مقالات و محاضرات

 

 

   إسبانيا والإسلام :  

                       

                                تضييق أم انفتاح ؟

 

 كريستوفر وارين

 

يبدو ان جميع الدول الأوروبية بدأت تضيق ذرعا بمسلميها‚ يوجد في اسبانيا عدد محدود للغاية من المسلمين يقارب المليون مسلم‚ ومع ذلك لا يوجد هناك بلد تحكمه علاقة معقدة بالإسلام كإسبانيا‚ حتى عامين مضيا لم يسمع المؤذن وهو ينادي للصلاة قائلا «الله اكبر» منذ سقوط غرناطة وطرد آخر الملوك المغاربة منها في 1492‚ ولكن تمت اقامة مسجد في حي البسين قرب الحمراء‚ كان هذا المسجد بالنسبة للاسبان الذين اعتنقوا الاسلام يشكل فجرا جديدا كما قال امام المسجد «لقد وضعت بذور الاسلام هنا منذ وقت طويل وها هي بدأت تزهر من جديد»‚ وبالرغم من ان بعض التقليديين قاوموا فكرة اقامة المسجد‚ الا ان هذا الميراث في حد ذاته لا يثير مخاوف العقلية الاسبانية‚ وانما الاصولية الجديدة للاسلام الآخذة في الانتشار‚‚الوجدان الاسباني اهتز وبشدة بعد التفجيرات التي شهدتها مدريدفي محطات القطارات في مارس 2004‚ الآن التفجيرات التي شهدتها لندن مؤخرا أحيت المخاوف الاسبانية من جديد‚ بعد وقت قصير من هجمات مدريد بدا وكأن اسبانيا ستتبع المثال الفرنسي من خلال شن الحرب على الاسلام الراديكالي‚ وزير الداخلية جوزيه انتونيو اعلن خطة للشرطة للتحرك في المدن التي يوجد بها اعداد كبيرة من المسلمين للحد من عملية بناء المساجد وملاحقة الائمة الذين يعظون حول الجهاد‚ ولكن وبسبب الطبيعة التصالحية للحكومة الاشتراكية الجديدة لخوزيه لويس سبثيرو تم وضع هذه الخطط على الرف‚ بدل ذلك تمت اقامة مجلس للتعددية والتعايش السلمي يقوم على الاتفاقات التي وقع عليها في 1992 من قبل الحكومة وممثلي المسلمين واليهود والبروتستانت ومارسيدس ريكو كرابياس المدير العام للشؤون الدينية وعضوة المجلس تصر على ان اسبانيا قد ابعدت نفسها عن النموذج الفرنسي التقليدي في السماح باقامة المساجد التي توافق عليها الدولة فقط‚ وتقول «من المهم جدا عدم وضع الطائفة المسلمة تحت الشبهات» وهي تأمل في ان يعطى الاسلام نفس الوضع الذي اعطي للاديان الاخرى‚‚وتقول «ان المشكلة في اسبانيا هي التعددية‚ لقد تغير الوضع هنا كون البلاد كلها كاثوليكية ونحن نحترم هذا الشيء»‚

المهمة الاساسية للمجلس الذي اقيم هي جلب الاسلام للتيار الاساسي في المجتمع من خلال الاخذ بعدة وسائل مثل الدفع للبرامج الاجتماعية وتشجيع الائمة على تعلم اللغة الاسبانية‚‚وقد اشتكت جماعات مثل اتحاد العمال المغاربة المهاجرين من ان تمويل المساجد كان في ايدي الائمة المدعومين سعوديا الذين يعظون للاسلام الراديكالي‚‚الحكومة تريد توفير التمويل العام الرسمي للمساجد ولكن ذلك مخالف للقانون‚ تقول السيدة ريكو «يتوجب علينا ان نجد طريقة اخرى سواء من خلال القطاع الخاص او الاموال الدولية لتمويل المساجد في المستقبل»‚ حتى الاكاديميون العلمانيون من امثال خوان فرانسيس في جامعة برشلونة يؤيدون هذا التوجه ويقول «ان الفصل المطلق بين الكنيسة والدولة لن يكون مفيدا منذ ظهور الاسلام كدين مهم في اسبانيا لم يعد بامكاننا اغماض عيوننا والسماح بان يتم تمويله بصورة كاملة من قبل السعودية او الراديكاليين»‚ تبقى علاقة اسبانيا مع المسلمين محكومة بالجذور التاريخية فاليمين الاسباني والكنيسة الكاثوليكية تنظر بعين الفخر الى الدور الذي لعبته اسبانيا كسد امام ما يسمونه «البربرية» والى طرد المغاربة منها والى تحويل المسلمين الاسبان الى المسيحية بالقوة‚ وجهات نظر هؤلاء تعززت بدعوة القاعدة قبل وبعد تفجيرات مدريد لشن حرب مقدسة من اجل «تحرير الاندلس»‚‚وذكر خوزيه ماريا ازنار رئيس الوزراء التابع ليمين الوسط الذي خسر حزبه الانتخابات بعد تفجيرات مدريد في خطاب القاه في واشنطن العاصمة الاميركية «ان هناك من يعتقد بان هجمات مدريد لها علاقة بالدعم الذي قدمته الحكومة الاسبانية للحرب على العراق‚ ان المشكلة مع القاعدة تعود إلى ما قبل بكثير انها تعود الى اكثر من 1300 سنة»‚ مواقف الطرفين تبقى متناقضة تجاه بعضهم البعض فالدراسات التي تجري والمسوحات التي تتم تظهر ان الاسبان لا يثقون بتاتا بالافارقة الشماليين‚‚في العام الماضي جرت احتجاجات صاخبة في ثلاث بلدات على الاقل ضد تدشين مساجد جديدة‚ دراسة اخرى جديدة اظهرت ان النساء الاسبانيات يفضلن الزواج بالمغاربة كخيار رقم واحد بالنسبة لهن من بين جميع الاجانب‚‚ان فكرة التعايش السلمي تتحدى اسبانيا مرة اخرى‚ وكل ذلك بحسب المصدر .

 المصدر : ICAW