عن سلام البطولة وليس عن بطولة السلام وكانت إرادته صلبه ولكنه يعتمد اللين في المعاملة، ونرى ذلك في اهتمام الإمام الحسين (عليه السلام) في تقليل عدد القتلى من الطرفين فهل يوجد في العالم من يفكر في تقليل عدد القتلى عند العدو إلا أذا  كان ذا أخلاق عظيمة وشهامة وإباء مثل الأمام الحسين (عليه السلام)، الذي كان يهدف إلى إحياء القيم  الإنسانية متمثله في العفو والرحمة والسلم اللاعنف وكان يواجه الطرف الآخر وهم اعنف خلق الله سبحانه وتعالى، إلا أن بني أمية وشياطين الإنس والجن أبوا إلا الرذيلة والدنية، وإقحام الأمة في الفتنة والضلال في الدنيا، وهم الذين لم يرحموا حتى الطفل الرضيع.

تعامل الأمام الحسين (عليه السلام) مع عدوه تعاملاً سلمياً إنسانياً فقد روي : (أنه خرج إلى قتال الإمام الحسين (عليه السلام) تميم بن قحطبة وهو من أمراء الشام في جيش عمر بن سعد، وقال : يا أبن علي إلى متى الخصومة ؟ فقد قتل أولادك وأقرباؤك وموالوك، فأنت بعد تضرب بالسيف مع عشرين ألفاً.

فقال (عليه السلام) : أنا جئت إلى محاربتكم أم أنتم جئتم إلى محاربتي ؟ أنا منعت الطريق عنكم أم انتم منعتموه عني ؟ وقد قتلتم إخواني وأولادي وليس بيني وبينكم إلا السيف فلا تكثر المقال، فتقدم إلي حتى أرى ما عندك فصاح صيحة وسل عنقه فتبعد خمسين ذراعاً ثم برز لقتال الإمام الحسين (عليه السلام) فأعترضه الإمام (عليه السلام) بالسيف فجرح، وسقط على الأرض. (3).

ثم إن الإمام الحسين (عليه السلام) دعا الناس إلى البراز، فلم يزل يقتل كل من برز إليه ثم حمل على الميمنة وهو يقول : القتـــل (المــوت) أولـى مـن ركــوب العــار والعــار أولــى مـن دخــول النــار  والله مــا هــذا وهــذا جــاري ثم حمل على الميسرة وهو يقول :

أنــا الحســـــين بـــن      آلــيـــت أن لا أنــثـــنــي

أحــمــى عيــالات أبــي    أمضــي علــى ديــن النــبي (4)

وقتل الإمام الحسين مقتله عظيمة من جيش يزيد لعنه الله  حتى استشهد وفارقت روحه الدنيا فسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا أما في هذه الأيام تظهر لنا حرب إعلامية على المستوى العالمي يشوه سمعة الإسلام، بوصفه عنيفاً وإرهابياً فكلنا يعلم بأن الإسلام دين سلم ومحبه وتعاون ولا مكان للعنف والسيف فيه إلا للحالات الطارئة كالدفاع عن النفس، فلا مكان للإرهاب في ديننا الإسلامي وأما الإرهابيون الذين نسمع عنهم ماهم إلا دخيلون على الإسلام وليس لهم صله به، فإن ديننا يحثنا على تأليف القلوب وتوحيد الصفوف وليس التفرقة والعداوة هذا ما علمنا أيا ه أبو الأحرار الحسين بن علي (عليه السلام ).

قال الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سرة) : (إنما الأصل يدعو إليه الإسلام هو السلام، وليست الحروب والمقاطعة، وما أساليب العنف، إلا وسائل اضطرارية وشاذة، وهي على خلاف الأصول الأولية الإسلامية، حالها حال الاضطرار لأكل الميتة وما شابه، والحروب تقدر بقدرها في الإسلام) (5).

.................................

المصادر:

1-  مستدرك الوسائل -  الشيخ النوري - ج11 ص80، بحار الأنوار -  الشيخ المجلسي - ج45 – ص4.

2-الفقه السلم والسلام - السيد الشيرازي – ص533.

3-  اسرار الشهادات -  الشيخ الدربندي - ج3- ص15.

4- مناقب آل أبي طالب - لابن شهرآشوب – ج4- ص110، لواعج الأشجان – السيد أمين – ص170.

5- السبيل إلى إنهاض المسلمين - السيد الشيرازي -  ص143.

المقال لايعبر بالضرورة عن رأي المعهد.

المصدر:annabaa