وكالة "داربا" العقل المدبر وراء تكنولوجيا الدفاع الأمريكية

 

 

 

وكالة داربا DARPA (The Defense Advance Research Projects Agency) هي إحدى الوكالات التي تتبع وزارة الدفاع الأمريكية، وهي مسئوله عن تطوير التكنولوجيا المستخدمة في الأغراض العسكرية، وقد مولت الوكالة عدادا كبيرا من المشروعات التكنولوجية والتقنيات الحديثة التي تلعب دورا حيويا على المستوى العالمي وتخدم الإنسانية. ومن أهم مشروعات الوكالة مشروع الشبكة الإلكترونية التي بدأت بمشروع الأربانيت ARPANET  ثم تطور بعد ذلك ليصبح أسمه الإنترنت Internet)) وهي   الإختراع الذي أذهل البشرية)، كما ساهمت في تمويل مشروع NLS أو نظام العرض الفوري online system الذي يعد أول استخدام عملي لروابط الشبكة التشعبية hypertext links  وبرامج العرض الإلكتروني مثل برنامج power point. بلغت ميزانية الوكالة السنوية عام 2005 مبلغ 3.084 بليون دولار.

أصبحت داربا مثار اهتمام جميع وسائل الإعلام الأمريكية، منذ إطلاقها مشروعي مكتب التوعية المعلوماتية Information Awareness Office (IAO) ، ومشروع مناطق المعارك التي ترى Combat Zones That See (CTS حيث يرى المحللون وجمعيات احترام الحريات المدنية أن هذه المشروعات تعد انتهاكا للحريات الشخصية والمدنية، ويدور الجدل حول أهداف داربا بين جميع التيارات السياسية اليمينية واليسارية، والتي ترى فيها تجسيداً واقعياً لرواية جورج أورويل George Orwell  المشهورة -" 1984 " – التي يتخيل فيها الكاتب الإنجليزي وضع العالم بأسره تحت المراقبة الصارمة.

وقد كان الاسم الأصلي للوكالة هو أربا ARPA -Advanced Research Projects Agency - ولكن تم تغيره وإضافة كلمت for defense في 23 مارس 1972 ثم تم استخدام الاسم الأصلي ARPA مرة ثانية ًفي 22 فبراير 1993 ثم أصبح اسم الوكالة هو DARPA مره ثانية في 11 مارس 1996 لتظل بنفس الاسم حتى يومنا هذا.

المهام الحالية للوكالة

تلعب داربا دورا محوريا في توفير الاحتياجات التكنولوجية الآنية والمستقبلية لوزارة الدفاع الأمريكية فهي الوكالة المتطورة التي تستشرف الاحتياجات المستقبلية للقائد العسكري وتعمل على جعلها حقيقة، وكانت الوكالة سببا في تطوير التكنولوجيا العسكرية في القرن العشرين مثل الرادار والطائرات النفاثة ونظام التعقب العالمي  (global positioning system) (GPS) وكذلك الإنترنت، فهي لا توفر الاختيارات للقائد العسكري فقط بل تغير المفاهيم بخصوص ما يمكن تطبيقه من التكنولوجيا العسكرية المتاحة والمستقبلية.

وكالة داربا والشرق الأوسط

منذ ثلاث سنوات أراد البنتاجون عمل سوق إليكترونية مستقبلية بناءا على الوضع الاقتصادي والسياسي المستقبلي لدول الأردن وإيران والعراق وإسرائيل والمملكة العربية السعودية وسوريا وتركيا، كذلك تسجيل آثار التدخل الأمريكي في تلك الدول على الأوضاع الاقتصادي وكان من المفترض إدارة هذا المشروع من قبل وكالة داربا وطلبت تمويلا قدره ثلاثة بلايين دولار، واعترض على المشروع كل من السيناتور بيرون دورجان -Byron Dorgan- ديموقراطي من ولاية نورث داكوتا North Dakota و السيناتور رون ويدن Ron Wyden وهو ديمقراطي أيضاً تحت دعوى أن هذا المشروع يتعارض مع الأخلاق.

ويدافع مسئولي داربا عن المشروع قائلين: "إن هذا المشروع يعتبر وسيله خلاقه ومبدعة لاستغلال اليد الخفية للسوق في توقع أو منع الأحداث الإرهابية في الشرق الأوسط"، وقد تم إلغاء هذا المشروع في التاسع والعشرين من شهر يوليو عام 2003. والمشروع المقترح كان يتبع إدارة أبحاث التنبؤ بواسطة السوق المستقبلية Future Markets Applied to Prediction -أحد أقسام وكالة داربا، ويعمل لدى الوكالة حوالي 240 موظف منهم 140 من الفنيين.

تاريخ الوكالة

تأسست داربا في فبراير 1958بموجب القانون العام رقم 85325 وبناءا لتوجيهات وزارة الدفاع الأمريكية. وتم إنشاء الوكالة كرد فعل لإطلاق القمر الصناعي السوفيتي سبوتنيك sputnik  الذي يعد أول قمر صناعي للتجسس الذي أخذ مداره في 4 أكتوبر 1957 إبان أوج الحرب الباردة مما أذهل وفاجأ الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا، ودفع القوتين العظميين الإتحاد السوفيتي منذ ذلك الوقت إلى حلبة سباق تكنولوجيا الفضاء، كما كانت هناك حاجه إلى هيئه تابعه لوزارة الدفاع تعتني بالتقنيات الحديثة بخلاف الاستعمالات العسكرية. وطورت داربا العديد من المشروعات العلمية التي تلبي جميع الاحتياجات التكنولوجية الدفاعية، ففي الفترة من 1958 إلى 1965 ركزت داربا على مشروعات قوميه مثل أبحاث الفضاء والصواريخ الباليستية والأبحاث النووية. وفي عام 1960 انتقلت إدارة المشاريع العلمية والمدنية إلى وكالة ناسا NASA، بينما ركزت داربا على النواحي الدفاعية مثل مشروع ديفندر defender  المختص بتقنيات الدفاع ضد الصواريخ الباليستيه ومشروع أجيل agile  المختص بصد هجوم عمليات حرب العصابات، وتمخض عن ذلك بعض التقنيات الحديثة مثل أجهزة الاستشعار بالأشعة تحت الحمراء وأجهزة التعقب والتتبع بأشعة x وجاما وجميع أجهزة المراقبة المتقدمة. وفي عام 1960 انتقلت إدارة هذه المشاريع إلى إدارة الخدمات العسكرية services  فركزت داربا جهودها في أوائل السبعينيات على مشاريع الطاقة ومعالجة المعلومات والتقنيات التكتيكية، ففي مجال المعلومات اخترعت داربا Arpanet  الذي كان نواة الإنترنت الحالية، والوسائط السريعة hyper media  التي تطورت إلى ما يعرف بتكنولوجيا إظهار العالم الرقمي أو virtual reality، وفي الفترة من عام 1976 إلى 1981 اتجهت داربا إلى تطوير تكنولوجيا الدفاع الجوي والبري والبحري وأبحاث الفضاء ونتج عن ذلك بعض المشاريع العسكرية الإستراتيجية مثل الأسلحة المضادة للدروع والدروع التكتيكية والأسلحة المضادة للغواصات وأجهزة الاستشعار بالأشعة تحت الحمراء والطائرات الحديثة.

وفي فترة الثمانينيات ركزت داربا أبحاثها على تكنولوجيا المعلومات والشبكات الإلكترونية واستطاعت أن تقوي علاقاتها مع الجامعات عقب حرب فيتنام، كما سلكت اتجاها جديدا في مجال تصميم الأقمار الصناعية حيث صنعت أقمارا صناعية صغيره وخفيفة الحجم light sat.

الهيكل التنظيمي لوكالة داربا

تتكون وكالة داربا من ثماني إدارات أو مكاتب، ويرأسهم جميعا المدير العام للوكالة الدكتور انتوني تيثر   . Anthony Tether

1- مكتب التكنولوجيا المتقدمة ( The Advanced Technology Office (ATOويختص بأبحاث الاتصالات والعمليات الخاصة والقيادة والتحكم وتوثيق المعلومات العسكرية والعمليات البحرية.

2- مكتب العلوم الدفاعية  The Defense Sciences Officeويختص بمراجعة جميع الأبحاث العلمية والهندسية في جميع المجالات وتوظيفها في مجال التكنولوجيا العسكرية.

3- مكتب تكنولوجيا المعلومات  The Information Processing Technology Officeويركز على شبكات الاتصال والبرمجيات من أجل التفوق العسكري.

4- مكتب استغلال المعلومات Information Exploitation Office

وهو يطور الأنظمة الاستشعارية التي تستخدم في حرب الفضاء وتحديد الأهداف والقيادة والتحكم وكشف الأسلحة المخبئة تحت الأرض.

5- مكتب تكنولوجيا الأنظمة الدقيقة The Microsystems Technology Office وهو يطور الأنظمة الإلكترونية  للشرائح الصغيرة متغيرة الخواص والمعروفة باسم الأنظمة الميكروإليكترونية الحركية micro electromechanical system (MEMS) وهذا القسم مسئول عن مواجهة أخطار الحرب البيولوجية والجرثومية.

6- مكتب المشاريع الخاصة The Special Projects Office  وهو يعمل على تطوير الأنظمة لكشف المنشآت العسكرية المبنية تحت الأرض، ومخازن الأسلحة وكذلك أسلحة الدمار الشامل.

7- مكتب التكنولوجيا التكتيكية  The Tactical Technology Officeوهو مسئول عن تطوير أبحاث الجو و الفضاء مثل أنظمة التحكم.

8- مكتب أنظمة المعارك الجوية من غير طيار  .The Joint Unmanned Combat Air System

و كل ذلك بحسب المصدر المذكور.

المصدر: تقرير واشنطن-13-5-2006