إعمار العراق ودوره في امتصاص البطالة

 

المهندس عادل عبد المحسن اللامي

 

لشركات القطاع الصناعي بكوادره وبمختلف اختصاصاتها تجربة غنية جدا في مجال الاعمار فقد تعاونت هذه الكوادر فيما بينها ومع كوادر القطاعات المختلفة الاخرى في اعمار وتأهيل مختلف مرافق الحياة المتضررة والمتوقفة عن العمل في العقدين الماضيين إذ تعاونت هذه الكوادر في حينه وبامكاناتها المحدودة في اعمار المصانع المختلفة ومحطات توليد الكهرباء والبدالات ومحطات تصفية الماء ومعالجة مياه المجاري اضافة الى مصافي النفط وكانت عمليات الاعمار والبناء موزعة على مساحة العراق من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه وشملت اعمال اعمار المباني المختلفة من صناعية وغير صناعية والمشيدة بالبناء التقليدي او باستعمال الهياكل الحديدية المغلفة بالالواح المفردة او المعزولة اضافة الى اعمار المكائن والمعدات والاجهزة المختلفة إذ تمت اعادة تشغيل المعامل ومحطات الكهرباء والماء والمصافي والبدالات ومحطات الماء ومعالجة المياه بأوقات قصيرة جدا اذا ما قيست بحجم الضرر الذي لحق بهذه المرافق اضافة الى ذلك فقد ساهمت هذه الكوادر بمشاركة كوادر هذه المنشآت في تشغيل هذه المرافق وادامة عملها وتطوير ادائها وبذلك اصبحت لكوادر شركات القطاع الصناعي والقطاعات الاخرى خبرة غنية جدا في مجال الاعمار والتأهيل واصبحت لهم القدرة في معالجة واصلاح منظومات السيطرة المعقدة في محطات التوليد والمصافي وغيرها، كذلك اصبح بمقدور هذه الكوادر الفنية تحوير بعض المنظومات في محطات الكهرباء وغيرها مع الاحتفاظ بالاداء الكفوء لهذه المحطات ولجأت هذه الكوادر الى التحوير بسبب شحة الاجزاء الاحتياطية والمواد وصعوبة تأمينها من الخارج في حينه.

وفي الوقت الحاضر ولاستعداد المجتمع الدولي للتعاون وابداء المساعدة لاعمار العراق وخاصة الدول الغربية فان مساهمة كوادر القطاع الصناعي في عملية الاعمار والبناء اصبحت اسهل إذ بالامكان تدريب بعض الكوادر على مدى التطور الحاصل في مختلف المجالات التي لم يسبق لهذه الكوادر التعرف عليها طيلة الخمس عشرة سنة الماضية وبذلك سيكون بمقدور كوادرنا المساهمة الفاعلة في عمليات الاعمار والتأهيل بمعية الشركات العالمية المختلفة وخاصة الشركات التي سبق أن ساهمت بانشاء المصانع ومحطات تصفية المياه وغيرها، وان ما يسهل عملية الاعمار في الوقت الحاضر هو عدم وجود تقييدات في توريد ما تحتاجه هذه العملية من اجزاء احتياطية ومكائن ومعدات ومواد...الخ.

ولكوادر القطاع الصناعي دور رئيسي في  عملية الاعمار والتأهيل وان هذه العملية ستتم بوتائر سريعة جدا بعد استتباب الامن مما سيتيح للشركات العالمية ذات العلاقة بالمساهمة بهذه العملية ونعتقد بأن هذه الشركات ستعتمد اعتمادا كبيرا على كوادرنا ذات الخبرة العالية والتي اكتسبتها في مجال الاعمار والتأهيل طيلة الخمس عشرة سنة التي سبقت احداث 2003 ونرى بان يكون دور الشركات العالمية بالدرجة الرئيسية توريد الاجزاء الاحتياطية والمعدات والمواد اضافة الى الاشراف على البعض من اعمال الاعمار المعقدة وستقوم كوادرنا بالدور الرئيسي في اعمال الاعمار (التنفيذ العملي) وباشراف خبراء اكفاء من الشركات العالمية وبالدرجة الرئيسية على العمليات المعقدة.

ان الظروف الامنية غير مستقرة في الوقت الحاضر وبغياب الخبراء الاجانب (لعدم امكانية مجيئهم الى العراق) يمكن البدء بعملية الاعمار والبناء على نطاق واسع من قبل كوادر القطاع الصناعي وبالتعاون مع كوادر القطاعات العراقية الاخرى اعتمادا على خبراتهم السابقة اضافة الى سهولة توريد الاجزاء الاحتياطية والمواد التي تحتاجها عملية الاعمار عن طريق الاستيراد كذلك الى امكانية تدريب الكوادر العراقية على بعض الفعاليات وخاصة التي طرأ عليها تطور سريع في الآونة الاخيرة والتي لم تتح الفرصة لهذه الكوادر الاطلاع عليها في الحقبة الماضية للظرف الاستثنائي الذي مر به العراق والمعروف للجميع وبذلك سيتمكن الكادر العراقي من انجاز عملية الاعمار والبناء بنفسه مع دعم خارجي في توريد ما تحتاجه هذه العملية من استيرادات وسيكون لشركات وزارة الصناعة الدور الرئيسي في هذا المجال وذلك لوجود الخبرة الفنية لكوادرها اضافة الى وجود امكانية هائلة لدى شركات الصناعة الانتاجية والخدمية والتي ستساهم مساهمة فعالة في هذا النشاط مما سيؤدي حتما الى خفض التكاليف بصورة كبيرة وذلك لوجود امكانية تصنيعية كبيرة لدى هذه الشركات حيث يمكن تصنيع الكثير مما تحتاجه عملية الاعمار كتصنيع الهياكل الحديدية المختلفة مع ملحقاتها اضافة الى هياكل ابراج نقل الطاقة وما تحتاجه هذه الخطوط من مستلزمات اخرى كذلك تصنيع الكثير مما تحتاجه المصانع المتضررة كمعامل السمنت والاسمدة وغيرها اضافة الى الكثير من احتياجات البدالات والاتصالات وشبكات الكهرباء المختلفة والمحولات وغيرها وهذا كله يمكن ان تقدمه وزارة الصناعة لعملية الاعمار والبناء بكفاءة عالية وبوتائر متسارعة وخاصة بعد تأهيل مصانعها ذات العلاقة وحل نقاط الاختناق فيها كاصلاح مكائن ومعدات تصنيع الهياكل الحديدية وملحقاتها وخاصة اجهزة السيطرة الخاصة بها واصلاح مكائن التشغيل الميكانيكي التقليدية والمبرمجة ومكائن ومعدات تشكيل المعادن في مختلف شركات الوزارة اضافة الى اصلاح مكائن ومعدات الشركات المتخصصة بصناعة الكابلات المختلفة والمحولات والاجهزة والمعدات الكهربائية المختلفة وكذلك اصلاح المكائن والمعدات للشركات المتخصصة بالصناعات النفطية وخاصة مكائنها المتخصصة بالتشغيل الميكانيكي واللحام واجهزة الفحص اضافة الى تأهيل وحدات التكييف في المصانع المختلفة لشركات وزارة الصناعة واضافة الى ذلك يجب تأمين ما تحتاجه عملية الاعمار من خامات مختلفة وعدد عامة وخاصة لتأمين عمل مكائن ومعدات واجهزة شركاتنا المختلفة بكفاءة عالية لدعم عملية الاعمار بكل ما تحتاجه من معدات واجهزة مصنعة لتستعمل من قبل كوادرنا الميدانيين والعاملين في ميادين الاعمار المختلفة.

اضافة الى النشاطات اعلاه ولتنفيذ اعمال الاعمار بكفاءة وبنوعية عالية يتطلب تدريب قسم من كوادرنا الفنية العاملة في الشركات المختلفة اضافة الى الكوادر الفنية العاملة في ميادين الاعمار المختلفة لدى شركات عالمية متخصصة لغرض زيادة قدرات هذه الكوادر على مختلف الانشطة بهدف انجاح عملية الاعمار والبناء وبكوادر عراقية بالدرجة الرئيسية. وبذا تستطيع عملية اعادة الاعمار  امتصاص نسبة كبيرة من البطالة الماهرة وغير الماهرة والفنية.

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور.

المصدر:جريدة الصباح-18-5-2006