الفساد الإداري والمالي في العراق ... مرة أخرى

 

د. أحمــد عبدالله

 

لعل رئيس الوزراء العراقي المنتخب الأستاذ نوري المالكي قد أحسن صنعا حين أعلن منذ اليوم الأول لرئاسته بأنه سوف يشن حربا شعواء لاهوادة فيها على الفساد والمفسدين الذين نخروا الجسد العراقي المنهك وعبثوا بمقدرات البلاد والعباد. كما أن مثل هذا التوجه الحازم لرجل عرف بصلابته ونزاهته وعدم تهاونه مع حقوق أبناء الشعب العراقي المظلوم تعطي مؤشرا بيّنا على مدى جسامة المهمة الملقاة على عاتق الحكومة في فترة السنوات الأربع القادمة وكذلك مدى أجرام أولئك (المسؤولين!) الذين استثمروا فرصة الغياب الحكومي بعد سقوط صدام ليلتهموا كل ماوقعت عليه أيديهم النتنة!

أن المواطنين العراقيين، وعلى رأسهم الشباب، ماأنفكوا يشتكون بحرقة من تفشي الرشوة والفساد بكل أشكاله في مختلف الدوائر الحكومية. وغدا أمر التعيين في الوزارات، وخاصة الحيوية منها مثل النفط، يقتضي دفع رشوة ربما تصل حد  1500 دولار الأمر الذي يعطي مؤشرا أن مسؤولين كبار متورطين في مثل هذه الأفعال الشنيعة! والخطورة الأخرى في هذا الأمر أن الوضع المشين هذا امتد الى الدوائر الأمنية (التعيين في سلك الشرطة أو أنجاز معاملة مستعجلة في دوائر الجوازات والجنسية) حيث الدفع بالدولار ايضا. ولعل ماشهدته مدينة البصرة في الأسابيع الماضية من صراعات شرسة تخللتها عمليات قتل وأغتيالات لامعنى لها تأتي في هذا الخضم حيث تضارب المصالح المادية وسيادة المال الحرام وفقدان الشفافية وضعف النفوس المريضة وتفشي روح المافيات المجرمة! وما نهب الثروة النفطية المتواصل بشكل مافيوي منظم بأشراف مسؤولين من الدوائر الحكومية والأحزاب المتنفذة في البصرة ألا دليل ساطع على ذلك يؤيده ماتبين من الندوات الشفافة التي شهدتها أكثر من فضائية عراقية حول هذا الموضوع.

الأمر خطير للغاية ويقتضي تدخلا حكوميا فاعلا للتعاطي الحاسم مع هذا الوضع الخطير الذي يهدد أقتصاد البلاد ويشي بأشاعة المزيد من الأزمات  التي لم يعد الشعب يحتملها، وهو مايعول عليه العراقيون كثيرا أثر تشكيل حكومة الأستاذ المالكي المتجانسة بأذن الله تعالى. أما ابناء شعبنا العراقي الأبي فعليهم مهمات جسام في المرحلة القادمة فبعد تكشف عورة المتورطين بقتل الشعب أقتصاديا يتعين أن لاتعطى الأصوات الىالذين تم التعرف على تورطهم بالفساد وأيغالهم بنهب المال العام كما ينبغي أن لاتذهب الأصوات الى الأحزاب التي يرتبط بها أولئك السراق، وهذا واجب وطني وشرعي أيضا في أسهامنا جميعا بقطع دابر اعداء الشعب.

كما نتوقع من مفوضية النزاهة العامة ممثلة برئيسها الوطني الرائع القاضي راضي الراضي بأن تواصل متابعتها الدقيقة والواعية لمن تلطخت أيديهم من مسؤولين كبار وصغار بالسحت الحرام وخاصة في الفترة التي أعقبت سقوط البعث المنهار وأمتدادا لهذه الأيام التي مايزال الكثيرون غائصين فيه في بحر الرشوة والفساد! على أننا لابد من أن نثني هنا على وسائل الأعلام وخاصة فضائيات العراقية والفيحاء والديار والحرة عراق  التي تطرقت الى الموضوع بجدية وعمق وكذلك الصحف العراقية التي دأبت على النقر على هذا الموضوع الحساس.

ويبقى بعد كل ذلك دور الدولة في التثقيف العام حول الموضوع وحث دوائر الدولة كافة بضرورة محاربة الفساد والمفسدين وعدم التساهل أبدا حول هذا الأمر. أنها فترة جهادية نضالية شرسة لابد من خوضها حتى يتبين الحق من الباطل وحتى تنتعش نفوس العراقيين البسطاء التي أنكفأت الى الداخل منذ عقود من السنين.

و كل ذلك بحسب راي د. أحمــد عبدالله في المصدر المذكور .

المصدر : البديل الديمقراطي– 23-5-2006