ماوتسي تونغ القصة المجهولة

 

الكتاب: ماوتسي تونغ: القصة المجهولة

تأليف : يونغ شانغ - جون هاليدي 

الناشر: انشور بوكس ـ لندن 2006

الصفحات: 803 صفحات من القطع الكبير

 

قام بتأليف هذا الكتاب كلٌّ من الباحثة يونغ شانغ والباحث جون هاليدي. والأولى ولدت في الصين الشعبية عام 1952 وانخرطت في الحرس الأحمر وعمرها أربعة عشر عاما فقط. ثم اشتغلت في أحد المصانع قبل أن تكمل دراساتها وتتعلم الإنجليزية وتصبح أستاذة في الجامعة. ثم أتيح لها أن تغادر الصين عام 1978 وتختص بعلم الألسنيات وتصبح أستاذة في جامعة يورك بانجلترا.وأما جون هاليدي فهو كاتب ومؤرخ بريطاني، وكان أستاذاً زائراً في المعهد الملكي التابع لجامعة لندن.

وفي هذا الكتاب الضخم الذي يتجاوز الثمانمئة صفحة من القطع الكبير يروي المؤلفان قصة حياة ماوتسي تونغ بحذافيرها منذ البداية وحتى النهاية. وهما يقولان ما معناه: لقد كان ماوتسي تونغ يمتلك سلطة مطلقة على ربع سكان الكرة الأرضية خلال سبعة وعشرين عاما. وهو المسؤول عن مقتل سبعين مليون صيني على الأقل في زمن السلام لا الحرب، وبالتالي فقد قتل من الناس أكثر من أي قائد آخر في القرن العشرين، أي أكثر من هتلر وستالين على حد سواء. وهذا ما يجهله الكثيرون حتى الآن.

ويشن المؤلفان حملة شرسة على القائد الصيني الكبير ولا يعترفان له بأي ميزة على عكس الكتب الأخرى. ويقولان بأنه لم يكن مثاليا ولا مفعما بالإيديولوجيا الإنسانية الثورية على عكس لينين أو سواه من القادة الكبار، وإنما انضم إلى العقيدة الماركسية اللينينية بشكل انتهازي لأنها تتيح له تشكيل الحزب الواحد والهيمنة على السلطة.

ثم يردف المؤلفان قائلين: من المعلوم أنه سيطر على الحزب الشيوعي الصيني في نهاية الثلاثينات من القرن العشرين، ثم سيطر على كل مقاليد السلطة في الصين بدءًا من علم 1949. وقد حصل ذلك بعد حرب أهلية مرعبة وبعد أن ساعده الاتحاد السوفييتي على ذلك. وعندئذ أصبح ماوتسي تونغ أكبر قائد استبدادي وتوتاليتاري في التاريخ.

والشيء الغريب العجيب هو أن ماوتسي تونغ تحول عندئذ إلى شخص مخفيّ عن الأنظار وغير مرئي تقريبا، وهكذا زادت هيبته لدى الشعب وأصبح يسير الأمور من وراء الستار. وفرض على شعبه حالة من الاستنفار العسكري المستمر، وهو استنفار تتخلّله من وقت لآخر فترات انفجار ثوري عارم وحملات إرهابية مرعبة. انظر الثورة الثقافية... .

ولكن هذا الإرهاب كان جزءًا من مخطط سري شامل يهدف إلى جعل الصين أكبر قوة عظمى في التاريخ من أجل الهيمنة على العالم. هذا هو حلم ماوتسي تونغ المخفي الذي لم يبح به لأحد، ومواصلة هذا الحلم أدت إلى موت ثمانية وثلاثين مليون صيني في أكبر مجاعة عرفها التاريخ.

ولكن لا أحد يتحدث عن هذا الجانب السري والمجهول من حياة ماوتسي تونغ. ولهذا السبب فإن كتاب يونغ شانغ وجون هاليدي يهدف إلى كشف الستار عن هذا الجانب المظلم وغير المعروف من حياة ماوتسي تونغ. ولهذا السبب دعي الكتاب بالقصة المجهولة أو السرية.

كما ويلقي الكتاب أضواء ساطعة على علاقة ماوتسي تونغ بستالين، وكانت وثيقة. ويكتشف لنا أيضا عن جوانب من الحياة الشخصية للزعيم الصيني وبخاصة علاقاته مع زوجاته المتتابعات ومع أطفاله. ويبدو أنه كان يمارس على الجميع نوعا من السلطة الاستبدادية المرعبة. فالرجل لا يقبل النقاش.

لقد أمضى الباحثان مدة عشر سنوات وهما يدرسان الأرشيفات السرية عن تلك الحقبة قبل تأليف هذا الكتاب. كما والتقيا بشخصيات عديدة مهمة وأخذا منها شهادات عن ماوتسي تونغ وأعماله. وبالتالي فهذا الكتاب مليء بالأسرار والحكايات غير المعروفة. ويمكن أن يقرأ كرواية بوليسية من جهة وككتاب في الفلسفة السياسية من جهة أخرى: أي الفلسفة السياسية على طريقة مكيافيللي. فماوتسي تونغ كان أكبر قائد انتهازي في القرن العشرين. وتنطبق عليه كلمة لين بياو الشهيرة : السلطة السياسية هي سلطة قمع الآخرين. وقد استخدمها بالفعل لقمع الشعب الصيني كله وفرض عبادته عليه.

لكي يأخذ القارئ فكرة عن ضخامة هذا الكتاب والمحاور الأساسية التي تطرق إليها يكفي أن نذكر بعض عناوين الفصول. نلاحظ أنه مؤلف من مقدمة وستة أجزاء وخاتمة. الجزء الأول يتخذ العنوان التالي: إيمان الفاترين. وفيه يتحدث المؤلفان عن حالة الصين الانتقالية في تلك الفترة، وكيف أنها كانت تعيش مرحلة انتقالية بين القديم والحديث. كما ويتحدثان عن كيفية دخول ماوتسي تونغ إلى الحزب الشيوعي ومتى أصبح شيوعيا لأول مرة. وكما يتحدثان عن صعوده داخل الحزب ثم سقوطه في المراحل الأولى.

أما الجزء الثاني من هذا الكتاب الضخم فيتخذ العنوان التالي: المسيرة الطويلة نحو السيطرة على الحزب. وهنا يتحدث المؤلفان عن أساليب ماوتسي تونغ في التلاعب السياسي الهادف إلى تصفية خصومه والصعود نحو القمة. فقد استطاع إخضاع القائد الأعلى للجيش الأحمر، وأدى استلامه للسلطة إلى موت زوجته الثانية. ثم قام بحملة تطهير دموية واسعة فتحت أمامه الطريق نحو المجد: أي نحو السلطة العليا. وبعدئذ يتحدث المؤلفان عن ماوتسي تونغ والدولة الشيوعية الأولى في الصين.

أما الجزء الثالث من الكتاب فمكرس لدراسة الموضوع التالي: كيف رسخ ماوتسي تونغ أقدامه في السلطة وأصبح سيد الصين غير المنازع. وهنا يتحدث المؤلفان عن خطفه للقائد الصيني تشنغ كاي شيك، وعن صعوده في المراتب السلطوية، وعن زواجه للمرة الثالثة وذلك لأنه كان مزواجا مطلاقا كما يقال.

وهناك فصل في الكتاب عن كيفية اندلاع الحرب الصينية-اليابانية. ويثبت المؤلفان أن ماوتسي تونغ لم يكن مهتما بالدفاع عن بلاده ضد الغزو الأجنبي وإنما بكيفية تصفية خصومه الذين ينافسونه على السلطة. بل وقد استغل الغزو الياباني لكي يفعل ذلك. ويقال بأن ماوتسي تونغ كان يتمنى لو أن ستالين واليابانيين يسيطران على الصين وليس خصومه السياسيين. ويقال أيضا بأنه نصب كمينا قاتلا لجنوده بالذات.

ثم يتحدث المؤلفان بعدئذ عن كيفية تأسيسه لسلطته الشخصية بواسطة استخدام الرعب كوسيلة فعالة لإخضاع الناس. ويقولان بأنه كان يلجأ إلى سلاح السمّ إذا ما رفض أحد القادة المحليين الخضوع له. وهكذا سمّم العديد من الشخصيات التي اعترضت طريقه أو حاولت الوقوف في وجهه.

وأخيرا أصبح ماوتسي تونغ الزعيم الأعلى والأوحد للحزب الشيوعي الصيني. أما في الفصل الرابع من الكتاب فيتحدث المؤلفان عن كيفية فتح ماوتسي تونغ للصين والسيطرة عليها كلها. ويقال انه استخدم المخدرات من أجل خدمة الثورة. كما ويتحدث المؤلفان عن كيفية إنقاذ واشنطن له، ويشرحان لنا سبب هزيمة تشنغ كاي شيك أمامه، الخ.

وفي الفصل الخامس من هذا الكتاب يتحدث المؤلفان عن الموضوع التالي: ماوتسي تونغ يواصل حلمه الكبير، أي جعل الصين قوة عظمى. وهنا نجد فصولا عديدة تتحدث لنا عن علاقته بستالين ومنافسته له. أما الفصل السادس والأخير فيحمل العنوان التالي: الانتقام المرّ، وهو يتحدث عن آخر ما حصل له حتى موته 1976: أي قبل ثلاثين سنة بالضبط.

المصدر:البيان الإماراتية-4-2-2007