«أوبك» تبحث أجندة مستقبل الطاقة والعلاقة مع الاقتصاد العالمي

 

 

 

شكلت الندوة الوزارية لقمة «أوبك» الثالثة، التي عقدت الخميس والجمعة الماضيين في الرياض قبل اجتماع ملوك «أوبك» ورؤسائها في القمة الثــالثــة للمنـــظمة أمس واليوم، وشارك فيها خبراء كثر يمثلون وجهات نظر مختلفة، وكانت مفتوحة أمام وسائل الإعلام العربية والعالمية، ندوة علمية بحثت مخــتلف المواضيع ذات العلاقة بمستقبل الطاقة والعلاقة مع الاقتــصاد العالمي، خصوصاً الأمور التي تهم الدول المنتجة والمستهلكة للنفط، من تأمين الإمدادات اللازمة للأسواق، والتأكد من توافر نفوط كافية لتلبية الطلب، والزيادة العالية في تكاليف مشاريع التطوير الجديدة.

وساد الندوة جو من النقاش المفتوح والبنّاء، انعكست من خلاله ثقة الأعضاء في «أوبك» بأنهم ينفذون ما التزموا به على المستوى العالمي للطاقة، وقناعتهم بأن مسألة الأسعار العالية هي مشكلة تتحملها الأسواق المالية العالمية المفتوحة التي تنقصها الشفافية والنظم اللازمة وبينت المناقشات ان «أوبك» والاقتصاد العالمي يمران في مرحلة تاريخية دقيقة، وأن المواضيع قيد النقاش، مثل علاقة الطاقة بالبيئة وعلاقة الطاقة بدعم الاقتصاد العالمي وتوسيع رقعة الازدهار على مستوى دول العالم، باتت مواضيع تحتل الأولوية عند الدول المنتجة، كما باتت أموراً تجب معالجتها والتعامل معها لما هو مصلحة البشرية جمعاء وتبينت في شكل واضح أثناء المناقشات أهمية التعاون بين المنتجين والمستهلكين وضرورته من اجل إيجاد الحلول العملية لهذه المشاكل لما هو مصلحة الجميع. وجرى التأكيد أثناء النقاش ان الحلول لهذه المشاكل لا تتضح في المدى القصير وأن تنفيذها يستغرق وقتاً طويلاً من العمل الدؤوب والمشترك قبل ان تتبين نتائجها.

وطُرحت بالطبع أثناء المناقشات مسألة السعر العالي للنفط هذه الأيام، إذ قارب مستوى المئة دولار، والمسؤولية عن هذه الظاهرة، خصوصاً في ما يتعلق بفك الارتباط بين أساسيات السوق والمسيرة اليومية لارتفاع الأسعار، وما تستطيع ان تعمله «أوبك» لمعالجة هذا الأمر إلى جانب ما قامت به فعلاً حتى الآن من خلال زيادة الإنتاج. وهنا طبعاً اختلفت الآراء بين ممثلي الدول المصدرة الذين أبرزوا دور المضاربين في الأسواق المالية، ناهيك عن امتناع الدول المستهلكة الغربية عن تشييد مصاف جديدة كافية لتكرير النفط خلال العقدين الماضيين. وأكد ممثلو الدول المنتجة ان ثمة نفطاً كافياً في الأسواق، وأن الاحتياطات المتوافرة في بلادهم تفي بحاجات العالم لعقود مقبلة، على رغم الزيادات المتوقعة في الطلب. من جهة أخرى، تلخصت وجهة نظر بعض المحللين الغربيين في ان سبب الارتفاع يعود إلى عوامل أساسية في الأسواق، منها قلق المستهلكين لعدم العثور على حقول عملاقة جديدة في السنوات الأخيرة، ومن ثم الخوف الذي يعكس نفسه على الأسعار من إمكان عدم توافر نفط كاف في المستقبل المنظور. وأشار هؤلاء إلى ان الغالبية من الاحتياطات النفطية العالمية موجودة في منطقة الخليج التي تشوبها تهديدات سياسية عدة، خصوصاً الصراع الإيراني - الغربي حول الملف النووي الإيراني والعواقب المتوقعة في حال فشل الحلول الديبلوماسية في حل هذه المشكلة والاضطرار إلى اللجوء الى السلاح لإغلاق هذا الملف وتأثير هذا الصراع في مستوى الأسعار.

لكن على رغم أهمية هذه المواضيع، خصوصاً تأثير أسعار النفط العالية في الاقتصاد العالمي عموماً واقتصادات الدول النامية تحديداً، إضافة إلى اقتصادات الدول المنتجة نفسها، لتأثير ارتفاع الأسعار في مستويات التضخم، وتأثير تكاليف مشاريع التطوير في تكاليف توسيع القطاع النفطي، ناهيك عن انعكاسات السعر العالي للنفط على تطوير بدائل الطاقة، فهي تمثل الموضوع الذي حاز اهتماماً واسعاً من المشاركين في الندوة وأثار حوله نقاشاً واسعاً في العلاقة بين الطاقة والبيئة.

وتركز النقاش في هذا الموضوع على ضرورة الاهتمام بالأمور البيئية والتعامل معها بطرق أوسع واشمل. وكان واضحاً أثناء المداولات ان الدول النفطية تأخذ مبادرة مهمة في هذا المجال لمصلحة شعوبها والعالم أجمع، ولوقف الحملات المعادية والمتوسعة هذه الأيام التي تحاول ان تركز على دور النفط فقط في المشكلة البيئية وتقلل من دور العوامل الأخرى وركز المشاركون في الندوة على أهمية الرخاء والازدهار العالمي، مبرزين الحجم الذي تشارك به الدول النفطية في المساعدات والقروض الميسرة، إما من خلال الصناديق المشتركة أو المساعدات الثنائية. فقد قدمت الدول النفطية مساعدات مالية أو قروضاً ميسرة إلى نحو 120 دولة، بلغ مجموعها نحو 90 بليون دولار.

وقد بينت المناقشات في هذه الندوة المفتوحة حجم التباين في الآراء والاختلاف في المصالح، وتعدد الحلول للمشاكل المطروحة، وفي الوقت ذاته ضرورة التعاون بين المنتجين والمستهلكين من خلال العمل المشترك والثنائي للوصول إلى حلول ناجعة تفيد البشرية جمعاء وليس مجموعة واحدة منهم فقط.

وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر:daralhayat