دراسة في تقرير منتدى دبي :

                                         

                                         الإعلام العربي يواجـه الأرقـام الباردة للإنفاق الإعلاني

 

 

نظرة على الإعلام العربي، تمكن هذا الإعلام بمجمله من صحافة وإذاعة وتلفزيون من الإطلال ولربما لأول مرة على مواجهة حقائق محددة ينبغي التعامل معها، بعيداً عن التوقعات أو التصورات التي ربما احتلت فيها الرغبات والطموحات مكاناً أكبر من وقائع السوق الإعلامية. فالمؤسسة الإعلامية هي بآخر التحليل مؤسسة ستعمل ضمن سوق تجارية، وعليها أن تربح وتتفادى الخسارة. هذا بالطبع إن عملت حسب مقاييس المجتمعات الحديثة، وإن أرادت المحافظة على مهنيتها واستقلاليتها. وتدفع التطورات السياسية والاجتماعية في البلاد العربية الإعلام للأخذ بهذه المقاييس، فمن ناحية بات المستهلك لمنتجات هذا القطاع يطالب بالأخذ بها بعيداً عن إعلام الدولة أو المدعوم من قبلها إن كان بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن ناحية أخرى باتت العولمة كفيلة بإيراد مؤسسات أجنبية تنافس شبيهاتها العربيات، وتقدم نماذج للمواطن يقارن ويختار على أساسها.

وترافق كل ذلك مع تبلور نشاط للقطاع الخاص للاستثمار في مجالات النشر المرئي والمسموع والمكتوب، وهو قطاع ينتصب الربح كمقياس أساس أمامه. وترافق هذا الاتجاه وتعزز بتزايد نشاط القطاع الخاص الاقتصادي في مجالات أعمال أخرى مثل العقار مستعدة وراغبة في الإنفاق الإعلاني للوصول إلى المستهلك. وباتت قرارات المستثمرين للدخول في قطاعات الإعلام المختلفة بحاجة، مثلها مثل أي قطاع آخر، للخوض في دراسات الجدوى والتسويق ومعرفة احتمالات الطلب المتوقعة على المنتج، وفي حالتنا هذه الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية والإذاعات ومثيلاتها من أدوات النشر. وبالمقابل بات المعلنون بدورهم راغبين في معرفة مدى انتشار تلك الأدوات وما هي قدراتها على توصيل رسائلهم إلى مستهلكي بضائعهم في ظل وجود بدائل أخرى خارجية (مثل المساحات الإعلانية بالشوارع).

ولقد عمل نادي دبي للصحافة وشركة برايس ووتر هاوس كوبرز واستثمارات نيكوم معاً من أجل الخروج ببحث يصلح لأن يزيل عن أوضاع الإعلام العربي حالة من الهلامية، وعدم جلاء الأمور حدت من قدرة المستثمرين فيها والعاملين بها من اتخاذ القرارات اللازمة بالنظر لشح في المعلومات أو عدم اكتمال الصورة بها. وجعل من البدء بمشروعات إعلامية قراراً سياسياً أو ثقافياً قبل أن يكون اقتصادياً.

ووسط أهم عوامل اكتمال الصورة في مشروعات الإعلام، أهمية معرفة الإعلان ودوره في اتخاذ القرار، فحيث تقل نسبة مشاركة العائد من مبيعات المنتج الإعلامي أو حين يكون المنتج مجانياً (كما هو الحل مع كثير من محطات البث التلفزيوني والعدد المتزايد من الصحف المجانية) تتوقف حياة المشروع الإعلامي على الإعلان. ومن بين أهم نواحي البحث الذي أبرزه تقرير الإعلام العربي جزؤه الخاص بالإعلانات.

وحيث إن البحث قد شمل ست دول عربية، إلا أن إيراد النتائج الخاصة بثلاث دول خليجية يرتدي أهمية خاصة هنا لسببين أساسين: الأول هو أن بيئة تلك الدول هي الأقرب إلى البيئة البحرينية، والثاني هو أن البيئة الخليجية بيئة حديثة من الناحية الاقتصادية موفورة الحيوية، وبالتوسع الجلي في الاقتصاد وبالذات في قطاع العقار ارتفع الطلب على المساحات الإعلانية إن كان في زمن البث المرئي والمسموع أو على صفحات الإعلام المكتوب.

يتوقع لعائدات الإعلان في ست دول عربية تمت دراستها في الفترة بين العامين 2006 – 2011 إلى أن تنمو فيما بين 4,7% (المغرب) و8,31% (الإمارات العربية المتحدة).

يشير التقرير إلى أن سوق توزيع الصحف في المنطقة يشهد نمواً قوياً بالمقارنة مع وسائل الإعلام الأخرى (المرئية والشبكية) بسبب عدم نضوج أسواقها الإعلامية بالقدر الذي بلغته الأسواق المتقدمة. وتوقع التقرير استمرار النمو القوي لقطاع الصحف حتى العام 1102. وتقود هذا النمو في الأسواق الأقل نضوجاً مجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية ومنها: النمو القوي لإجمالي الناتج المحلي وارتفاع معدلات محو الأمية وتحسن جودة الصحافة عموماً.

يرصد التقرير الطفرة السنوية الملحوظة في الانفاق الإعلاني التلفزيوني وإلى حد أقل في سائر وسائل الإعلام في شهر رمضان، حيث يعمد المعلنون إلى تكثيف حملاتهم الإعلانية الترويجية فيه، للاستفادة من ازدياد المدة التي تقضيها الأسر أمام أجهزة التلفزيون ومن ارتفاع استهلاكها في ذلك الشهرة.

ومن أبرز محفزات نمو الانفاق الإعلاني في الصحف، ظهور الصحف المجانية في بعض دول المنطقة. وتستند تلك الصحف إلى نجاح مثيلاتها في بعض الأسواق الاوروبية والآسيوية. وتعتمد تلك المطبوعات في مداخيلها بنسبة 001% على الإعلانات وتجنح بالتالي إلى التركيز على الأسواق الجماهيرية وخصوصاً شريحة القراء الشباب. وتركز تلك الصحف على حجمها الصغير (تابلويد) وعلى الاهتمامات البشرية والترفيه والرياضة، أكثر مما تركز على القضايا المعاصرة. تهيمن الصحف على الإعلانات في بعض الأسواق مثل الكويت، بينما يهيمن التلفزيون عليها في أسواق أخرى مثل المغرب. وتلخص الجداول أدناه التوقعات الخاصة بالدول الخليجية.

الكويت

يبلغ عدد سكان الكويت نحو 3 ملايين نسمة، ويبلغ الناتج المحلي نحو 39 مليار دولار أميركي، بنمو اسمي يقارب 42%. ومن المتوقع أن تنمو إيرادات الإعلان بنسبة نمو سنوي مجمع قدره 9%.

والصحف هي الوسيلة الإعلانية المسيطرة في الكويت، حيث يقدر أنها تستأثر حالياً بأكثر من 07% من إجمالي الانفاق الإعلاني، بينما تقل حصة المجلات من الانفاق الإعلاني عن 01%. ويستأثر التلفزيون المحلي يما نسبته 5% من السوق. ومن المتوقع أن يحقق الانفاق الإعلاني في قطاعي الانترنت والإعلانات الخارجية نمواً بدوره.

ومن المتوقع أن تتواصل سيطرة الصحف على السوق الإعلاني في الكويت بعد تقديم أكثر من 100 طلب لتراخيص جديدة. وسيعزز بروز صحف جديدة مدعومة من شركات إعلامية لها وزنها سيعزز من سيطرة قطاع الصحف أكثر فأكثر على الانفاق الإعلاني هناك. وسينمو التلفزيون ولكن من قاعدة صغيرة نسبياً، مدفوعاً بدخول قنوات جديدة خاصة مثل تلفزيون الرأي (من مجموعة الرأي الإعلامية، الناشرة للرأي العام) في السوق الكويتية في المستقبل القريب. ولا بد أن تركز القنوات الخاصة استقطاب الدخل الإعلاني لضمان استمراريتها مما سينمي إيرادات الإعلانات التلفزيونية.

المملكة العربية السعودية

يبلغ عدد سكان السعودية 42 مليون بناتج محلي يبلغ 463 مليار دولار، وبنمو اسمي يقارب 71%. ويتوقع أن تنمو إيرادات الإعلان بنسبة 9% سنوياً.

وتعد الصحف أكثر الوسائل الإعلامية هيمنة على الانفاق الإعلاني مستأثرة بنسبة 77% منه ويتوقع لها أن تحافظ الصحف على ذلك. ويستأثر التلفزيون المحلي بنسبة 7% من الإنفاق الإعلاني، ولا يتوقع نموه كثيرا، لوجود منافسة كبيرة من محطات تلفزيونية يغطي بثها العالم العربي بأكمله وتستهدف السوق السعودي، وكذلك من المنافسة المتنامية من قطاع الإذاعة. ويقوم المعلنون بتطوير حملات خاصة تبث عبر القنوات التلفزيونية مثل مجموعة ‘’إم بي سي’’ و’’روتانا’’ لاستهداف السوق السعودية التي تمثل السوق الأضخم في المنطقة من حيث حجم عدد السكان والقوة الشرائية.

وقد كانت حصة الإذاعة من الانفاق الإعلاني في السعودية صغيرة جداً مع وجود لاعبين رئيسين، هما خدمة البث الإذاعية السعودية الحكومية وإذاعة ‘’إم بي سي إف إم’’ الخاصة. ويتوقع لنمو هذا القطاع أن يكون متوسطاً، وستظل حصته جزءاً محدوداً من الانفاق الإعلاني. ويتوقع للإعلانات الخارجية أن تنمو بقوة باستمرار نمو الاقتصاد، وازدهار القطاع العقاري.

وستنمو الإعلانات عبر الانترنت انطلاقاً من قاعدة مازالت صغيرة جداً ومع تصاعد الاستثمارات في البنية التحتية لخدمات الانترنت عريضة النطاق، إلا أن القيود على المحتوى قد تحد من ذلك. وأعلنت السعودية حديثاً عن نيتها في زيادة معدلات انتشار خدمات الانترنت عريضة النطاق إلى ما لا يقل عن عشرة أمثال مستواها الحالي الذي يقل عن 2% بحيث تصل إلى 51% في فترة التوقع.

الإمارات العربية المتحدة

يبلغ عدد سكان الإمارات 5 ملايين نسمة، بناتج محلي يبلغ 771 مليار دولار، محققاً نمواً اسميا يقارب 03%. ومن المتوقع أن تنمو إيرادات الإعلان بنسبة 41% سنوياً.

وسوق الإمارات للإعلام المطبوع متطورة جداً، حيث تهيمن الصحف على الإعلانات. ويتوقع أن يحقق النمو الاقتصادي القوي والبيئة الإعلانية المتطورة إنفاقاً إعلانيا بنمو 41% سنوياً. ويتوقع لحصة الصحف ونسبتها الإعلانية 37% أن تتراجع إلى 07%، للمنافسة المتنامية من الإعلان على الانترنت والإعلانات الخارجية. غير أن الإعلان في الصحف اليومية المجانية سيساعد قطاع الصحف في الحفاظ على مركزه كقناة مهيمنة على الانفاق الإعلاني.

وستنمو حصة المجلات أيضاً منطلقة من قاعدة صغيرة مقارنة بالصحف. وإضافة إلى المجلات الرياضية التي توفر تغطية أكثر عمقاً مما توفره الأقسام الرياضية في الصحف، فإن المجلات المعنية بالقضايا العائلية أو أخبار المشاهير ستواصل استقطاب حصة جيدة من الإيرادات.

ومن المتوقع أن تسجل محطات التلفزيون المحلية تراجعاً في مواجهة المنافسة من وسائل الإعلام الشبكية إلى جانب المنافسة المستمرة من المحطات الفضائية التي يغطي بثها العالم العربي بأكمله، والتي تحظى الإمارات بحصة وافرة منها مثل تلفزيون دبي، تلفزيون أبو ظبي، ذا ون، دبي الرياضية وسواها.

تتمتع الإمارات العربية المتحدة حالياً بمعدل انتشار عال نسبياً لخدمة الانترنت عريضة النطاق (يقدر بنسبة 82% من المنازل). مما يضع الإمارات في طليعة الإعلان الشبكي على مستوى المنطقة، على رغم ان هذا القطاع الإعلاني يمثل حصة صغيرة من إجمالي الانفاق الإعلاني.

الوسائل الإعلامية التي تغطي العالم العربي بأكمله (بان أراب)

تتعلق الإعلانات الخاصة بالوسائل الإعلامية التي تغطي العالم العربي بأكمله بمحطات البث التلفزيونية الفضائية لكنها تشمل أيضاً وسائل الإعلام المطبوعة والإذاعات الفضائية والانترنت. وتحقق إيرادات الإعلان معدل نمو سنوي 61% على مدى الفترة التي تشملها التوقعات ضمن التقرير.

يشير التقرير أن تأثير محطات التلفزيون الفضائية في المنطقة كان مذهلاً. فمنذ استقبلت البلدان العربية صور حرب الخليج الأولى في العام 1991 من ‘’سي إن إن’’، حدث تغير كبير في طريقة استقبال هؤلاء المشاهدين في المنطقة العربية للأخبار والمحتوى الإعلامي. وقد أدركت الحكومات ومستثمري القطاع الخاص منذ العام 5991 ما ينطوي عليه هذا القطاع من إمكانات وتم تبعاً لذلك إطلاق الكثير من المحطات الإخبارية والترفيهية التي تغطي العالم العربي بأكمله.

من المتوقع أن تواصل الإيرادات الإعلانية للمحطات التلفزيونية الفضائية نموها القوي انعكاساً لنمو السوق نفسه وكذلك نتيجة حصولها على حصص سوقية من وسائل إعلامية أخرى، خصوصاً قنوات البث المحلية. وقد تميز نمو هذا القطاع بالضخامة، ويقدر بأن هناك الآن ما يزيد على 005 محطة تلفزيونية تغطي العالم العربي بأكمله، وتعتبر المحطات المشهورة منها مألوفة في كافة المنازل عبر المنطقة.

واليوم، توفر المحطات التلفزيونية الفضائية التي تغطي العالم العربي بأكمله قناة إعلانية فعالة تصل إلى ملايين المستهلكين العرب داخل المنطقة وخارجها. وحسب التقديرات، فإن المحطات التلفزيونية الفضائية تحقق ما يقارب 88% من سوق الإعلان في الوسائل الإعلامية التي تغطي العالم العربي بأكمله.

ويخلص التقرير إلى القول بأنه من المرجح أن ينمو الإعلان في الصحف التي تغطي العالم العربي بأكمله مثل الشرق الأوسط والحياة في الفترة التي تشملها التوقعات ضمن التقرير، إلا أن معدل النمو سيكون أقل كثيراً من المعدلات المسجلة في المحطات التلفزيونية الفضائية. كما ستحقق النسخ الإلكترونية من الصحف وكذلك الصحف التي تنشر منها على الانترنت فقط مثل إيلاف، أعلى معدلات للنمو في الفترة التي تشملها التوقعات ضمن التقرير على رغم أن نموها المتوقع سينطلق من قاعدة صغيرة جداً.

و كل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا و دون تعليق.

المصدر: الوقت البحرينية-12-5-2007