الطريق الى النجـومية في الخـطابـة

 

عفاف الصادق

 

الخطاب الجيد قصير وبسيط ، والخطاب العظيم أقصر وأبسط .

الوقت المثالي للخطاب = 20 دقيقة فقط

هل تعلم أن موهبة بيل كلينتون في فن الخطابة درّت عليه نحو :

7,5 مليون دولار عام 2005

 إذ نال 650 ألف دولار خلال يومين في تشرين الأول ( أكتوبر) الماضي، عند إلقائه كلمات في تورونتو وكالغاري خلال مؤتمرات نظمتها جمعية « ذي باور ويثين » ( القوة الداخلية ) التي تدعو شخصيات معروفة إلى إحياء ندوات تكون مصدر « إلهام » و« تحفيز» ( 1 ) .

مواصفات الخـطاب الجيد :

- يتكون من فقرات قصيرة مترابطة غير كثيرة .

الطول المناسب لكل فقرة =  3 إلى 5 جمل تقريبا.

- والفقرة الواحدة من الخطاب تتشكل من جمل قصيرة بسيطة .

الطول المناسب لكل جملة = 20 كلمة تقريبا.

- والجملة الواحدة في كل فقرة  تتشكل من كلمات بسيطة مألوفة مفهومة شائعة غيرمعقدة مكتوبة بصيغة المبني للمعلوم وليس المبني للمجهول .

وتستخدم ضمائر المتكلم والمخاطب ( مثل : أنا، أنت، أنتم، نحن ) ، مع التقليل من استعمال كلمة ( أنا ) ، لتحاشي  التركيز على ذات الخطيب اوالمتحدث ، إضافة الى الإبتعاد عن إستعمال  ضمائر هو، هي، وهم ، لتحاشي إخراج الخطاب في صورة  محاضرة.

- الخطاب الجيد يستدل بالأيات القرأنية الكريمة والأحاديث والروايات الشريفة ، ويستشهد بالقصص والأمثال والحكم والشعر والإحصاءات والأعداد والأرقام المفهومة بأمانة ودون مبالغة ، ويستعين بأساليب الإيضاح السمعية والبصرية .

- الخطاب الجيد ليس مجالاً لعرض العضلات الفكرية ، والخطاب  الجيد يحاور العقل والعاطفة معاً بحكمة وحنكة وتواضع وأدب وواقعية .

- الخطيب الناجح لايخلط بين المحاضرة والتدريس وإلقاء الكلمة والخطاب و ورقة العمل .

- الخطيب الناجح يحترم إمكانات المستمعين الإدراكية ، ويداري مشاعرهم ، ويثمّن وقتهم بالحضور والبدء والإنتهاء من إلقاء الكلمة في الوقت المحدد ، وعبر إستغلال الوقت بكفاءة لإيصال رسالة مفيدة عميقة جديدة مؤثرة مرتبطة بالواقع وهمومه .

- الخطيب الناجح لا يرتجل حديثه ، ويقوم بالتحضير الجيد المسبق لكلمته ، فيكتب كلمته ، ويطبعها طباعة واضحة وأنيقة ، يقول ودرو ولسن :

التحدث لـ 10 دقائق بحاجة الى اسبوع للاعداد .

التحدث لـ 15 دقائق بحاجة الى ثلاثة ايام  للاعداد .

التحدث لـ 30 دقيقة بحاجة الى يومين  للاعداد ( 2 ) .

- الخطيب الناجح يكتب الكلمة التي يريد إلقائها ، ويكتبها للأذن لا للعين ... للسمع لا للقراءة ، لأنه يجب تمكين المستمع من فهم الخطاب بجمله وفقراته بسهولة وسرعة متناسبة مع سرعة إنسياب تلك الجمل من شفتي الخطيب ، فالمستمع ليس كالقارئ الذي يضع النص أمامه ويمكنه الرجوع الى بداية الجملة او الفقرة السابقة لفهم ما لم يتمكن من إستيعابه .

- الخطاب الجيد يبدأ بأسم الرب الرؤوف الرحيم والثناء عليه والصلاة على الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وأله وسلم ) وأهل بيته الطيبين الطاهرين ( عليهم السلام ) ، ويتم ختم الخطاب بالشكر لله مسبوقا بالأستنتاجات في جمل قصيرة معدودة مضغوطة جذابة على أن لا تصاغ الجملة الواحدة من أكثر من 5 كلمات كحد أقصى وتشبه الشعارات والإعلانات التي تحفر لنفسها مكاناً في القلب فالذاكرة فيسهل حفظها مثل :
الخطاب الجيد قصير وبسيط .

الخطاب العظيم أقصر وأبسط .

اكتبْ للأذن وليس للعين .
وما أكثر ذلك في الأيات القرأنية الكريمة والأحاديث والروايات الشريفة مثل :

خيرالكلام ما قلّ ودلّ .

لم يذهب من مالك ما وعظك ( 3 )  

ليس تاجراً منْ يربح دائماً

ولإستشعار المسؤولية :

(حياتك بيدك – نجاحك وفشلك بيدك)

وقوله تعالى :

( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيرو ما بانفسهم )

- الخطيب الجيد يحدد هدفه من الكلمة :

هل هو ؟ :

ـ تعديل السلوك اوالموقف اوالإتجاه .

ـ إثارة حماس الناس لقضية معينة.

ـ إقناع المستمعين بقضية معينة او إثارة حماسهم.

ـ التعليم اوالتثقيف اوالتدريب .

ـ توضيح الأحكام الشرعية او بيان علل وفلسفة الأحكام الشرعية.

ـ تصحيح مفاهيم خاطئة او معالجة شبهة عالقة بأذهان الناس.

ـ تحفيز الناس لعمل شرعي.

- الخطيب الناجح لا يحدد هدفه من الكلمة فقط ، بل يحدد وسائله للإقناع وتسويق الهدف ، وتسويق نفسه لخدمة الهدف ، إذن يجب أن نحدد بوضوح :

ماهو الذي نريده من إلقاء هذه الكلمة اوالحديث ؟

ماهو كم وكيف المطلوب ؟

ماذا نقول كي نحصل على مانريد ؟

كيف نقول ما نريده كي نحصل عليه ؟

كيف نوجّه خطابنا الى المصلحة الذاتية الدنيوية والأخروية كي يقع مؤثراً ؟

ماهي الإقتراحات العملية المناسبة للمخاطبين ؟

- الخطيب الناجح لايزهد في الدورات التدريبية العلمية والعملية للخطابة فالتدريب المستمر بات ضرورة في كل مجال .

وطالعْ بأستمرار البحوث والكتابات والدراسات والكتب والمجلات الخاصة بالخطابة إعداداً وإلقاءاً ، وهي كثيرة ومتنوعة منها على سبيل المثال :

كتاب ( فن الخطابة ) لدايل كارنيجي ، كتاب ( فن الخطابة والإلقاء وأسرار التأثير في الجمهور) لأسمى فياض ، كتاب ( فن الإلقاء الرائع ) لطارق محمد السويدان

كتاب ( كيف تجري عرضا تقديمياً رائعاً ) لكارين كاليش وغيرها من الكتب الكثيرة .

وأخيراً :

التحضير والإعداد الجيد والتمرين يعني التحضير للنجاح فالنجومية بإذنه تعالى طبعا بعد الإخلاص له وحده في كل خطوة .

..........................

( 1 ) : جريدة الحياة : واشنطن - 16/06/2006

( 2 ) : كتاب : ( كيف تجري عرضا تقديمياً رائعاً ) لكارين كاليش -  ص 11

( 3 )  : شرح نهج البلاغة – الإمام الشيرازي الراحل - ج4- ص 362 ح 196