قراءة في كتاب الفقه :  الاجتماع لآية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي(رحمة الله عليه)

 

 

إسم الكتاب: الفقه الاجتماع ، وهو أحد أجزاء الموسوعة الفقهية التي ناهزت المائة وخمسون مجلدا

إسم المؤلف: المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى الإمام السيد محمد الشيرازي(رحمة الله عليه)

قراءه:حامد السعيدي  

 

يعدّ علم الاجتماع من العلوم الإنسانية التي لا تقل شأناً عن بقية العلوم، بل يعتبر من العلوم المهمة نظراً لما له من أهمية في معرفة ديناميكية المجتمع وتطوره وانحطاطه، لأنه يهدف إلى معرفة العلل والأسباب التي تؤثر في سير المجتمعات صعوداً أو هبوطاً، لتحقيق النتائج الأساسية في وجود الكائن البشري، والمقومات التي تجعله كائناً متطوراً على كل الأصعدة الثقافية والفكرية والاقتصادية والسياسية.

ومن دون معرفة آلية حركة المجتمع ومقوماته والبناء الفكري والمعرفي، لا يمكن التكهّن في تقدم الشعوب وتخلفها لأن المجتمع سيبقى يتخبط يميناً وشمالاً تحكمه وتؤثر فيه الفوضى والعبثية على مستوى التطبيق العملي، فلابد من وضع نظرية اجتماعية متكاملة الأبعاد على المستوى النظري والعملي حتى يمكن إدراك النتائج المستقبلية.

وكما هو معروف إن هناك عدة مدارس اجتماعية يلازمها الاختلاف في المنهج كالمدرسة المادية الديالكتيكية، ومدرسة التحليل النفسي، والمدرسة النسبية. وكلّ يختلف في آلياته ومناهجه لتفسير المجتمع وتحليله.

وتأتي محاولة هذا الكتاب (الاجتماع) من قبل المؤلف سماحة الإمام السيد الشيرازي (دام ظله) إحدى المحاولات التي تنطلق من رؤية إسلامية متكاملة وشمولية، لترسم المخطط العام للمجتمع الإسلامي بوصفه خاتم الأديان السماوية، ويمتلك نظرية متكاملة الأبعاد في كل نواحي الحياة الإنسانية.

وكانت هذه المحاولة موفقة على المستوى النظري، وتبقى مسألة التطبيق العملي والممارسة حيث أكد سماحة المؤلف في طيات الكتاب، أن التخلف في المجتمع الإسلامي ناتج عن عدم تطبيق الرؤية الإسلامية الصحيحة في المجتمع وليس الخلل في البناء الفكري الإسلامي.

ودعا المفكرين والكتّاب إلى تأسيس الوعي الإسلامي في نفوس الجماهير كي يستطيعوا أن يكوّنوا قاعدة جماهيرية واسعة، لمحاربة القمع والدكتاتورية والفساد، ونشر الحرية والعدل والمساواة. وتأتي هذه المحاولة من قبل سماحته إلى التصدي لنظرية اجتماعية في قبال النظريات الاجتماعية الأخرى والمدارس والتيارات المختلفة التي واجهت الفكر الإسلامي وتطبيقه في المجتمع.

إن الرؤية الإسلامية النابعة من القرآن والسنة تعتمد على تطبيق المنهج الإسلامي في حركة المجتمع الاقتصادية والسياسية والثقافية في قبال المدرسة الشيوعية والرأسمالية، والتي تأتي لتفسر المجتمع على أساس السنن الإلهية الحتمية التي اعتمدها القرآن في حركة الأنبياء والمصلحين.

ومن الضروري أن يكون هناك اختلاف في الرؤية للمجتمع، نظراً لاختلاف منابع المعرفة في كلا التيارين، أعني التيار الإسلامي والتيار المادي المتمثل في التيارات الأخرى. وبما أن الإسلام بوصفه أحد الأديان الثلاثة المهمة في العالم ـ والخاتم للأديان السماوية ـ كان لابد من إعطاء نظرية جامعة عن حركة المجتمع المتطور والمتخلف، فجاءت كتابات كثيرة قديماً وحديثاً من المسلمين.

وكان أول من كتب عن المجتمع والتاريخ (ابن خلدون) الذي حاول اكتشاف القوانين وحتميتها وتطبيقها على المجتمع. وتبعه آخرون حاولوا أن يؤصّلوا رؤية قرآنية عن المجتمع. وكانت هذه المحاولة لهذا الكتاب من السيد الإمام الشيرازي (دام ظله) لرسم معالم النظرية الاجتماعية وفق النظرة القرآنية.

وهي محاولة متميزة في رسم الهيكل الاجتماعي للمجتمع المسلم وبقية المجتمعات التي ترنو التحرر من عبودية الغير، وتحاول أن تعيش بحرّية وتقدم وتجعل لنفسها شخصية ذاتية وكيان محترم يحترم إنسانية الإنسان، ويعمل لأجل إفساح المجال للآخرين للتعبير عن وجهات نظرهم في شتى الحقول الحياتية، وكذلك نشر الفضيلة والأخلاق العليا التي فقدتها مجتمعات كثيرة، وخصوصاً مجتمعات تُعتبر متقدمة صناعياً ومدنياً.

وكذلك ركز على عدة قضايا مهــمة وحاول معالجتها وفق القرآن والسنة النبوية الشريفة، مثل قضية تخلف الشعوب المسلمة، وأسباب التخلف، وكيفية الخلاص من التخلف؟ وهل التخلف نتاج حركة المجتمع الداخلي؟ أو عوامل خارجية كالاستعمار الذي حاول ـ وبكل جهده ـ أن يجعل الشعوب المسلمة متخلفة في مجتمعاتها لكي يسيطر عليها وينهب ثرواتها ومقدراتها. ولكي يبقى المجتمع المسلم مفتقراً للاستعمار المباشر أو غير المباشر، كي لا يستطيع أن يواجهه أو يتمرد عليه، وبذلك تبقى المركزية للدول المتقدمة وتبقى الدول المسلمة تابعة تدور في فلكه لا حول لها ولا قوة، يسودها الجهل والأمية والفقر والأمراض والقمع والتبعية.

إلى هنا كان لابد لمثل هذا المجتمع أن ينهض ويعي هذا الوضع المزري لكي يعيش إنسانيته وحريته كما فطره الله سبحانه وتعالى: (ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضّلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلا).

إن محاولة الســيد الشيرازي في إعادة الهيكل الاجتماعي ورسم ملامح جديدة عن المجتمع المسلم ورصده لإشكالية الدولة في ظل المجتمع المتخلف، وعدم قدرة الشعب على الانتخابات النزيهة، وتهميش الفرد في ظل الدولة الدكتاتورية التسلطية، واستلابه حقوقه المشروعة ومواطنيته التي منحها له الله سبحانه وتعالى، ورصده للمشكلة الاقتصادية وما يتعلق بها من إطار معرفي، والمشكلات والأزمات التي تنتج عنها، وكذلك المشكلة الثقافية وحدودها في ظل المجتمع الحر المسلم، والتحرك الأفقي والعمودي للمجتمعات، وتناول مسألة الانقلابات العسكرية، وإشكالية صعودهم إلى السلطة، والمشكلة السكانية والمؤسسات الاجتماعية، وإشكالية التعقيد في مؤسسات الدولة..إذن حاول المؤلف في هذا الكتاب أن يتعرض لأبرز القضايا الاجتماعية، أسبابها ونتائجها وطرق علاجها وكانت موفقة إلى حد كبير.

إن حركة التاريخ في المجتمع البشري لها عدة تفسيرات. فيرى العالم الفرنسي فيكو (Vico) مثلاً: أن للتاريخ حركةً أسماها بـ (الحركة الحلزونية) وهي أشبه ما تكون بالحركة الدورانية الصاعدة والنازلة، وعبّر عنها بأن الحضارات كالجسم البشري لابد أن تموت بعد أن تحيا.

ولكن سماحة الإمام المؤلف (دام ظله) ذهب إلى النظرية القائلة بأن التاريخ يسير في حركة صعودية ـ لا نزولية ولا دورانية ـ وهذا يعني أن الإنسان في حالة من التقدم في كل الميادين الحياتية وفي شتى المجالات. ولكن الهدف من صعود الإنسان في التاريخ هو سعادته، وهي لا تتوفر إلا في ظل العدالة الاجتماعية، وهي تعني إعطاء كل ذي حق حقه.

وهنا يؤكد أن قضية العدالة والحرية والأخوة ـ هذه المبادئ الثلاثة ـ هي الأصل في سعادة الإنسان في المجتمع العادل والمتقدم، وأن هذه المبادئ الثلاثة منبثقة من روح القرآن الذي صرح في أكثر من موضع بكرامة وحرية الإنسان، وأمر بالعدل والإحسان، ثم التكافؤ بين الناس وأنهم من جهة التمثال أكفاء.

ونلاحظ أن الرؤية القرآنية رؤية شمولية (زمكانية) أي لا تخضع إلى الظرفية الزمانية والمكانية. وهي بذلك تعطي المجتمع البشري نتائج لمقدمات مفروضة تعمل على تقديمها للإنسان بوصفه موضوعاً لئن يُصلح البيئة والمجتمع الذي يعيش فيه.

وهذه الرؤية في قبال الرؤى الأخرى التي تعتمد في جانبها التفسيري والتحليلي على الجانب التجريبي والإحصائي لمشكلة ما في المجتمع، وتقدم الحلول الوقتية لتلك الظاهرة الاجتماعية، وهي بذلك تغامر في النتائج المتوقعة. فربما جاءت على نقيض ما توقعت.

وبذلك تحدث الكوارث الإنسانية والمشكلات الاجتماعية، كما في الغرب مثلاً، حيث نعى جماعة من علماء الأخلاق ـ كما نقل سماحة المؤلف ـ تحطّم الاجتماع الغربي من جهة التناقضات السائدة في تلك البلاد.. لأن الاجتماع يدعو الفرد من ناحية إلى حب الإنسان ومراعاة حقوقه، ومن ناحية أخرى حب الشهرة وجمع المال على كل الاعتبارات وإن أدّت إلى سحق الإنسان، وتارة إلى إقناع الناس بحقائق مقبولة بواسطة الدعايات الملتوية في الإذاعات والصحف.

وهذه التناقضات تؤدي ـ وبشكل ضروري ـ إلى الاختلال كما تؤدي إلى انحطاطه وفساده. لذلك ينقد سماحة الإمام المؤلف كل القوانين الوضعية التي تحطّ من قيمة الإنسان، لأنها تكون السبب في تهيئة مناخ الانحراف في المجتمع. فالقانون الوضعي يطبق على العالم وغير العالم والمضطر وغير المضطر. أما القانون الإسلامي فيأخذ بعين الاعتبار مثل المضطر والجاهل والناسي وما أشبه ذلك، حيث روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): تسعة أشياء رُفعت عن الإنسان (ما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا إليه وما استكرهوا عليه والنسيان والسهو والطيرة والحسد ما لم يظهر بيد أو لسان والوسوسة في التفكر في الخلق)(1).

فالقوانين الوضعية هي قوانين ظالمة إذ يكون فيها المجرم بريئاً والبريء مجرماً، فينعكس فيها العدل وتسود الجريمة وتنقلب فيها القيم، لأن المجرم الغني يستطيع عن طريق المال أن يكون بريئاً، أما الفقير الذي ربما لم يكن مجرماً سيكون مجرماً بنظرهم.

إن العلاج لمثل هذه المجتمعات كما حددها سماحة الإمام المؤلف (دام ظله) هي العودة إلى الله سبحانه وتعالى، ثم تقسيم القدرات على جميع الناس حتى لا تجتمع في أشخاص فيسود الظلم والفساد. والإسلام هو الخلاص لأنه دين إلهي متكامل يعطي للإنسان كل حقوقه الشخصية والعامة ثم إن سماحة الإمام المؤلف قسم المجتمعات إلى أربعة أقسام: المجتمع الجامد، والمجتمع المتسافل، والمجتمع المتصاعد ذي الأسس، والمجتمع المتصاعد بدون أسس.

إن القسمين الأولين من المجتمعات سلبيان إذ لا قيمة لهما من حيث التطور الفكري والإنساني، لأن الأول (بدائي) في التفكر والثاني (منحط) إنسانياً.

أما القسمان الأخيران ففلسفتهما صحيحة بالنسبة إلى الإنسانية، لكن بينهما نسبة في مراعاة الأسس.

ثم إن المجتمع المتصاعد، يكون التصاعد فيه نابعاً من ذاته سواء أكان تلقائياً أم بسبب التلاقح الحضاري بين الأمم. وبذلك يؤيد سماحة الإمام الشيرازي فكرة الانفتاح والتلاقح الثقافي العلمي الأممي، ولا يجعل ذلك حاجزاً عن معرفة الله.

فالدين لا يمانع ـ بل يحبذ ويشجع على ـ التلاقح الثقافي ومعرفة التجارب البشرية. وهو بذلك يجعل المجتمع المتصاعد في قمة هرم المجتمعات البشرية والمدنية، لأنها اختزلت كل التجارب البشرية وحاولت الانتفاع بها والتمتع ببركتها، مع حضور الفضيلة والأخلاق والحرية والعدل والأخوة، فيكون المجتمع حاضراً في كل الميادين الثقافية والسياسية والاجتماعية. ويؤكد كذلك فكرة التجديد، وأن الدولة لابد أن تكون عصرية وتتعامل بأساليب تتناسب مع العصر ومقتضياته.

إن قضية الحكم الدكتاتوري في السلطة ـ وهو ما يقابل حكومة الشعب المنبثقة من الأغلبية ـ هي من المسائل التي شغلت حيزاً من بحث سماحة الإمام المؤلف ودراسته، ورسم المخطط الدكتاتوري وطبيعة الأسباب الداعية إلى ذلك كما صنّف الدولة إلى التقسيم الثلاثي، وهي: إما دكتاتورية أو نصف دكتاتورية أو حكومة الشعب التي تكون عن طريق الانتخابات الحرة.

وهو بذلك يدعو إلى حكومة تعتمد على رأي الأغلبية وترشيحهم لها، وإعطاء الناس حقوقهم المحلية والوطنية. كما أنه تساءل عن سبب حضور الانتخابات الحرة في الغرب، وعدم وجودها في الشرق؟ وأجاب عن ذلك بأن الوعي الثقافي الجماهيري لم يكن موجوداً، وبذلك ساد الحكم الدكتاتوري والحكم الواحد.

ولذلك دعا المفكرين والكتّاب إلى تأصيل الوعي الثقافي، وخلق قاعدة جماهيرية، والعمل على تكريس الوعي السياسي حتى تصل الجماهير إلى حالة النضج الذي يؤهلها لرفض مثل هذه الأساليب القمعية ومصادرة آرائهم الجماهيرية، وهذا ما يوصل الجماهير إلى قمة الوعي وبداية الحياة الاجتماعية الصحيحة.

وتستطيع الجماهير عن طريق الثورة بعد تمثل الثقافة والنضج أن تغير الحكم في السلطة، لذلك عكف سماحة الإمام المؤلف على تفسير مفهوم الثورة وطبيعتها وكما أسماه بـ (الانقلاب الاجتماعي). وأبدى اهتماماً كبيراً بالثورة بوصفها حالة اجتماعية ضرورية لولادة مجتمع جديد تسوده الحرية والعدل والمساواة، وذكر وأن السبب الرئيس في الثورة هو عدم الرضا بالحكم القائم واليأس من إصلاحه والقابلية على الحكم البديل.

وعالج المؤلف إشكالية التداخل الاجتماعي والانضمام إلى الجماعات، حيث دعا النخب والمثقفين والمتطلعين إلى الانضمام إلى الجماعات في بقية أنحاء المعمورة والتلاقح معهم فكرياً وثقافياً، لأنّ من أسباب تقدم بلاد الإسلام اختلاط الثقافات المختلفة لما وفره الإسلام من حريات واحترام لآراء الآخرين حيث اختلطت الثقافات في بداية عصر الرسالة، مما ساهم كثيراً في الإبداع الفكري والعملي كما ساهم في ازدهار العلم الحديث.

واحتلّت مشكلة الفقر في المجتمع جزءاً من اهتمام سماحة الإمام المؤلف في نقاشها بصورة موضوعية، مقارناً بين الفقراء والأغنياء من ناحية الصحة والأخلاق والتعليم ودعمها بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وأحاديث أهل البيت (عليهم السلام). ونبّه على أن الإسلام أعطى منهجاً لعلاج الفقر ومنحهم ـ عن طريق الدولة ـ راتباً شهرياً يسدّ جميع احتياجاتهم، واستدلّ عليه بما جاء في نهج البلاغة في وصية الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر: (الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم من المساكين والمحتاجين..) إلى أن يقول: (واجعل لهم قسماً من بيت المال...).

ولاحظ أن نمو الشخصية الفردية الاجتماعية لا تقل خطورة عن غيرها، كما لاحظ أن تقسيم الحكم والعلم والمال للجميع بصورة عادلة، تجعل من الشخصية الاجتماعية تنمو نمواً طبيعياً بدون عقد نفسية أو أمراض جسدية. ونبّه كذلك على أن الصفات النفسية والجسدية والمحيط الطبيعي والوضع المعيشي والتعليم يؤثر في الشخصية والعائلة، ولها مدخلية كبيرة في رسم الشخصية الفردية وإنشائها. وركز على دور التربية وأثرها في استقامة الشخصية وانحرافها.

إن الابتعاد عن الله هو السبب في المشاكل العالمية؛ الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وإن الحروب والفساد والانحطاط تعود إلى عدم الإيمان بالله. ذلك لأن الإيمان بالله يذوّب الخلافات ويحسم النزاعات ويقطع دابر الفساد. والرجوع إلى الدين هو الشيء الذي يعيد إلى البشرية عقلها ورشدها، ويجعل البشرية تعيش بأمنٍ وسلام. وأخيراً نبّه سماحة الإمام المؤلف (دام ظله) على أن قيام الدولة الإسلامية هو الخلاص، لأنها الوحيدة القادرة على تحقيق العدل والحرية والأخوة والمساواة.

ثم تناول سماحته ـ في الجزء الثاني من الكتاب ـ مجموعة مسائل اجتماعية. منها: الحروب، أسبابها وعلاجها. وقسم الحروب إلى حروب استغلالية، وحروب تحررية. ثم استعرض أسباب كثرة الحروب في العالم، فالابتعاد عن الله وعدم الإيمان هو السبب الرئيس في النزاعات والخلافات والحروب، والإسلام كان يدعو إلى السلم والسلام كما جاء في قوله تعالى: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكّل على الله)(2) وآيات أخرى.

ثم استعرض أحاديث نبوية تنص على هذا المفهوم وتناول قضية العائلة والبعد الاجتماعي لها، وبحث منها قضية الزواج والفوضى الجنسية والأولاد والتربية والعائلة والبعد الاقتصادي بالنسبة لهم، والمرأة وحقها في العمل والإنجاب، ومشاكل العائلة الحديثة، ومشكلة الطلاق وأســبابه وأضراره على المجتمع والمرأة، وإشكالية المساواة بينها وبين الرجل. ثم انتقل إلى دور الدين في المجتمع وآثاره الإيجابية وموقف المستغلين للدين، وأوضح أن فقدانه في المجتمع يسبب القلق والخوف.

ثم أنهى سماحة الإمام المؤلف (دام ظله) الكتاب بموضوع أخلاقي اجتماعي رصد فيه السلوك الاجتماعي وأثره في الإنسان، وتناول فيه عشرات العناوين السلوكية المستحبة وبعض المكروهات، ومنها كيفية المعاشرة مع الإخوان واستحباب توقيرهم، وكراهة العزلة عن الناس، واستحباب اكتساب الإخوان وقبول النقد والعتاب.

وبذلك أعطى المؤلف منظومة متكاملة عن أبعاد المجتمع، ورصد فيها قضايا كبرى ورئيسية وقضايا جزئية وثانوية، تُعرّف القارئ الرؤيةَ الاجتماعية من خلال منظور القرآن والقوانين الاجتماعية الحتمية، وبذلك تتشكل التصورات الأساسية عن (المجتمع المسلم) الذي تسوده الحرية والعدل والمساواة.

 ..............................................

الهوامش:

- تحف العقول ط4، وراجع وسائل الشيعة (طبعة المكتبة الإسلامية)، ج11 ب56 (جملة مما عفي عنه) ص295.

- الأنفال: 61.

المصدر: alshirazi.com