المحاكم الجعفرية بالمملكة العربية السعودية ومعاناة نصف قرن

 

 حسن السادة

 

تضاربت الأنباء حول إقالة قاضي محكمة القطيف الحالي الشيخ سليمان أبو المكارم ، والذي جاء تعيينه على خلفية إقالة سماحة الشيخ غالب الحماد مؤخراً ، ففي حين أفادت بعض المصادر الاعلامية بأنه تم تعيين سماحة الشيخ محمد العبيدان كقاضي لمحكمة الأوقاف والمواريث الجعفرية بالقطيف وعزل الشيخ سلمان أبو المكارم عن منصبه ، أفادت مصادر أخرى من بينها صحيفة الحياة في عددها الصادر يوم الجمعة 12 شوال 1427هـ برقم 15918 في تقرير أورده الكاتب الصحفي منير النمر بأن وزارة العدل السعودية بصدد تعيين سماحة الشيخ العبيدان كـ "قاض مساعد" ليعمل جنباً إلى جنب مع القاضي الحالي الشيخ أبو المكارم . ولم يتساءل التقرير عمن سيرأس المحكمة ، وما إذا كان قرار تعيين الشيخ العبيدان يعني بصورة تلقائية ترقية الشيخ سليمان ابوالمكارم كقاض أول للمحكمة.

ورغم تردد بعض المعلومات في الوسط العام والتي تفيد بأن النية تتجه لتكليف الشيخ ابوالمكارم قاضي أول للمحكمة والشيخ العبيدان قاضي مساعد في الشؤون الشرعية للمحكمة ، إلاَّ أن هذه المعلومات لم تتأكد بعد.

هذا التضارب في الأنباء سيترك الباب مفتوحاً أمام كل التوقعات حول مستقبل المحكمة وصلاحياتها في تنظيم مسائل الأحوال الشخصية والمواريث هذا إلى جانب مصير الأوقاف العامة والتي قدرت بنحو ثلاثة مليارات ريال وفق دراسة نسبتها صحيفة الحياة للشيخ سليمان أبوالمكارم القاضي الحالي للمحكمة. وتأتي هذه التطورات بعد مرور أقل من شهرين من إقالة سماحة الشيخ غالب آل حماد بعد رفضه القبول بتقليص صلاحيات المحكمة وتنفيذ بعض القرارات التي اعتبرها مجحفة في حق المحكمة الجعفرية والتي من بينها الغاء المحكمة والحاقها بالمحكمة الكبرى واعتبارها دائرة فرعية تابعة لها وتحويل ادارة الأوقاف وماليتها إلى وزارة العدل مباشرة.

جهود الاصلاح .. لم تأتي بالنتائج المطلوبة .. والسبب هم ونحن

رغم الجهود الكبيرة التي بُذلت من قبل علماء ووجهاء المنطقة من القطيف والأحساء وعلى مدى الأشهر الأربعة الماضية لإصلاح لوائح المحكمة بما ينسجم والصالح العام ورغم الوعود التي قطعت من المسؤولين بهذا الشأن إلاَّ أن النتائج فيما يبدو لاتبشر بنهاية المشكلة ، وأن مارشح من أنباء عن حلول واجراءات شكلية لايرقى الى مستوى هذه المشكلة .

وقد تشكل لهذه المهمة وفدين الأول من منطقة القطيف والآخر من منطقة الأحساء باعتبار أن المشكلة هي مشكلة عامة وأن الضرر واقع على القضاء الجعفري سواءاً في القطيف أو الأحساء.

وقد كان لوفد علماء ووجهاء منطقة القطيف والذي كان له دوراً رئيسياً في معالجة ملف القضاء موقفه ورؤيته الواضحه من أن المشكلة ليست في تعيين قاضٍ للمحكمة ، وإنما في تغيير اللوائح ومستوى الصلاحيات بما يتناسب ومتطلبات الادارة الحديثة ومأسسة عمل المحكمة ، وبما ينسجم والخصوصيات الدينية والشرعية للمذهب الجعفري الاثنى عشري سواءاً على مستوى الأوقاف أو فيما يتعلق بقضايا الأحوال الشخصية وقضايا الأنكحة والطلاق وتنظيم الولاية على القصر، على أن يأتي تعيين قاضي المحكمة في سياق هذا التعديل وهذه المعطيات.

وقد نقل أعضاء الوفد رؤيتهم هذه لوزير العدل الدكتور عبد الله بن محمد آل الشيخ ، وبدت هذه الرؤية محل اتفاق مع معاليه وذلك بعد أكثر من زيارة قام بها الوفد لمكتبه في الوزارة. وكان أن وعد معالي الوزير الوفد لاحقاً بقبوله النظر في هذه المطالب وتذليل المصاعب بهذا الشأن ، ليختتم الوفد جهوده بزيارة قام بها للعاهل السعودي الملك عبد الله  لابداء الشكر. ولكن بعد مرور شهر واحد تبددت الوعود وفوجئ الجميع بابقاء المشكلة على ماهي عليه والاكتفاء بتعيين أحد المرشحين كـ "قاض مساعد" ومن دون صلاحيات مثله مثل سابقه.

وقد عزا بعض أعضاء وفد القطيف سبب فشل هذه الجهود إلى اصرار وزارة العدل في المضي في تنفيذ اللوائح وتجاهل الاضرار التي ستلحق بشريحة كبيرة من المواطنين عانت في السنوات الماضية وستزداد هذه المعاناة وستزداد تفاقماً . كما أشار هؤلاء الأعضاء إلى أن إنفراد بعض أعضاء الوفد في اتخاذ بعض القرارات ولاسيما مرشحي القضاء أسهم وبشكل كبير في إضعاف مطالب الوفد بشكل عام .

محكمة القطيف.. تطوير أم تفريط

وفي هذا السياق ، أورد الكاتب منير النمر في تقريره المشار إليه أعلاه تعليقاً نسبه لشبان مقبلون على الزواج أن حال المحكمة "تغير نحو الأحسن في شكل ملحوظ " وبخاصة فيما يخص تقليص الاجراءات الادارية التي كانت سائدة خلال السنوات الماضية ، في إشارة منه إلى دور الشيخ أبوالمكارم في توزيع عدد من الاستمارات الخاصة بالمأذون الشرعي وتوسيع دائرة من يحق لهم إجراء عقد النكاح الشرعي في مدن المحافظة وقراها كافة مشيراً إلى أن هذه الاجراءات التي اضطلع بها الشيخ أبوالمكارم خففت على الشبان المقبلين على الزواج والذين كانوا يضطرون إلى الانتظار لنحو اسبوع من أجل انهاء اجراءات العقد الشرعي الذي يفسح المجال لهم للجلوس مع الخطيبة ، حسب تعبيره.

فيما اختلف البعض الآخر حول هذا التوسع معتبرين اياه ايجابيا في ذاته مع تحفظهم من أن الكيفية التي تم على أساسها توزيع الاستمارات من شأنه أن يرفع عدد حالات الطلاق والتي باتت منطقة القطيف تعاني منها في السنوات الأخيرة وفق بعض الدراسات والتي اشارت إلى أن نسبة الطلاق في تصاعد مخيف. هذا مع ملاحظة بروز ظاهرة جديدة في المنطقة تمثلت في الاسترزاق من وراء قضايا الطلاق لدرجة أن بعض المأذونين أصبحوا يختلقون بعض الحيل لتمرير بعض قضايا الطلاق بعيدا عن المحكمة الجعفرية ودون مراعاة الشروط الشرعية التي يختلف فيها المذهب الشيعي عن غيره من المذاهب.

إلاَّ أن هذا الرأي جوبه برأيٍ آخر مخالف تماماً يفيد بأن مايجري هو تفريط اداري واضعاف لسلطة المحكمة كما وأبدوا تخوفهم من أن تدار الأوقاف بنفس الاسلوب التي يدير به الشيخ سليمان أبوالمكارم شؤون الأنكحة والتزويج والتطليق. ويضيف هؤلاء أن اللوائح الجديدة ، والتي كانت محل رفض الكثير من علماء المنطقة وعلى رأسهم قاضيا المحكمة السابقين الشيخ عبدالله الخنيزي والشيخ غالب آل حماد والتي كانت سبباً في اقالة الأخير ، قد تسهم ، في ظل هذا الوضع الاداري والتفريط فيما تبقى من صلاحيات، في زيادة مشاكل التلاعب أكثر من أي وقت مضى وذلك في الكثير من الامور المتعلقة بالعلاقات الزوجية والاجتماعية وحالات الطلاق وقضايا ذات علاقة كالمواريث ورعاية القصر .

وإزاء هذه الآراء المختلفة والمتباينة بشأن معالجة وضع المحكمة الجعفرية وضرورة التطوير الادراي المبني على أسس علمية متوازنة ودقيقة تأخذ في الاعتبار الصالح العام للمجتمع، فإن أصحاب الرأي السديد والمؤثر في الوسط الإجتماعي والرسمي مدعوون لعدم التخلي عن دورهم في أن لا تتطور الأمور لتنحى منحى يأخذ بالمجتمع إلى التخبط وتحمل خسائر اجتماعية أكبر .

تجدر الاشارة هنا إلى أنه وبحسب إحدى الدراسات التي نشرتها نشرة قطاف التي تصدرها جمعية القطيف الخيرية فإن حالات الزواج والطلاق المسجلة في محكمة القطيف في عام 1423 هـ كانت 2627 زيجة و320 حالة طلاق، وفي عام 1424 هـ 2882 زيجة و319 حالة طلاق ، وفي عام 1425 هـ 2638 زيجة و347 طلاق ، أي أن معدل الطلاق لحالات الزواج تجاوز الـ 12% سنوياً .

المحكمة الجعفرية ... 45 عاماً في صراع من أجل البقاء

يبدو أن مشكلة تقليص الصلاحيات من المحكمة الجعفرية ليست وليدة السنوات الأخيرة ، ففي شوال عام 1382هـ (1962) وجه علماء ووجهاء الطائفة خطاباً إلى النائب الثاني لجلالة الملك فيصل آنذاك صاحب السمو الملكي الامير فهد بن عبدالعزيز. وكان من أبرز الموقعين على هذا الخطاب رئيس المحكمة الجعفرية آنذاك الشيخ محمد صالح المبارك والشيخ فرج العمران ، والشيخ حسين البريكي ، والشيخ أحمد منصور آل سيف ، والشيخ محمد علي بن حسين الخنيزي ، والوجيه حسن الجشي ، والوجيه منصور نصر الله ، والوجيه مبارك ابوالسعود ، والوجيه محمد سعيد الجشي ، والوجيه حسن علي المرزوق ، والوجيه عبدالله القطري.

وكان من بين مطالبهم "منح القضاء الجعفري كامل الحقوق واعتبار صكوك قضاة الشيعة واجراء التسجيل عليها" . وقد ورد في الخطاب أيضاً بأنه "لامعنى لتخصيص قاض للشيعة ، في الوقت الذي ترفض صكوكه لدى كاتب العدل أو المحاكم الشرعية حال حدوث النزاع بين المتخاصمين". كما أسف العلماء والوجهاء في خطابهم إلى تحول مطالبهم " من رجوات لتحقيق الاصلاح إلى رجاء الاعتراف (بالشيعة) كجماعة مسلمة يظللها علم الدولة، لهم ما لاخوانهم من السنة من الكرامة ، ويطلبون الابقاء على وجودهم وكيانهم باحترام صكوكهم وأوقافهم وقضاتهم وقبول شهادتهم ودخول كتبهم ومساواتهم مع المسلمين الآخرين ، إذ أن الجميع سواسية أمام الله والحق والعدالة والوطن للجميع"

لائحة تنظيم القضاء الأولى .. تكريس للمشكلة وتشكيك في اسلام الشيعة

وفي عام 1395هـ (1975م) وجه جمع من علماء الشيعة برقية إلى ولي العهد آنذاك صاحب السمو الملكي الامير فهد بن عبدالعزيز وكان من بين الموقعين على هذا الرسالة سماحة الشيخ المرحوم عبدالحميد الخطي ، وسماحة الشيخ سعيد الشيخ علي أبوالمكارم (عم القاضي الحالي) والسيدين حسن وحسين العوامي والوجيه المرحوم عبدالله بن حسين المطوع.

وقد تضمنت هذه الرسالة احتجاجاً صريحاً على سلب القضاء الشيعي صلاحياته عبر اصدار لائحة تنظيم القضاء التي تنص على عدم نفاذ صكوك قضاة الشيعة وعدم مصادقة المحاكم الشرعية على الصكوك الصادرة من قاضي المحكمة الجعفرية "مالم تتعارض والعقيدة الاسلامية" (أي عقيدة أهل السنة والجماعة) بل وتعطيل هذه الصكوك والحجر عليها.

وجاء في هذه الرسالة " لقد دخل مؤسس هذه الدولة والدكم جلالة الملك عبدالعزيز البلاد بترحيب من أهلها ، وهو يعرف أنهم شيعة ، وأعطى لهم ضمان الحرية المذهبية" ، مبينين أن "الشيعة ترى صحة الوقف على الرسول وآله ، لإقامة ذكرى مواليدهم ووفياتهم" الأمر الذي يختلف معهم فيه أهل السنة.

وقد طلب الموقعون من سموه في ختام رسالتهم "التكرم بالغاء اللائحة جملة وتفصيلاً" وإعادة الحقوق القضائية الجعفرية كما كانت سابقاً.

مجلس القضاء الأعلى يحكم الطوق على عنق المحكمة الجعفرية

يبدو أن مطلب النظر في اللائحة الجديدة لم يرق لهيئة مجلس القضاء الأعلى فكان الرد سريعاً وقاس جداً . ففي 21/12/1395هـ تحديداً قررت الهيئة في قرارها رقم 374 وضع اللائحة موضع التنفيذ متجاهلة الاضرار التي ستنعكس على مصالح المواطنين الشيعة جراء هذه اللائحة. وإثر هذا القرار وجه جمع من المواطنين في مقدمهم سماحة الشيخ عبدالحميد الخطي و سماحة الشيخ فرج العمران خطاباً مقتضباً لسمو وزير الداخلية عبروا فيه عن أسفهم من هذا القرار وأعربوا عن قلقهم من أن هذا القرار من شأنه أن يقضي على الرمق الأخير من القضاء وتفريغه من صلاحيته . وأكد الخطاب على أن هذه اللائحة تعد سابقة وأنها وللأسف الشديد غمزت في عقيدة الطائفة الشيعية وأن القصد من وضعها الإضرار بالطائفة وابطال صكوك معتمدة يمتد عمرها إلى أكثر من 63 عاما كانت قد حضيت بضمان مؤسس المملكة جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود .

وختم الموقعون خطابهم بتجديد الأمل في سمو وزير الداخلية آنذاك وجاء في هذه الخاتمة "أننا لن نيأس ولم يمت فينا الأمل من أن ننصف وتعاد الينا حقوقنا وترد كرامتنا". وبعد انتظار شهرين رفع الموقعين لهذا الخطاب شكواهم إلى ولي العهد بهذا الصدد وطلبوا من سمو وزير الداخلية الوقوف إلى جانبهم ومساندتهم في هذا المطلب.

صكوك ملكية باطلة والأراضي المنتزعة بلاتعويض والسبب اللائحة

وفي عام 1406هـ وبالرغم من مرور أكثر من 11 عاماً على مشكلة سلب الصلاحيات وما نشأ عنها من مشاكل إلاَّ أن الخيرين من أبناء هذا البلد لم ييأسوا ، ليبادروا من جديد إلى مخاطبة الامير الشاب والذي عين حديثاً صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد اميراً للمنطقة الشرقية ، وقد تضمن هذا الخطاب شرحاً مفصلاً لهذه المشاكل ذكروا في مقدمها مشكلة سلب صلاحية محمكمة الأوقاف والمواريث ، واضيف اليها مشكلة سلب صلاحية النظر في بعض قضايا العلاقات الزوجية . كما أحاط الخطاب سمو الأمير بمشكلة عدم اعتراف المحاكم وكتاب العدل والدوائر الأخرى بحجج الاستحكام القديمة الصادرة عن القضاء الشيعي.

وقد اتضح من الخطاب أن نتائج اللائحة الوخيمة التي توقعها علماء ووجهاء المنطقة قبل أكثر من 45 سنة والتي بسببها خاطبوا المسؤولين آنذاك بدت جلية في الثمانينات ميلادية . وكان من بين ماجاء في الخطاب بأنه ونتيجة لعدم نفاذ صكوك القضاء الشيعية القديمة فقد تعطلت شؤون المواطنين ولم تعد صكوك الأوقاف الشيعية معترف بها ، وقدم تسبب هذا الأمر في حرمان المواطنين من التعويضات المالية جراء انتزاع ملكيات أراضيهم لصالح البلديات أو إدارة الطرق والمواصلات.

وفي ختام الخطاب طلب الموقعون من سمو الأمير التدخل السريع لحل هذه المشكلة واعتماد الصكوك السابقة واللاحقة وحصر دعاوى الوقف والميراث والأحوال الشخصية بمحكمة الأوقاف والمواريث الجعفرية في كل من القطيف والأحساء ومنحها إصدار حجج الاستحكام .

لائحة تنظيم القضاء الثانية .. تكريس للمشكلة وإلغاء المحكمة الجعفرية وتحويلها دائرة تابعة للمحكمة العليا

بعد رحيل قاضي المحكمة الجعفرية بالأحساء سماحة الشيخ محمد الهاجري (رحمه الله) وقاضي المحكمة الجعفرية بالقطيف سماحة الشيخ عبدالحميد الخطي (رحمه الله) في فترة السنوات الخمس سنوات الماضية ، طرحت وزارة العدل السعودية تعديلاً جديداً على لائحة القضاء التي كانت محل تظلم أصلاً ، وجاءت التعديلات لتدق المسمار الأخير في نعش القضاء الجعفري في المملكة . وقد كان لعلماء الطائفة موقفاً صريحاً من هذه اللوائح ، وتشكلت لجنة من الأحساء ولجنة أخرى من القطيف لمتابعة هذه القضية ولثني المسؤولين عن اصدار هذه اللوائح مالم تأخذ في الاعتبار مصلحة المواطنين دون تمييز.

وفي تطور مفاجئ أصدر وزير العدل السعودي ، في بداية العام الحالي تقريباً ، قراراً يقضي بتعيين الشيخ سليمان أبوالمكارم "قاض مساعد" في محكمة القطيف دون الرجوع إلى علماء المنطقة أو حتى إلى قاضي المحكمة ذاته في سابقة تعد الأولى ، إذ كان من المعمول به سابقاً الرجوع إلى علماء المنطقة والسؤال عن سيرتهم العلمية والحوزوية واستشارتهم في الشخصيات المقترحة لارتقاء منصب القضاء الجعفري. وقد لقي هذا القرار معارضة وممانعة من قاضي المحكمة الجعفرية بالقطيف سماحة الشيخ غالب آل حماد وبقي القرار معلقاً لعدة شهور لينتهي الأمر بإزاحة الشيخ آل حماد من منصبه وتكليف القاضي المساعد "أبوالمكارم" لإدارة شؤون المحكمة بعد رفض الأول لقرار الوزارة.

المحكمة بدون مقر مناسب .. ومعوقات ادارية لأكثر من 45 سنة في الانتظار

قبل أكثر من 45 سنة وتحديدا في عام 1380هـ (1960م) وجه مواطنون من منطقة القطيف خطاباً مفصلاً إلى صاحب السمو الملكي الامير طلال بن عبدالعزيز آل سعود شرحوا فيه المشاكل التي يعانيها المواطنون الشيعة وكان من بينها تزويد المحكمة بموظفين ومقر مناسب.

ورغم مرور سنوات عديدة إلاَّ أن المطلب بقي يتردد دون أن يجد طريقه للحل ... فقد أرسل قاضي المحكمة الجعفرية بالقطيف الشيخ عبدالحميد الخطي رحمه الله خطاباً آخر لصاحب السمو الملكي أمير المنطقة الشرقية خصص منها نسخة لوزير الداخلية شكى من خلالها المشاكل والمعوقات الادارية التي تمر بها المحكمة الجعفرية وإقتصار المحكمة على قاض واحد هذا إلى جانب افتقار المحكمة إلى المقر المناسب اسوة بالأجهزة الحكومية الأخرى. وختم سماحته رحمه الله خطابه هذا بقوله "ليس بإمكان القاضي الاستمرار في عمله بنفسه ليكون هو القاضي وهو المسجل وكاتب الضبط والمحرر ومخرج الصكوك والمودع ايضاً" مؤكداً بأن ذلك لايرضي المسؤلين أبداً ..

وقد جدد سماحة الشيخ غالب آل حماد قبل اقالته طرح هذه المشكلة على المسؤولين .. ولكن المشكلة لاتزال كما هي حتى الآن.

أما في الاحساء ، فبعد أن يأس قضاة المحكمة هناك من أن ينظر لمطالبهم فيما يتعلق بتوظيف عدة قضاة وموظفين بما يتناسب والتوسع العمراني والنمو السكاني الذي شهدته منطقة الأحساء وتطوير ادارة المحكمة ، وبعد طول انتظار بادر قاضي المحكمة سماحة الشيخ محمد الهاجري رحمه الله بتشكيل لجان تطوعية تضم مجموعة من العلماء والكوادر الادراية وتأسيس لجان قضائية مختلفة تعنى بالأوقاف وأخرى بالأنكحة وأخرى بمشاكل الطلاق واصلاح ذات البين الى جانب لجان تعنى بباقي الشؤون المتعلقة بعمل المحكمة . إلاَّ هذه الخطوة لم تدم طويلا . فقد أشارت بعض المصادر أنه بعد رحيل الشيخ الهاجري بمدة أفيدت المحكمة من قبل وزارة العدل بضرورة الغاء هذه اللجان بحجة عدم قانونيتها وأن لاحاجة لها في خطوة منها لاجبار قاضي المحكمة على تنفيذ اللائحة الجديدة وسلب ماتبقى من صلاحيات تمهيداً لتحويلها إلى دائرة تابعة لمحكمة الأحساء الكبرى مثلها مثل محكمة القطيف !!

ألم يحن الوقت للمحاكم الجعفرية أن تأخذ طريقها بالإتجاه الصحيح

بعد عناء تحدثت عنه وثائق فاق عمرها أكثر من 45 عاماً ، وبعد الاضرار التي لحقت بالأوقاف الشيعية والتي تقدر فقط في منطقة القطيف بحوالي 60% من مجموع حقول المنطقة ، ألا يحق لنا أن نطالب بشئ من الانصاف ؟ ألم يحن الوقت للمحاكم الجعفرية أن تأخذ طريقها بالإتجاه الصحيح ؟

و كل ذلك بحسب رأي الكاتب في المصدر المذكور نصاً و دون تعليق.

المصدر:الحرية و الحقيقة-20-11-2006