مشاكل وازمات اقتصادية تقلق العالم

 

 

الكتاب: مشاكل وأزمات اقتصادية تقلق العالم

تأليف :نعوم ابراهيم عبود 

الناشر: المؤلف نفسه - دمشق 2006

الصفحات: 120 صفحة من القطع الكبير

 

الباحث نعوم إبراهيم عبّود مؤلف الكتاب وُلد في الارجنتين عام 1926 من أبوين مغتربين سوريين . نشأ وتعلّم في اللاذقية ـ بعد عودة أسرته الى الوطن ـ وحصل على الشهادة الثانوية في عام 1951 درس (الاقتصاد والسياسة) في الاكاديمية اللبنانية في بيروت ساهم بتحرير مجلة الغد حصل على شهادة الحقوق من جامعة دمشق عام 1959عمل في وزارة المالية 37 عاماً شغل خلالها عدة وظائف منها مستشاراً لوزير المالية مسؤولاً عن ملف إدارة المديونية.

قام بتمثيل سورية عدة مرات في اجتماعات اقتصادية ومالية خارج القطر . حاضر في الدورات التدريبية التي نظمتها وزارة المالية.. له العديد من الدراسات والابحاث والمقالات الاقتصادية والمالية التي نُشرت في المجلات والدوريات والصحافة العربية والمحلية.

في كتابه الجديد مشاكل وأزمات اقتصادية تقلق العالم الذي يتضمن عرضاً مكثفاً من بحوث ودراسات لأزمات ومشاكل اقتصادية ومالية أقلقت العالم وما تزال تابعها المؤلف بدقة نتيجة اطلاعه الدائم على الكتب والتقارير الدولية وحضوره المؤتمرات والندوات العربية والعالمية ، بحكم عمله بوزارة المالية وتحمّله مسؤوليات إدارية فيها لمدة طويلة فأعدّ دراسة موثقة عن تلك المواضيع منها : أزمة المديونية الخارجية وتفاقمها مشكلة وصفة صندوق النقد الدولي . سرطان التضخم النقدي في المجتمع الاستهلاكي ظاهرة الاموال الهاربة والمهرّبة من الدول النامية.

صدمة تراقص أسعار النفط . والملف الختامي للكتاب تضمّن محطات اقتصادية وآمال واعدة لسورية في عام 2005 وما بعده. يتألف الكتاب من مقدمة وعدة عناوين عن تفاقم مديونية الدول النامية يشير الباحث الى تزايد المديونية الخارجية للدول النامية ـ دول العالم الثالث ـ بوتائر سريعة خلال الخمس عشرة سنة الماضية حتى غدت في وقتنا الحاضر تشكل أحجاماً كبيرة جداً وباتت من الظواهر المقلقة التي تستقطب اهتمام المجتمع الدولي ،

بسبب عجز العديد من الدول المقترضة عن تسديد الفوائد والاقساط المستحقة في اوقاتها، واضطرارها الى جدولة الديون واللجوء الى المزيد من القروض الخارجية الجديدة لتسديد التزامات الديون القديمة واستخدام القروض في نفقات غير انتاجية أو في مشاريع قليلة الجدوى اقتصادياً وزيادة حدّة العجز في موازين المدفوعات نتيجة قصور أو غياب السياسات المالية والنقدية الحكيمة في بعض تلك الدول كل هذا أدى الى تطور مفزع في أرقام حجم القروض وزيادة المديونية الخارجية والى ارتفاع أعباء خدمة الديون (الفوائد + الاقساط ) الى مستوى حرج للكثير من الدول النامية.

وعن إعادة جدولة الديون يتحدث الباحث عن ظهور مشكلة (أزمة المديونية الدولية) التي اخذت بالتفاقم بصورة ملموسة منذ عام 1981 الى طرح حلول لمواجهتها ومن ضمنها الحلّ المعروف بـ (إعادة جدولة الديون) كحلّ مؤقت قصير الأجل في اطار حلول اخرى طويلة الأجل تعتمد بصورة اساسية على التعديلات الهيكلية في اقتصاديات الدولة المدينة.

إن حلّ (إعادة الجدولة) برز اساساً ـ في السنوات الاخيرة ـ نتيجة غياب أو قصور الحلول الفعالة الاخرى التي يمكن استخدامها لمواجهة الأزمة الحالية للمديونية الدولية. وهذا الحل ليس جديداً، وإنما مستخدماً منذ مدة طويلة وتكرار استخدامه في فترات سابقة على الحرب العالمية الاولى وبعدها. وعن توسيع مجالات اهتمام الصندوق النقد والبنك الدوليين وهيمنتهما يؤكد الباحث ان صندوق النقد والبنك الدوليين قد أُحدثا بموجب اتفاقية (بريتون ـ وودز) عام 1994 كانت لهما مهام متميزة فقد كان صندوق النقد يهتم بقضايا التدفقات النقدية وتوازن المدفوعات ، ومعالجاته تكون على المدى القصير ولمراقبة العناصر الاجمالية أو الكلية في الاقتصاد.

اما البنك الدولي فكان مجال نشاطه التطوير الاقتصادي والاجتماعي ، وتكون معالجاته على المدى الطويل. ولكن في عام 1980 مع بداية عقد محنة المديونية الخارجية) اتخذ صندوق النقد مبادرة بتقديم قروض لغاية (التصحيح الهيكلي والتوسع على قروض لتمويل البرامج الهادفة الى البحث عن حلول للقضايا المتعلقة بالبنية الاساسية التي تواجهها البلدان ، في الامد الطويل ، كما جاء في تقريره السنوي لعام 1981 وعن  الطفرة المعروفة في أسعار النفط التي حدثت في عقد السبعينات من القرن الماضي يؤكد الباحث بأن تلك الطفرة قد أربكت الكثير من دول العالم الثالث ، خاصة تلك المثقلة بأعباء مديونيتها الخارجيةإذ قفز سعر برميل النفط من 11، 5 دولار عام 1973 حتى تضاعف عام 1978 عندما ارتفع الى 70، 12 دولار وانعكس زيادة في السوء على الدول المدينة بقروض خارجية .

ودارت وتدور أسئلة عديدة مع ما يُسمى بـ «صدمة النفط الراهنة» التي رفعت كثيراً أسعار النفط الى ذروة غير مسبوقة في شهر أغسطس/آب 2004 ، عندما لامست سقف الخمسين دولاراً للبرميل . وعن ظاهرة التضخم والكساد ينبّه الباحث الى ان مجتمع الاستهلاك هو مجتمع التضخم ، وان التضخم هو سرطان الرأسمالية المعاصرة .

وهذا ما يؤكده معظم الاقتصاديين بين ظاهرة التضخم وبين الرغبة في الاستهلاك وطلب المزيد من السلع والخدمات ، نتيجة الارتفاع الذي يحدث في مداخيل العديد من الفئات الاجتماعية ، مما يؤدي الى تغيير النمط الاستهلاكي لهذه الفئات . وتواكب ظاهرة التضخم عدة اتجاهات ، تشكل فيما بينها ما اصطلح على تسميته (حلزون التضخم ) ، يمكن تلخيصها بالنقاط الرئيسة التالية :

1 ـ ان الطلب على السلع والخدمات غالباً ما يكون أكثر من العرض عليها .

2 ـ نتيجة ارتفاع الطلب على السلع والخدمات ، فإن مؤسسات البيع بأشكالها المختلفة تسعى الى ان ترفع أسعار منتجاتها ، متوقعة قبول المستهلكين لهذه الارتفاعات .

 3 ـ نتيجة ارتفاع الأسعار ، فإن العمال والموظفين يقومون بالمطالبة برفع أجورهم ورواتبهم بشكل يتناسب ومستوى المعيشة المرتفع ، الأمر الذي يرغم السلطات العامة على رفع الأجور نسبياً .

 4ـ نتيجة الارتفاع الجديد للأجور والمرتبات ، فإن المؤسسات الصناعية والتجارية تقوم برفع أسعار منتجاتها . ثم تبدأ من جديد عملية قلّة العرض ـ زيادة الأجور / زيادة في الأسعار ـ بالدوران من جديد مشكلة بذلك ( حلزون التضخم ) في الاقتصاد الرأسمالي.

من أهم أسباب الرئيسية للتضخم ـ المتفق على معظمها ـ والتي يمكن تلخيصها بالنقاط التالية : اختلال التوازن بين التدفقات المالية (الطلب الفعّال ) وبين التدفقات الحقيقية ( العرض المتاح من السلع والخدمات ) ، أي عدم التوازن بين العرض والطلب .

2 ـ عدم التوازن بين الاستهلاك والاستثمار .

3 ـ ارتفاع العجز في ميزان المدفوعات .

4 ـ اهمال مبدأ الاعتماد على الذات في تأمين الموارد المحلية وتنميتها ، والاخلال في تحقيق التوازن بين الواردات والنفقات .

عن ظاهرة الأموال الهاربة والمهرّبة من البلدان النامية يشير الباحث الى ان ظاهرة هروب وتهريب الأموال من البلدان النامية تستأثر باهتمام الناس ويؤرق الفكر الاقتصادي العالمي ، منذ أوائل عقد الثمانينيات ـ مع انها ظاهرة قديمة العهد وليست حديثة ـ وذلك عندما انفجرت أزمة المديونية الخارجية العالمية ، وتوقفت كبريات الدول المدينة في سنة 1982 عن دفع ديونها الخارجية ( المكسيك ـ البرازيل ـ الارجنتين ).

وأجمع الباحثون والخبراء الاقتصاديون والمحللون الماليون على ان هناك علاقة وثيقة بين تأزم مشكلة المديونية الخارجية وبين ظاهرة هروب وتهريب الاموال من الدول النامية المدينة، وبينوا ان هذه الاموال لو عادت الى بلادها فسوف تكون معيناً هاماً لهذه الدول للوفاء بقدر من ديونها الخارجية وتساهم في التخفيف عن أعبائها المرهقة ، فضلاً عن مشاركتها ولو جزئياً ، في حلّ معضلة تمويل المشاريع الاستثمارية التي تستهدفها خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلد . ويؤكد على ذلك عدد من الاقتصاديين على مشكلة التهريب والمديونية الخارجية.

المصدر: البيان الإماراتية-2-10-2006